الخميس، 4 مارس 2010

قرون الاستشعار 9-5-2008

ليس الحال في المال والأعمال كما هو في السياسة ، يصيب مرة ويخيب مرات ، ويعتمد على ديباجات الكلمات المنمقة والشرح المسهب والجمل الفضفاضة التي بالكاد تفهم منها موقفا واضحا واحدا ، والذي كان الرئيس الراحل ياسر عرفات يعرف كيف يدخل دهاليزها و يجيد ركوبها أكثر بكثير من بقية زعماء المنطقة الذين اتضحت مواقفهم وانعكست على شخصياتهم في الرفض او في القبول على حد سواء ، ولهذا اشتهر بشعاره الدبلوماسي "لعم" بدلا من "لا" و"نعم" معا .

وبالطبع ، لم يكن هذا موقف محافظ بيت لحم صلاح التعمري الذي يرأس اللجنة المحلية لمؤتمر الاستثمار والذي سيعقد في بيت لحم 21 أيار الجاري ، حين أجاب على اسئلة الصحفيين انه "لا يعرف" ، الأمر الذي دفعه لدعوة الدكتور حسن ابو لبدة المنسق العام للمؤتمر في لقاء مع الصحفيين الذين أمطروه بالأسئلة والمداخلات والتعليقات .

أبو لبدة ، الذي بدون أدنى شك بذل جهودا جبارة تعجز عنها وزارة مختصة ، يلخص بالأرقام ، كونه تخصص رياضيات ، ما توصل اليه حتى اللحظة :

- 800 مستثمرا عربيا ودوليا ، معظمهم فلسطينييون ، خمسة اسرائيليين ، لا يعرف ان كانوا عربا ام يهودا ، الجزائر هي الدولة الوحيدة التي رفضت ، ونميل ان سوريا أيضا ، ولربما يتوقف الأمر على بضعة دول لا أكثر ولا أقل ، فالآمر ما زال يحتاج الى موافقة اسرائيل اولا وثانيا وعاشرا .

- 1.9 مليار دولار حجم المشاريع التي تم تسجيلها ورصدها وجمعها وطرحها ، وهو مبلغ مهيب ، خاصة إذا ما أضيف اليه المبلغ الذي سترصده حكومة تصريف الأعمال بقيمة 1.6 مليار دولار ، ليصبح المجموع 3.5 مليار دولار ، وهو المبلغ الذي يقل قليلا عن نصف ما قررته الدول المانحة وغير المانحة للشعب الفلسطيني في مؤتمر باريس الاقتصادي والذي لم يصل منه حتى الآن سوى الثمن تقريبا .

- 3 أيام مدة المؤتمر ، اليوم الأول الافتتاح يبدأ مساء ، اليوم الثالث الختام ينتهي الساعة الحادية عشرة صباحا ، واليوم الثاني يوم الذروة وعقد صفقات الاستثمار سيضيع منها ثلاث ساعات على الآقل في الاستراحات وتناول طعام الغداء .

الدكتور ابو لبدة ، تبين أيضا انه "لا يعرف " ليس فقط من باب المستجدات التي ما انفكت تستجد ، أو كلمة اسرائيل الحاسمة إزاء هذه الوفود وتسهيلات وصولهم وتحركهم ، بل إنه لا يعرف كم من الصفقات سيتم ابرامها وبالتالي كمية التكلفة الحقيقية من المبلغ المفترض .

إننا ونحن نتمنى نجاح المؤتمر الاستثماري في بيت لحم ، نشير الى أن أصحاب رؤوس الأموال لا يخطئون كما يفعل الساسة ، فلديهم قرون استشعار تعرف كيف ومتى وأين يكون الاستثمار ، والا لما اصبحت لديهم مثل هذه الآموال .

الناس ايضا في بلادنا أصبح لها قرون استشعارها ، ليس فقط إزاء سياسيينا ، بل ايضا إزاء المستثمرين والتجار والاحتكار الوطني . وغدا لناظره قريب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق