الاثنين، 7 مارس 2011

للمرأة دور أكبر في هذه الثورة العربية

يتوجب بدءا ان نهنئها بعيدها العالمي ونتقدم اليها بأبسط ما نستطيع ، امنيات جميلة بجمالها وصبرها البعيري على الظلم والقهر والحرمان ، ويكفيها فخرا ، المرأة العربية عموما ، انها لم تشارك في ان تكون من ضمن طغاة العرب الذين حكمونا بالحديد والنار عقودا وعقودا ، وها هم يسقطون اليوم واحدا واحدا تحت قبضات الجماهير و حناجرها الصادحة بالحرية .

وللاسف الشديد ، فإن المرأة العربية تظل متخلفة عن ركب المرأة العالمي بحكم عوامل عديدة ، وهي كلها عوامل وهمية اكثر منها صحيحة وحقيقية بما في ذلك ما تم إلصاقه بالدين ، وهونفسه الدين الذي حكم يوما اوروبا وتخلصت من قيوده الفولاذية ، فتحررت المرأة وشقت طريقها كي تكون الرئيسة والوزيرة والسفيرة والطبيبة والبروفسورة ، ورأينا مارغرت تاشر وانجيلا ميركل تحمان دولا عظمى ، وقبلهما نديرا غاندي تحكم امة عظمى يناهز تعدادها الالف مليون انسان . ناهيك عن ثلاث وزيرات للخارجية الامريكية مادلين اولبرايت وكونداليزا رايس وهيلاري كلينتون ، والاخيرة تقوم اليوم بتخريج الفتاوى حول ثوراتنا ، وتقول عن هذا الحاكم العربي ان يرحل وعن ذاك بأن يبقى ويجري بعض التصليحات . وكي نكون أكثر قربا ، فهناك عشرات الرئيسات المسلمات ، لكن ليس العربيات مثل بنازير بوتو التي حكمت الباكستان وميغواتي سوكارنو التي حكمت اندونيسيا وخالدة ضياء التي حكمت بنغلادش .

الاضهاد الذي تعرضت له المرأة العربية ، وما زالت ، هو اضهاد قروني ، فهي حتى اليوم تجلد في الشوارع لأنها تلبس بنطلون ، ويحظر سفرها بدون المحرم ، وتمنع من قيادة السيارة ، وكأنه كان هناك سيارات عندما تم تحريم ذلك شرعا ، وبالمناسبة فإن الذي حرم ذلك عليها شرعا ، هو نفسه الذي يفتي اليوم بتحريم المظاهرات شرعا . وحين سئل الاخ القائد معمر القذافي مرة عن سبب زواجه بالثانية اجاب كي يكمل دينه على اعتبار ان المرأة نصف الرجل ، وهذا لا يقاس بالملك الذي كان في قصره عشرات الزوجات ، وقد قيل مؤخرا ان مفتي مصر متزوج سرا عشر زيجات ، ناهيك عن ذبحها بدعاوي الشرف ، وفي مخيم فلسطيني اغتصبها خالها وبعد ذلك قتلها وادعى انها سقطت في الحمام ولما يكن لها من العمر اكثر من اثنتي عشر سنة . المرأة السعودية تنفق ملياري دولار سنويا على المكياج ، والبعض يعد ذلك تحررا .

اليوم تعيش الامة العربية بمسلميها ومسيحييها وسنييها وشيعتها وكافة اطيافها حالة من الثورات العظيمة ، وعلى المرأة العربية ان لا تنتظر اكثر مما انتظرت ، وحين تتحرر البلاد من نير انظمتها العميلة ستكون المرأة اول المستفيدين والمتحررين .

الأحد، 6 مارس 2011

ثورات تنجز مهماتها بالقطعة 5-3-2011

الثورة المصرية تواصل تحقيق منجزاتها ، وكأنها تريد ان تعلمنا مفهوما جديدا للثورة المعاصرة ، او بالادق للثورة ما بعد الانترنت والفيس بوك ، انجازات بالقطعة او في لغة السوق "بالمفرق" ، فها هي تحاصر الرئيس المخلوع "اللا مبارك" ، وها هي تقصي احمد شفيق وتعين عصام شرف احد مؤييديها ليشكل حكومة جديدة لا يكون فيها ابو الغيط وأضرابه . ثورات تصنع الامجاد ، وثورات هرمت ولم تعد تستطيع التنفس الا من رئة "المبارك وزين العرب والمليك المفدى وسمو الامير وفخامة السلطان" ، وها هم يتساقطون واحدا بعد الآخر ، بمن فيهم قائد ثورة الفاتح.

الثورة المعاصرة ، او ثورة ما بعد عهد الانترنت ، تتعصى و تتأبى على الكثيرين من أبوات الثورات القديمة ، بما في ذلك ثورتنا الفلسطينية بأطيافها القومية والاشتراكية والدينية ، ناهيك عن الاحزاب العربية التي لم تستطع للاسف الشديد الولوج الى العصر الجديد ، بل حين ولجها الآخرون ، وبالتحديد فئة الشباب ، شككوا فيهم ، ليس في قدرتهم فحسب ، بل وفي انتماءاتهم ومرجعياتهم وولاءاتهم ، وفي هذا ما لا يفيد أحدا ، بمن في ذلك أبوات الثورات الذين كفوا عن النضال الا بما تيسر ، في انتظار نضوج الظرف الموضوعي ، على اعتبار ان الظرف الذاتي (هم) ناضج وجاهز ، في حين انتقلت ثوراتهم وحركاتهم وأحزابهم الى صف النظام الحاكم رغم ما يبدونه من معارضة "ديمقراطية" ، مشكلين بذلك جزءا لا يتجزأ من النظام المأزوم ذاته .

في الثورة الفلسطينية ، انتقلت حركة فتح من الثورة الى السلطة ، وهذا هو مأزقها الآن ، فهي غير قادرة على الوصول للدولة و لا العودة الى الثورة ، وبسبب هذا الموقف التراوحي ، فقدت ثقة الشعب بها وخسرت آخر انتخابات تشريعية ، ثم أتبعت ذلك بإلغاء الانتخابات البلدية . ما انطبق على فتح ، انطبق على حماس بعد تسلمها السلطة في غزة ، إذ لا تستطيع اقناع الجماهير انها ما زالت حركة مقاومة ، وها هي ترفض الدعوة للانتخابات ، اي انتخابات سواء البلدية او الرئاسية او التشريعية تحت مبررات لا تصمد امام ان فترتها الافتراضية قد انتهت ، الا إذا ارادت ان تكون نظاما يحكم الناس الى الابد ، فتكون كالقذافي تماما ، بل ان القذافي شخص له عمر افتراضي سينتهي .

فصائل اليسار التي شاركت في حكومات السلطة السابقة ، وعلى الاخص حكومة فياض ، تتمنع اليوم عن المشاركة ، مع انها طالبت بأكثر من وزير في المرات السابقة ، والذي رفض الاشتراك بالمطلق شارك في الانتخابات التشريعية ، وكأن هناك سلطة تشريعية بدون سلطة تنفيذية ، وكأن التنفيذية افراز اوسلوي ، والتشريعي افراز هافاني . هذا ايضا افقد هذه الفصائل مصداقيتها وشعبيتها ،

هذه الصورة الفلسطينية ، مكثفة في مصر عشية الثورة ، ولهذا رأينا كيف ان احزاب المعارضة ، بما في ذلك الاخوان الذين لم يكن النظام ليعترف بهم في حزب ، سارعوا لتلبية دعوة عمر سليمان لقاءه بعد ان اجبرت الثورة مبارك بتعيينه نائبا له . فيطير بعد ذلك بأيام الرئيس ونائبه ، فنكتشف ان الظرف الموضوعي كان ناضجا والذاتي هو الذي كان متأخرا ان لم يكون معوقا ومعوقا (بكسر الواو وفتحها) .

كيف يضيق الوطن بالزعيم فلا يبقى له فيه حتى ولو "زنقة" 28-2-2011

تكاد القواسم المشتركة تتطابق على الزعماء العرب ، بغض النظر عما إذا كان مسماه رئيسا او ملكا او اميرا او سلطانا او حتى قائدا ثوريا كما مع العقيد معمر القذافي .

فلقد حكموا شعوبهم بالحديد والنار عدة عقود ، وتعاملوا معها انها قطعان ، القذافي تعامل مع شعبه مؤخرا على انهم جرذان ، وفي العقد الاخير تجرأوا توريث الحكم لأبنائهم من اصلابهم ، وخرج المتملقون بما في ذلك المفتي الديني لمباركة التوريث واعتماد هذا "الشبل من ذاك الاسد" .

في القواسم المشتركة ، يحكم الزعيم العربي حتى الموت وما بعده ، فترى ان صوره ما تزال تغطي الساحات والجدران والمرافق والمؤسسات ، وبدلا من ازلتها بعد موته ، اصبحنا نرى صورة ابنه الى جانب صورته .

و ترى ان قوات الامن واجهزة المخابرات والشرطة والجيش والحرس الخاص وامن الرئاسة والسجون تحت الارض ، مكرسة كلها لخدمته وخدمة قصوره وعائلته واملاكه وعقاراته وأطيانه وثرواته ، ولكنها سرعان ما تنفض من حوله بمجرد شعورها انه بدأ يهوي .

في القواسم المشتركة ، ان الزعيم العربي مرتبط بأمريكا ارتباطا مهينا ، وصل مع وزيرة الخارجية السابقة كوندليزا رايس ان تتجاوزهم وتتجاوز نظرائها فتعقد اجتماعاتها مع مدراء المخابرات العربية ، فتصبح مهمة الزعيم اغداق الهدايا الثمينة فقط ، غير مدركين ان هذه الهدايا تذهب الى ملكية الدولة .



في السقوط ، الذي أصبحنا نراه شهريا ، وربما تحمل لنا الاشهر القادمة سقوطا بالمجوز ، (نظامين نظامين) ، نرى ان القواسم المشتركة ايضا تتالى ، يبدأ الزعيم بالهجوم على الشعب : قلة ، بلطجية ، عصابات ، مندسين ، مخربين ، مهلوسين ، ثم ينهال على "الجزيرة الحقيرة" ، فيمنعها ويغلق مكاتبها ، واحيانا يحرقها ، ثم بعد ان تستعر اوار الثورة يرميها بالرصاص ويقتل ويجرح المئات وينزل دباباته في الشوارع ، وطائراته في الجو ، وحين يفشل ، يلجأ الى أزلامه يندسوا بين المتظاهرين ويرتكبون مجازرهم وما يندى له الجبين بما في ذلك اعمال اغتصاب والجمال والبغال والمرتزقة .

بعد ذلك يبدأ بالتنازل ، تنازلا تلو التنازل ، لكن في الوقت الضائع ، واضعا قدما في الطائرة وفي الطائرة السابقة زوجته وابناءه وخدامهم وما استطاعت ان تطوله ايديهم مما غلا سعره وخف وزنه . فلا يجد حتى "زنقة" في ارض الوطن تقبل به .

هل يتعظ زعيم عربي واحد ، فيختصر الطريق ويقدم استقالته ، فلا يضطر للرحيل ،

أم ان عليه السير فيه حتى نهايته فلا يجد حتى جدة لاستقباله .

من ضمن النكات المصرية قبل اندلاع اعمال الثورة المصرية ان بن علي حام بطائرته فوق شرم الشيخ ، واتصل عدة مرات بمبارك قبل ان يرد عليه ،

- نعم ، ماذا تريد ؟

- مكان

- لا يوجد مكان لك ، بالكاد أجد لنفسي . لكن اذهب الى جلالة أخينا عبد الله وسلم عليه وقل له بأنني سآتي للحج هذا العام وقد يكون حجا مبكرا .

" في الشرق لنا حكاما قردة " 25-2-2011

مفارقات عديدة يستطيع الانسان استنتاجها واستنباطها جراء "قذافي" الثوريين العرب ، ابرزها انه خلال العقد الاخير من حكمه الذي امتد ليتجاوز اكثر من نصف عمره ، اصبح محسوبا على الغرب القريب والبعيد على حد سواء ، ونقصد اوروبا وامريكا ، بيسارهما ويمينهما على حد سواء ، عندما أذعن اذعانا مهينا وعمد الى تفكيك منشأته النوويه بيديه بل وقدم اعترافا عمن ساعده في انشائها ونقصد عالم الذرة الباكستاني عبد القدير خان . كان قبلها يطلق شعاراته الثورية التي انطلت على الكثيرين ، وأخذ على صدام حين سمح للقوات الدولية تفتيش العراق بحثا عن اسلحة نووية قوله ان صدام سمح لهم تفتيش الملابس الداخلية لزوجته ساجدة . لكنه بعد اعدام صدام ، أقام له نصبا تذكاريا بجانب نصب عمر المختار .. يداه التي فكك بها نوويته ، هي نفسها يديه التي لبس فيهما قفازات بيضاء ليتنجنب ملامسة ايادي الزعماء لعرب الذين صافحوا اسرئيليين ، وهي نفسها لتي يبيد اليوم بهما شعبه . وقبل بضع سنوات من هذا العقد أعلن عدم انتمائه للعرب بل للافارقة ، وخلال برهة قصيرة أطلق على نفسه ملك ملوك افريقيا . واليوم يعلن تخليه عن شعبه حيث يطلق عليهم إسم الجرذان والمهلوسين ويطلق عليهم مواد الابادة "من الصحراء الى الصحراء في كل بيت وحارة وشارع وزنقة" ، بل ويعلن انه سيقسم "الجماهيرية الاشتراكية الديمقراطية الشعبية العظمى " وسيحرق نفطها ... الخ .

لم تظل ثورة في العالم تقريبا لم يدعمها "الاخ القائد" بالمال وربما العتاد ، ولم يظل نظام عربي واحد لم يختلف معه بما في ذلك منظمة التحرير ، رغم ان ذهنه تفتق عن اقامة دولة "اسراطين" ، وفي مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بغداد قبيل غزو الكويت ، اعرب الاخ القائد عن مستوى رضاه بنتائج القمة التي يمنحها درجة "صفر" ، وعندما طلب منه تفسير ذلك ، أجاب بأن باقي القمم كانت دون الصفر .

قائد الثورة وملك الملوك يرقص اليوم رقصة الموت الاخيرة ، لقد فتش عن نفسه عندما انكر على الشعبين التونسي والمصري ثورتيهما ، فحزن حزنا شديدا على زين العابدين وقال كان على الشعب التونسي ان يبقيه وئيسا مدى الحياة ، وتعاطف مع مبارك حين قال انه رجل فقير ، سبعون مليارا ، ربما فقيرا بالنسبة اليه الذي بدأت المصادر تشير الى ان ثروته تتجاوز مئة مليار ، لكن الاهم من ذلك أنه أبى بإصرار المجانين مقارنة ليبيا بمصر وتونس ، او القذافي بمبارك .

****** ****** *******

يا رب كفى خجلا / يا رب كفى ثيرانا / كفى حكاما مثقوبين / يا رب كفى / قردة.. قردة../ يا سادة ياسواح المعمورة / في الشرق لنا حكام قردة / أجلس قدام كنيسة روما أعرض كل بضاعتنا / هذا الجوع العربي المالك للنفط/ هذا نصف خليج / مملكة للجوع وللاوبئة الجلدية والقيء / ولكن للثورة أيضاً ... الشاعر الكبير مظفر النواب .

استمرار الثورة هو الذي يحفظ دماءها 18-2-2011

رسالة الى الثوار في الميدان وبقية أنحاء مصر العريضة و العظيمة التي قزمها حسني مبارك الى الحد الذي بالكاد تأكل فيه اللقمة ، الوفاء لدماء ثلاثمائة شاب وشابة طحنهم النظام في غمرة اسبوعين من الزمن ، فشكلوا الحالة الجماعية الايثارية كي يتخلص الشعب كله ، بملايينه التسعين من طغمة النظام الفاسد .

بالامكان وضع صورهم وحتى تماثيلهم وتسمية الشوارع والساحات بأسمائهم اسما اسما ورسما رسما ، لكن هذا لا يحفظ دماءهم التي قدموها عند مذبح التحرر الجميل الذي أعاد لمصر رونقها وبهاءها واملها وعزها ، فعاد المصري في كل مكان ، يفاخر بمصريته بعد ان كاد يخفيها خجلا منها .

عبر ثلاثين سنة من حكم مبارك اقدم نظامه (جيشه بقيادة الطنطاوي الذي اصبح قائد البلاد ، ومدير امنه عمر سليمان الذي اصبح نائبا لرئيس الجمهورية واحمد شفيق الذي اصبح رئيسا للحكومة ) ، وهؤلاء جميعهم عينهم مبارك قبل "سفره" الى شرم الشيخ او جدة او تل ابيب ، لا أحد يعلم الا الله واوباما و ثلاثتهم ومن استقبله في الطرف الآخر .

على مدار الثلاثين سنة ارتكب هذا النظام ما لم يكن حتى في أسوأ كوابيس الشعب المصري من إفقار وتجويع وإذلال وقمع وسجون وفساد واختلاس و آخر ما حرر تزوير الانتخابات البرلمانية وتفجير كنائس المؤمنين ، كوابيس الشعب المصري راودت الامة بأكملها ، آخرها الجدار الفولاذي التحت ارضي في الحدود مع غزة ، غزو العراق والتصدي لحزب الله والمصادقة على شن الحرب على غزة والمساهمة الفاعلة في حصارها وتجويعها رغم ما ابدته قيادتها من مرونة ومطاوعة له .

إن حفظ دماء هذه الكوكبة من الشهداء يتمثل في عدم النزول عن الجبل (الخروج من الميدان ) تحت ذرائع وتبريرات واعذار أشد قبحا من الذنب ، لأن هذا ليس وقت جمع الغنائم وقطف الثمار ، وهناك من المؤشرات والدلائل ما يكفي لقرع الجرسية ، لا الجرس فقط ، والتي يسمعها حتى الاصم بأن دماء الكوكبة ستضيع هدرا ، بل ان الطنطاوي وسليمان وشفيق ، ونحو مليونين من اجهزة الامن يتأهبون للانقضاض عليها وسحقها نهارا جهارا .

حفظ دماء الكوكبة لا يكون الا اذا أزهرت وبرعمت لدى ثلاثمائة مليون انسان في الوطن الكبير الذي عانى ما عاناه الشعب المصري ، وهم اليوم يعولون على ما تقوم به هذه الثورة ، والتي بدأت بالفعل في العديد من البلدان .

بالمناسبة ، امريكا اطلقت اسم سالي زهران على مركبة فضائية وقالت ان احلامها التي لم تسعها الارض ، ستسعها السماء . فهل حقا ان امريكا حريصة على تحقيق اماني وتطلعات الشعوب ؟

وبالمناسبة أيضا ، فإن بإمكان الرحم المصري تعويض الكوكبة عدديا في ثلاث ساعات ، لأن معدل الزيادة العددية في مصر طفل في كل 27 ثانية ، فهل حقا هكذا يكون تعويضهم .

نظام مبارك لم يسقط بعد 14-2-2011

بسرعة قياسية تبددت مظاهر الفرح عن وجوه المصريين التي ارتسمت على محياهم بعد إجبارهم زعيمهم حسني مبارك على التنحي ، ربما لأنهم ادركوا ان المجلس العسكري بقيادة وزير الدفاع حسين طنطاوي الذي سيقودهم خلفا له هو من قام مبارك بتعيينه قبل "سفره" الى شرم الشيخ ، وان الحكومة التي ستحكمهم برئاسة احمد شفيق ، هي نفسها التي اعتمدها مبارك قبل عدة ايام ، في محاولته الالتفاف على الجماهير الغاضبة . وأن مئات الالاف من الاجهزة الامنية والشرطية والبلطجية ما زالوا في مواقعهم ومناصبهم ، وأن فقراء الشعب لم يغن فرحهم عن خواء بطونهم سوى ليلة واحدة ، هي ليلة رحيل الطاغية الملياردير ، وان العمال لم يتحسن دخلهم الا إذا اضربوا واعتصموا واحتجوا ، وهذا ما بدأوا يفعلونه الآن اكثرمن ايام الاعتصامات في ميدان التحرير .

الاعلام الرسمي مرئيه ومسموعه ومقرؤه لم يتغير الا قليلا ، بعض من مقابلات مع المعارضة الرسمية الهرمة شبه المروضة ، التي سارعت الالتقاء بعمر سليمان الذي اصبح نائبا للرئيس ، وبعض من الاغاني القديمة التي واكبت انتصار حرب اكتوبر ، على اعتبار ان الطاغية زرع علم التحرير في ارض سيناء المحررة ، كما ادعى في خطابه الاخير قبل الرحيل ، متناسيا طلبه من اسرائيل زيادة بعض القوات الشرطية المصرية فيها لحماية الحدود من المهربين والمتسللين والفارين من السجون ، ورفضت ، ما يعني انها ، سيناء ، ليست محررة ولا ما يحزنون ، وهي بهذا تكون أشبه ما تكون بالضفة المحررة او غزة المحررة .

لم يكن تصرف الجيش مع شباب الميدان بعد يومين على رحيل مبارك ، تصرفا مسؤولا يليق بشبان صنعوا انجازا كبيرا يليق ان تتم معاملتهم على أساسه ، بل في بعض المشاهد ، انهالوا عليهم بالعصي ، وكأن من نجح في إزاحة طاغية جثم على صدور الشعب ثلاثين عاما ، لا يستطيع الغاء لغة العصا من ايدي شرطته وعسكره وجنوده .

لماذا لا يكون الطنطاوي وسليمان وشفيق الذين يحكمون مصر اليوم جزءا من الفساد والخراب والدمار الذي لحق بمصر ، لماذا اذا لم يكونوا كذلك لم يتصدوا لزعيمهم ، بل لماذا وقفوا الى جانبه حتى آخر لحظة ، اللحظة التي قام هوشخصيا بتعيينهم في مناصبهم الاخيرة (قائد المجلس العسكري ، رئيس الحكومة ، ونائب رئيس الجمهورية) .

ربما كان هاتف ايهود بارك مع الطنطاوي ، هو الذي اثار الحفيظة من جديد ، وغيب البسمة عن وجوه الناس ، الامر الذي دفعهم للتوجه نحو الميدان في دعوة لمظاهرة مليونية جديدة الجمعة القادم.

المشهد في تونس أكثر وضوحا ، ربما لأنه قد مر شهر على ثورتها ، وليس يومان كما في مصر ، إذ ألقت الشرطة الايطالية القبض على نحو الف شاب تونسي هاجروا وطنهم الذي "تحرر" للتو ، في دلالة كافية ان الوطن رغم التحرير ما زال وطنا لا يحتمل .

" لا كورة نفعت ولا أونطة / ولا المناقشة وجدل بيزنطة" 11-2-2011

من لم يشعر بفرح الثورة المصرية ، سيخسر ، ومن لم ينبض قلبه مع نبضها فإن شرايينه ستتصلب أكثر مما هي متصلبة ، انها فرصة تسنح له مع ابناء امته مرة كل ثلاثين سنة لإلتقاطها ، فكم ثلاثين سنة في عمر الانسان ، وماذا اذا تخطى هذا الانسان خمسة عقود من عمره إن لم يكن أكثر . نحن هنا لا نتحدث عن انظمة الأمة الاثنين والعشرين ، بما في ذلك نظام الدولة الجديدة التي سترى النور قريبا في جنوب السودان ، فترفع امريكا نظام البشير من قائمة دعم الارهاب ، فهذه الانظمة معنية ببقاء النظام المصري ، أحد ابرز مقومات بقائها وتسّمرها في العرش ، فهو نظام ملكي وإن كان اسمه جمهوري ، كاد يورث نجله ، وهو نظام ديكتاتوري ، وإن كان اسمه ديمقراطي يجري الانتخابات الرئاسية والتشريعية كل ست سنوات مرة ، وها هو يطوي في الحكم ثلاثين سنة رافضا التنحي عن آخر ستة أشهر . وهو نظام غني جدا ثروته بمئات المليارات ، رغم انه يتلقى المساعدات من أمريكا التي أغدقت على جيشه خلال ثلاثين سنة نحو خمسة وثلاثين مليارا ، أي نصف ما يملك وعائلته النووية ، في حين ان اربعة من وزرائه الذين تطولهم المساءلة يملكون اثنان وخمسون مليارا ، وهو نظام مرتبط باسرائيل التي ما زالت تحتل ارضا عربية في اكثر من دولة ، بما في ذلك ارضه هو التي تمنعه اسرائيل من تعزيز قوته الشرطية فيها بعدة مئات من الافراد رغم ادعائه انه حررها .

دعوة الفرح لعامة الناس ، ولبعض الاحزاب الطلائعية التي رفضت ان تكون جزءا من توليفة النظام في الوطن العربي ، فتنفضّ من حوله "الآن الآن وليس غدا" . نحن لا نتحدث عن احزاب المعارضة المصرية التي تجاوزتها دواليب الثورة ، بل عن أحزاب معارضة في بقية الانظمة التي تصمت اليوم صمتا مخيفا رغم ان انظمتها لا تتردد في الاعلان عن دعمها العلني للنظام الآيل ، احزاب حين تنطق مرة في الاسبوع في هذة العاصمة او تلك ، تقول انها مع الشعب المصري ومع اسقاط نظامه ، وكأن نظامـ (ها) في خير ودعة ، بعض هذه الاحزاب غيرت شعار الثورة المصرية من "الشعب يريد اسقاط النظام" الى شعار "الشعب يريد اسقاط الحكومة" و"الشعب يريد انهاء الانقسام" ... الخ .

أما أكاديميو الثورات ، الذين يسارعوا الى فتح كتبهم ودفاترهم العتيقة لمطابقتها على ما يحصل في مصر إن كانت ثورة ام لا ، فالافضل لهم التعاطي مع ثورة مصر التي فاقت كل الثورات في اصقاع الكوكب ، فهي ثورة تأتي في أعقاب ثورة شقيقة وسيتبعها ثورات اخرى بدون ادنى شك ، وما يمكن ان يؤخذ عليها انها شبابية ، فإنني اذكرهم بما تغنى به الشيخ امام قبل ما يزيد على ثلاثين عاما وكأنه ورفيق دربه وقيده أحمد فؤاد نجم قد تنبئآ به : رجعوا التلامذة ، يا عم حمزة ، للجد تاني/ يا مصر إنتي اللي باقية ، وانتي قطف الأماني/ لا كورة نفعت ولا أونطة/ ولا المناقشة وجدل بيزنطة / طلعوا التلامذة ورد الجناين / اسمع يا ميلص وشوف وعاين / ملعون أبوك ابن كلب خاين / يا صوت أميركا / يا أمريكاني .