الاثنين، 7 فبراير 2011

"بطارية حزبك فارغة " 7-2-2011

إذا كانت الدول تكبر وتشيخ فتهرم وتموت ، وفق ابن خلدون ، فما بالكم بالاحزاب . نسوق هذا للوقوف ولو قليلا مع ما يحصل لاحزاب عربية وطنية عريقة حكمت البلاد بعد ان قادت معارك تحررها من براثن الاستعمار واستولت على السلطة . و عندما سنحت الفرصة للجماهير ان تدكها وتشعل النار فيها سارعت بدون تردد ، وكأنها أحزاب اجنبية معادية ، وكأنها ليست هي التي قادت معارك التحرير في يوم من الايام .

لا يقتصر الامر على حزبي تونس ومصر ، حيث فاز الاخير قبل ثلاثة اشهر بأغلبية مقاعد مجلس الشعب الساحقة ، واليوم ينحون زعمائه عنه زعيما زعيما لتحاشي سقوط النظام برمته ، بمن فيهم نجل الزعيم ورجال بطانته ، وفي تونس قرروا حله مقدمة لإخراجه عن القانون من كثرة جرائمه .

فما هي هذه الجرائم لنرى ان كانت تنسحب على جميع احزاب امتنا العربية الحاكمة : القمع ومنع الحريات العامة والخاصة ، والامساك على السلطة حتى الموت ثم بعد ذلك توريثها للابناء على قاعدة "هذا الشبل من ذاك الاسد" ، موالاة وتبعية مذلة لأمريكا وحلفائها وعلى رأس هؤلاء اسرائيل ، وتمويت الناس جوعا وفقرا ومرضا ، في وقت تلامس ثروات النظام الارقام الفلكية .

والسؤال المترتب على ذلك هو : من هو النظام العربي الذي يشكل حالة إستثناء؟

واهم من يعتقد ان المسألة مقتصرة على الاحزاب الحاكمة ، فهناك احزاب في المعارضات الوطنية والتقدمية والدينية تحكم بما يوازي سوء الحزب الحاكم واكثر ، كالاحزاب التي وافقت ان تكون موالية للنظام وتتنفس من رئتيه زفيرا كريها ، في مصر سارعت هذه الاحزاب لدعوة الحوار مع ازلام النظام ، بدءا من حزب الوفد "التاريخي" ، مرورا بحزب التجمع "التقدمي" ، وانتهاء بحزب الاخوان "الديني" ، دون ان ترى في ذلك خذلانا للجماهير المحتشدة في الميدان والتي فجرت الثورة ، وهي لربما لا تدرك في حقيقة ذاتها ان الثورة المستعرة ضد النظام انها تطولهم لانهم جزء من هذا النظام وتوليفته وأدواته ، و لأن معارضة هذه الاحزاب على مدار ثلاثين سنة واكثر ، لم تكن مهمتها الحقيقية اسقاط النظام .

كيف يمكن لحزب معارض مطالبة الحزب الحاكم بالديمقراطية ، وهو نفسه يفتقد اليها ، لدينا في فلسطين (الثورة والسلطة) احزاب معارضة يتربع الامين العام على رأسها منذ اربعين سنة واكثر ، اي اكثر من بن علي ومن مبارك . كثيرون قالوا ان اقبال الشعب الفلسطيني وتصويته لحركة حماس في الانتخابات التشريعية كان نكاية بفتح اكثر منه ايمانا بحماس وبرنامجها ،و بدلا من ان تراجع فتح ذاتها ، وتعيد حماس حساباتها ، اصبحنا الآن امام نظامين حاكمين .

***** ****** *****

حرك بيت العقرب تخرج مكرهة .... بطارية حزبك فارغة ..... وكنت تفرغ شحنتنا الثورية .....وذلك حزب يتخوزق مختارا لا اكراه ولا بطيخ بمحض ارادته (مظفر النواب) .

السبت، 5 فبراير 2011

مراهنات مبارك 31-1-2011

يراهن الرئيس المصري على بقائه في السدة على اجهزة الأمن ، خاصة بعد ان أقال حكومته وعين وزيرا فيها رئيسا لها ، وبعد ان اسند منصب نائب الرئيس لمديرها ، ولكن ليس هذا كل شيء ، فهناك المؤسسة الدينية المتمثلة في الازهر ، فهي لدى البعض البسيط من الشعب المصري ما زالت التي تمثل وتجسد شرع الله في مصر وما هو أبعد من مصر، وهناك اسرائيل التي خدمها كما لم يفعل أحد ، وانها لن تتخلى عنه في معركته الاخيرة ، وانه من كل بد سمع منها ما يسر أذنه ، بالرغم من حالة التكتيم التي طلبها نتنياهو من اركان حكومته ، الا أنها (اسرائيل) اعربت عن غضبها من الموقف الامريكي الذي بدأ ينحسم ضده ، وانها زودته بثلاث طائرات محملة بمعدات قمع المظاهرات وقنص قادتها ، وهي لها باع طويل في ذلك ، وتعد السباقة في هذا المجال ، ونذكر كيف ان رابين عندما كان وزيرا لدفاعها ابان انتفاضة الحجارة ، اوعز بصناعة مدفع خاص لقذف الحصى على المتظاهرين ، وتفتق ذهنة بكسر عظام الفتيان كي يغيبهم عن الشوارع اطول مدة ممكنة ، فتطلب الامر ان ينشيء مصانع لصناعة العصي ، بم بعد ذلك الرصاص المطاطي والبلاستيكي ... الخ .

وبدون شك فإن مبارك يراهن ايضا على عدد من زملائه ونظرائه العرب ، الذين سارعوا للاتصال به ، معربين له عن مساندته ، ووضع ما يريد من مقدراتهم تحت تصرفه ، تماما كما فعلوا مع طاغية تونس "زين العرب" ، وهو بدون شك يدرك ان وقوف هؤلاء معه بالباع والذراع ، كما يقال ، ليس من أجله واجل مصر ، بل في المقام الاول من أجلهم هم ومصالحهم وعروشهم التي بدأت تتداعى ، وسيؤثر عليهم ذهابه تأثيرا مباشرا وسريعا ، لأنها أصلا انظمة منخورة ضعيفة مهزوزة اذا ما قورنت بنظامه الذي طوع الناس وجوعهم على مدار ثلاثين سنة دون ان تسمع أنة واحدة ، ووصل الامر ان يطوع احزاب المعارضة ويجعلها تخوض الانتخابات وتحصل على نسبة قريبة من الصفر ، بل لقد طوع الثورة الفلسطينية بيمينها ويسارها ، واصبح البعض منها يكنيه بالرئيس المبارك حسني مبارك .

و بينما نشاهد دباباته ومجنزراته تجوب الشوارع مكتوب عليها "يسقط مبارك" ، تذكرت حادثة حصلت مطلع انتفاضة الاقصى قبل حوالي عشر سنوات ، مظاهرة في مخيم الدهيشة أحضر فيها حمار وكتب عليه "مبارك" ، وهو امر فعله المخيم مع الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عندما كان في زيارته قبل حوالي خمس واربعين سنة .

يومها انتشرت الاجهزة الأمنية على المحطات المحلية تريد كاسيت التصوير الذي سجل للحمار ، وكانها تريد ان تثبت ولاءها للرئيس مبارك . اليوم دباباته تريد ان تتخلص من هذا الولاء العار .

واطلق كلابك في الشوارع " 4-2-2011

لا ندعي اننا نستطيع الالمام بكل الاساليب الدهاليزية القمعية التي استخدمها ازلام النظام في ميدان التحرير لإعادة السيطرة عليه ، والذين تم التوافق على اطلاق اسم "البلطجية" عليهم ، فهؤلاء عدا عن انهم امتلكوا خبرة ثلاثين سنة في تفانين القمع ، فإنهم ايضا امتلكوا تكنولوجيا النت والفيس بوك والبلاك بيري ، وغادروا الاساليب القديمة التي كان يجلس فيها رجل الامن على احدى النواصي حاملا جريدته المثقوبة ليراقب فريسته .

ومع ذلك فانهم في ميدان التحرير كانوا ايضا مكشوفين بـ"جريدتهم المثقوبة" ، فمن هي الجهة التي تملك مهاجمة عشرات آلاف المعتصمين في ساعة صفر محددة بآلاف قنابل المولوتوف والهراوات والسكاكين غير الدولة ، ومن هي الجهة التي لها مصلحة في مثل هذا الهجوم المخزي على اناس ابرياء من كافة الاعمار لا يملكون الا حناجرهم وارادتهم بصدور عارية ومعد خاوية وبعض البطانيات يقون فيها انفسهم من برد ليالي القاهرة الشديد الا دهاليز النظام .

سمعنا بالطبع عمن تم القبض عليهم ان بعضهم يحمل بطاقات رجال أمن ، وان بعضهم تم استحضارة بخمسين جنيها قام احدهم بتمزيقها لدى معاتبته ، وان بعضهم "اضطر" على ما يبدو في آخر المطاف الى ان يستل مسدسه ويطلق النار كيفما اتفق فيقتل ثلاثة ويصيب العشرات .

في النهاية ، اعتذر رئيس الوزراء الجديد للنظام القديم عن هذه البلطجة ، ووعد بتشكيل لجنة تحقيق في كل من تورط في هذا الهجوم ونشر النتائج على الملأ في القريب العاجل ، وهذه اسطوانة مشروخة لكل الانطمة العربية التي تسارع بتقديم مثل هذا الوعد عندما تجد نفسها مجبرة او متورطة ، دون ان يتحقق شيئا منها ، ولكن وعد رئيس الوزراء بعدم تكرار ذلك على ميدان التحرير ، لم يكد صداه يتبدد حتى طال الهجوم هذه المرة كافة الصحفيين والاعلاميين والكاميرات ايا كان حجمها ، والمرة لم يقتصر الامر على حجب الجزيرة ، بل تعداه للقنوات المحايدة والصديقة والعريقة ، الامر الذي دفع ببان كي مون ان يصف الاجراء بالمعيب .

سدوا جميع منافذ الميدان على عدة أبعاد لمنع الناس من الوصول في "جمعة الرحيل" واعتقلوا اعداد كبيرة ممن لهم اسماء على كمبيوتر امن النظام ، بما في ذلك حقوقيين ومحامين ، كل ذلك في ظل فرض نظام منع التجول الذي ما يزال قائما منذ اندلاع الثورة ، التي وصفها الناطق عندنا يإسم المؤسسة الامنية اللواء عدنان الضميري بانها "أزمة" ثم عدل ذلك الى "تنازع اقليمي" .

الاخوان البلطجيون يسيطرون على الحكومة والقصر والشرطة والاعلام والجيش وكل مقدرات البلد ، ما عدا ميدان التحرير ، ولهذا يبذلون كل ما بوسعهم من أجل استعادته ، حتى لو استعملوا في ذلك ادوات قديمة مثل السيف و الخيل والابل .



رحم الله الشيخ امام الذي كان قد كشفهم قبل اكثر من ثلاثين سنة ، اي قبل ان يأتي حسني مبارك عندما غنى للشاعر الكبير احمد فؤاد نجم : شيد قصورك ع المزارع / من كدّنا وعمل ايدينا / والخمارات جنب المصانع / والسجن مطرح الجنينة / واطلق كلابك في الشوارع / واغلق زنازينك علينا / وعرفنا مين سبب جراحنا / وعرفنا روحنا والتقينا / عمال وفلاحين وطلبة / دقت ساعتنا وابتدينا / نسلك طريق مالهش راجع / والنصر قرب من عيننا / النصر قرب من ايدينا