الأحد، 6 مارس 2011

ثورات تنجز مهماتها بالقطعة 5-3-2011

الثورة المصرية تواصل تحقيق منجزاتها ، وكأنها تريد ان تعلمنا مفهوما جديدا للثورة المعاصرة ، او بالادق للثورة ما بعد الانترنت والفيس بوك ، انجازات بالقطعة او في لغة السوق "بالمفرق" ، فها هي تحاصر الرئيس المخلوع "اللا مبارك" ، وها هي تقصي احمد شفيق وتعين عصام شرف احد مؤييديها ليشكل حكومة جديدة لا يكون فيها ابو الغيط وأضرابه . ثورات تصنع الامجاد ، وثورات هرمت ولم تعد تستطيع التنفس الا من رئة "المبارك وزين العرب والمليك المفدى وسمو الامير وفخامة السلطان" ، وها هم يتساقطون واحدا بعد الآخر ، بمن فيهم قائد ثورة الفاتح.

الثورة المعاصرة ، او ثورة ما بعد عهد الانترنت ، تتعصى و تتأبى على الكثيرين من أبوات الثورات القديمة ، بما في ذلك ثورتنا الفلسطينية بأطيافها القومية والاشتراكية والدينية ، ناهيك عن الاحزاب العربية التي لم تستطع للاسف الشديد الولوج الى العصر الجديد ، بل حين ولجها الآخرون ، وبالتحديد فئة الشباب ، شككوا فيهم ، ليس في قدرتهم فحسب ، بل وفي انتماءاتهم ومرجعياتهم وولاءاتهم ، وفي هذا ما لا يفيد أحدا ، بمن في ذلك أبوات الثورات الذين كفوا عن النضال الا بما تيسر ، في انتظار نضوج الظرف الموضوعي ، على اعتبار ان الظرف الذاتي (هم) ناضج وجاهز ، في حين انتقلت ثوراتهم وحركاتهم وأحزابهم الى صف النظام الحاكم رغم ما يبدونه من معارضة "ديمقراطية" ، مشكلين بذلك جزءا لا يتجزأ من النظام المأزوم ذاته .

في الثورة الفلسطينية ، انتقلت حركة فتح من الثورة الى السلطة ، وهذا هو مأزقها الآن ، فهي غير قادرة على الوصول للدولة و لا العودة الى الثورة ، وبسبب هذا الموقف التراوحي ، فقدت ثقة الشعب بها وخسرت آخر انتخابات تشريعية ، ثم أتبعت ذلك بإلغاء الانتخابات البلدية . ما انطبق على فتح ، انطبق على حماس بعد تسلمها السلطة في غزة ، إذ لا تستطيع اقناع الجماهير انها ما زالت حركة مقاومة ، وها هي ترفض الدعوة للانتخابات ، اي انتخابات سواء البلدية او الرئاسية او التشريعية تحت مبررات لا تصمد امام ان فترتها الافتراضية قد انتهت ، الا إذا ارادت ان تكون نظاما يحكم الناس الى الابد ، فتكون كالقذافي تماما ، بل ان القذافي شخص له عمر افتراضي سينتهي .

فصائل اليسار التي شاركت في حكومات السلطة السابقة ، وعلى الاخص حكومة فياض ، تتمنع اليوم عن المشاركة ، مع انها طالبت بأكثر من وزير في المرات السابقة ، والذي رفض الاشتراك بالمطلق شارك في الانتخابات التشريعية ، وكأن هناك سلطة تشريعية بدون سلطة تنفيذية ، وكأن التنفيذية افراز اوسلوي ، والتشريعي افراز هافاني . هذا ايضا افقد هذه الفصائل مصداقيتها وشعبيتها ،

هذه الصورة الفلسطينية ، مكثفة في مصر عشية الثورة ، ولهذا رأينا كيف ان احزاب المعارضة ، بما في ذلك الاخوان الذين لم يكن النظام ليعترف بهم في حزب ، سارعوا لتلبية دعوة عمر سليمان لقاءه بعد ان اجبرت الثورة مبارك بتعيينه نائبا له . فيطير بعد ذلك بأيام الرئيس ونائبه ، فنكتشف ان الظرف الموضوعي كان ناضجا والذاتي هو الذي كان متأخرا ان لم يكون معوقا ومعوقا (بكسر الواو وفتحها) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق