الخميس، 4 مارس 2010

عن محاكمة عمر البشير وايهود اولمرت 6-3-2009

لم تنظر الجماهير العربية ومن ضمنها جماهير الشعب الفلسطيني ، لا في الضفة ولا في القطاع ، الى قضية محاكمة الرئيس السوداني بالكثير من السخط والاستنكار، كما مع حالة الرئيس العراقي صدام حسين ، مع ان اوجه التشابه كثيرة وعديدة ، ومن اهمها الديكتاتورية وقمع الحريات وتوريث الفقر والجوع لجماهير الشعب والاىستئثار بالسلطة حتى آخر يوم في الحياة .

وبالطبع ، فإن اوجه الشبه هذه تنسحب على معظم الانظمة العربية بغض النظر عن التسمية التي يحب كل نظام ان يطلقها على دولته ، وسودان البشير ليست الاستثناء ، مع انه ليس الأسوأ بينها ، لكنه يتقاطع معها بالكثير من مناحي السوء التي تجعله الها على الارض ويتقاسم معه صفة الجلالة ، وعلى جماهيره تقع مهمة تسبيحه وتكبيره ، رغم انه يحرص ان يصلي صلاة الجمعة في المسجد الكبير .

الجماهير العربية التي تعرف اكثر من غيرها ان المحكمة العدلية الدولية لعبة في يد الكبار الذين يحكمون العالم ويتحكمون فيه ،بدون اي عدالة على الاطلاق ، كما هو بالضبط مجلس الامن الدولي الذي يقع الامن الدولي في آخر قائمة اهتماماته ، فيهرب مجرم حرب كبير كالرئيس السابق جورج بوش الذي لم يفعل عمر البشير اكثر بكثير مما فعل قتلا وتشريدا وتجويعا في صفوف الشعب العراقي بحجة ان نظامهم يمتلك اسلحة دمار شامل ، رغم اقراره بخطأه وخطأ مخابراته ، وكذلك الحال في افغنستان التي غزاها لاحضار بن لادن او على الاقل الملا عمر ، وها هو ينهي فترتي حكمه دون ان يحقق الا القتل والدمار والتشريد ، ناهيك عن عشرات الالاف من شباب ابناء شعبه .

لقد وصلت الجماهير العربية من الكفر بنظامها الدرجة التي تبارك هذا النوع من المحاكمات ، محاكمة قادتها في الاروقة العالمية ، بشرط ان لا يعود فيحكمها من جديد حتى لو ثبتت براءته من التهم الموجهة اليه ، فهناك عشرات التهم الاخرى التي لا يمكن ان ينجو منها ، ونشك ان نظاما عربيا لم يقع في طائلتها .

في اسرائيل ، الدولة التي ينادي النظام اول ما ينادي بالقضاء عليها ، ثم بمحاورتها ، ثم بمناشدتها ، ثم بمصالحتها ، بالكاد لم تقدم زعيما من زعمائها الى محاكمها بتهمة الفساد ، وآخرهم رئيس وزرائها الحالي ايهود اولمرت بعد سلسلة من جولات التحقيق معه بلغت سبع عشرة مرة . فيثق المواطن الاسرئيلي بنظامه ، ويدعو المواطن العربي الى عدم الاكتفاء باعتقال البشير ومحاكمته ، بل باعتقال انظمته كلها ، الذي اجاد الشاعر العراقي احمد مطر في وصفها حين قال : أحضر سلة / ضع فيها اربع تسعات (99.99%)/ ضع صحفا منحلة / ضع مذياعا ، ضع بوقا ضع طبلة / ضع شمعا احمر ، ضع حبلا ، ضع سكينا ، ضع قفلا ... ولا تنسى قفله / ضع كلبا يعقر بالجملة / يسبق ظله / يلمح كل الاشياء ويسمع ضحك النملة / واخلط هذا كله / وتأكد من غلق السلة / ثم اسحب كرسيا واقعد ، فلقد صارت عندك دولة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق