الخميس، 4 مارس 2010

لاجئون بدون وكالة 25-4-2008

كيف يمكن للمرء أن يتخيل اللاجئين الفلسطينيين بدون وكالة غوثهم وتشغيلهم ، وهو ما أعلنته هذه الوكالة عن وقف تقديم مساعداتها لنحو مليون لاجيء في غزة بسبب افتقاد الوقود ؟ المسألة في غاية الصعوبة والتعقيد ، فلقد شكلت لنا هذه الوكالة الملجأ والأمان على مدار ستين عاما ، منحتنا في بدايتها الخيام في نحو ستين مخيما أقامتها في الضفة وغزة والاردن ولبنان وسوريا ،صحيح أنها ،المخيمات ،كانت تفتقد لكل شيء تقريبا مثل الكهرباء والماء والمراحيض والطرق ،ولكنها بعد ذلك سرعان ما بدأت بالبناء ، فمنحت كل أسرة غرفة بمساحة تسعة أمتار مربعة ، وحين تكون الأسرة كبيرة العدد كأسرتنا تمنحها غرفة كبيرة وأحيانا غرفتين ، ، كل حارة من حوالي خمسين أسرة يحق لهم مرحاض ، صحيح ان المرحاض كان يفتقد للماء ، لكن البيت بحد ذاته لا يوجد فيه ماء ، وصحيح ان المرحاض لم يكن له باب ، لكنه كان يتم تصميمه بأن يكون له جداريقسمه قسمين قسم للرجال وقسم للتساء ، وجدار ثالث ملتو يحول دون ان يرى أحد الآخر الا إذا تعمد ذلك عبر فتحة السقف ، وكان يسهل بالطبع معرفة إن كان المرحاض مشغولا أم شاغرا بأن يدق بحجر على الجدار ، فإذا رد الاخر بدقة مشابهة ، فعلى الأول أن ينتظر ، لكن لا بأسمن استخدام الشق الثاني منه بغض النظر إن كان للرجال ام للنساء ، فلقد خلقنا الله سواسية مثل أسنان المشط ، أما إذا تأخر الرد بالحجر لأي سبب كان فهذا بحد ذاته يعطي الطارق الحق بالدخول ، لأن الحجر متاح للجميع ، ولا يمكن الاستغناء عنه كأهم عنصر من عناصر التنظيف ، بل لربما يتطلب الأمر إستحواذ أكثر من حجر .

المرحاض لم يكن له شبكة مجاري ، لكن الوكالة عمدت لحفر حفرة كبيرة يقوم عليها ، وكانت تحضرعمالا من مناطق أخرى ينزلون الى تلك الحفر ليغرفوا ما تراكم فيها ، ويدلقوها في الشوارع التي لم تكن قد تعبدت بعد ، لكنها بعد ذلك والحق يقال أصبحت ترسل مضخات نضح مركبة على "تنك" خاص بهذه المهمة ، وأذكر أن أحد هذه التنكات كتب عليه سائقه من باب التندرعبارة "حمّال الأسية" .

وعودة للخيام التي شكلت لنا طوق النجاة ،كونها المكان الذي في ظله رأى الكثيرون منا النور ، مثلي أنا ، صحيح أنني لا أذكر أنني رأيت أي شيء ، ربما لأنني ولدت في ليل شتاء شباط "الخباط" المدلهم ، ولم يكن إختراع الضوء والكهرباء فد وصل الى خيمة أمي بعد ، ولا حتى بعد عشرين سنة من تلك الساعة .وكانت وسيلة التدفئة الوحيدة في تلك الخيمة السوداء هي النار ، ولكن الحطب غير متوفر ، ولم تكن الوكالة الحبيبة قد بدأت بتوزيعه ، وإن كانت بعد ذلك بسنوات قد وزعت مادة الكاز ، لكن ذلك كان من أجل الطبخ على البابور ، لا من أجل التدفئة . وكانت شقيقتاي اللتان تكبرانني ببعض السنوات تمضيان يومهما في الجبال بحثا عن حطبة شاردة لم تستطع عشرات الأعين التقاطها اوكومة من النتش فتبعثان بها الدفء والحياة في أوصال اللاجئة التي وضعت وليدها بدون طبيب او حتى ممرضة ،والوليد الجديد الذي سيصبح بعد ذلك لاجئا بالوراثة ويحصل على رقم خاص في بطاقة زرقاء في سجلات وكالة الغوث الدولية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق