الاثنين، 31 مايو 2010

الاصبع على الزناد 31-5-2010

كل المؤشرات تشير الى ان الحرب العاشرة ، إن لم يكن أكثر ، واقعة لا محالة ، حتى ولو لم تقع ، فالاستعدادات والحشودات والتجييش والاستخبارات العسكرية وغير العسكرية وتنظيف الملاجيء وتوزيع الكمامات ، هي بمثابة حرب .

الحرب التي خسرها الاتحاد السوفياتي والتي استغرقت عدة عقود ، لم تكن حربا بالمعنى اللغوي للكلمة ، ولهذا سميت بالحرب الباردة ، او حقبة اللا حرب واللا سلم ، وتهاوت فيها اكبر قوة عالمية تسيطر على اكثر من ثلث العالم ، من حيث تنظيمها العسكري والعقائدي والى حد كبيرالاجتماعي ، من دوون طلقة واحدة .

حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل ، وهي الحرب التي يسقطها البعض من قائمة حروب اسرائيل ، خسرت فيها اكثر مما خسرت في حرب النكبة عام 1948 وحرب النكسة عام 1967 .

آخر المؤشرات نقلتها صحيفة الورلد تربيون الامريكية من ان اسرائيل خططت لنقل نصف مليون اسرائيلي في عربات مصفحة الى مستوطنات الضفة ، المدارس والبلديات والمرافق الاخرى . وحين تضيق بهم فإنهم قد يمكثون في فنادقنا ومرافقنا ، بالموافقة او بالاكراه ، كأن يتم فرض ما يسمى بنظام منع التجول والاستيلاء على مرافقنا وحتى منازلنا .

المؤشر الآخر نقلته الصندي تايمز البريطانية من ان ثلاث غواصات اسرائيلية (ألمانية الاصل) ستصل الى الخليج ، جميعها تحمل رؤوسا نووية سترابط قبالة السواحل الايرانية ، من ميزاتها انها تستطيع ان تكون على عمق 1150 قدما لخمسين يوما .

من ضمن المؤشرات ايضا ان الادارة الامريكية "طلبت" من سوريا قطع علاقاتها مع ايران ، سبقه الى ذلك رسالة من شمعون بيرس حملها الرئيس الروسي ميدفيدف لدى زيارته دمشق قبل ايام بأن يقايض علاقته مع ايران بهضبة الجولان .

ومن اكثر المؤشرات اهمية ووضوحا ، رفض الرئيس الاسد للعرضين على الملأ ، وهو بهذا انما يهدف الى كشف اوراق امريكا واسرائيل اكثر منه رفضه للعروض ، وتأكيده ان علاقته مع ايران ادعى وابقى من استعادة الجولان .

في مؤشرات قديمة ، لا بأس من استذكارها والتذكير بها ، ما كان الشيخ حسن نصر الله قد قاله بعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان ، ان الحرب مع اسرائيل لم تنته ، فهناك ما زالت مزارع شبعا ، و انه لو لم يكن هناك مزارع شبعا لاختلقنا شيء ما يبقي على جذوة الصراع محتدمة .

لم يكن حزب الله عندما انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان قبل عشر سنوات ، ما كان عليه في عام 2006 ، وهي الحرب الثامنة مع اسرائيل ، ولا ما هو عليه اليوم . ايران ايضا اليوم غيرها بالامس ، غزة ايضا بعد الحرب التاسعة ، والثورة الحوثية في خاصرة الجزيرة . وحتى سوريا بشار غيرها سوريا حافظ .

الجمعة، 28 مايو 2010

معلمو الوكالة .. والقشة التي لم تسعفهم

بغض النظر عن مدى عدالة مطالب المعلمين في وكالة الغوث من عدمها ، والاضراب المفتوح او شبه المفتوح الذي اعلنوه قبل حوالي اسبوع ، فإن هذا الاجراء هو السلاح الاخير الذي يلجأ اليه النقابييون في معاركهم ازاء تحقيق مطاليبهم ، وفي كافة الاحوال فقد حظي المضربون على مدار معاركهم النقابية بتعاطف الناس معهم ، لأنهم كانوا حريصين دائما على شرح مواقفهم وتعبئة الرأي العام بها قبل البدء بإجراءات سلاجهم الاخير.

في هذه المرة لم يحظ اتحاد معلمي الوكالة بالتعاطف المألوف ، لسببين اساسيين ، الاول انهم لم يهيئوا الناس بمن فيهم جمهور طلبتهم وطالباتهم الذي يناهز ستين الفا فوجئوا بالاضراب ، حيث ذهبوا الى مدارسهم صبيحة الاحد الماضي كالمعتاد فوجدوها مقفلة ، تزامن ذلك بأن هذا اليوم هو اليوم الاول لتقديم امتحاناتهم النهائية ، بمعنى انهم درسوا واستعدوا وهيئوا انفسهم للامتحان ، فذهبت جهودهم هباء . المشكلة ان السيناريو تكرر مرة ثانية وثالثة ، يدرسون ويتهيأون ويذهبوا للامتحان ليجدوا ان المدرسة مغلقة .

واهم الاتحاد اذا اعتقد انه بهذا السلوك قادر على كسب تعاطف الطلبة وذويهم ، بل يجب ان يكون على يقين انه بذلك انما يستعديهم وينتزع من قلوبهم غضبا وحنقا ، فتتعمق لديهم نظرتهم النقدية الدونية لما وصل اليه التعليم في بلادنا والمعلمين على حد سواء . عكس ما كان عليه الوضع في الماضي جين كاد المعلم ان يكون رسولا .

كان من حق الطلبة على مدرسيهم ابلاغهم باضرابهم بل وشرح هذه الاسباب شرحا مسهبا ، اما وانهم يستخدمونهم مادة في اضرابهم مرة والنيل منهم على هذه الشاكلة مرة اخرى ، فهو ليس سلوكا مفترضا بين المدرس وطلبته ، خاصة ان الأخيرين طلبة دون مرحلة النضج وما قبل المرجلة الثانوية .

الاساس الثاني يتمثل في سبب الاضراب المباشر ، او ما اصطلح عليه بالقشة التي كسرت ظهر البعير المكسور اصلا : فصل مدير بدعوى ضرب احد طلبته ضربا مبرحا ، وهو لربما الذي جعل الاضراب مفاجئا وسريعا . وهذا بحد ذاته سببا يجب ان يكون مخجلا للاتحاد ولكل من ينتمي للاسرة التعليمية في بلادنا ، في حالة صدق رواية الوكالة . لقد اصبح الضرب ممنوعا في الوكالة والحكومة والمدارس الخاصة ، ونشد على يد المسؤولين محاسبة كل مخل محاسبة لا تتنافى مع القوانين المرعية بما في ذلك الطرد . وكنا نريد من الاتحاد ان يشدد على ذلك لكي يفهم حامل العصا والسوط - بدل المرجع ووسيلة الايضاح - ان ليس هناك طرفا واحدا يقف الى جانبه في سلوكه المشين ، نحن مع التحقق في كل حالة ضرب واعتداء داخل الحرم المدرسي ، ولا بأس ان تتشكل لجنة تحقيق متعددة الاطراف ، ولا بأس ان يلجأ الطالب المضروب للقضاء الذي سينصفه بلا ادنى شك .

وحتى حين ينفي الاتحاد ان يكون المدير قد ضرب الطالب ، فإن ذلك لا يبرر له اعلان الاضراب المفتوح في كافة المدارس في اول يوم امتحانات و بالطريقة الغريبة المستهجنة التي اشرنا اليها .

الاثنين، 24 مايو 2010

ورقة درس من اوراق التفاوض المباشر


"انني لا انوي السماح بتفكيك الدولة الاسرائيلية ماديا او اخلاقيا ، فهي التي حققت حلم الشعب اليهودي جيلا بعد جيل بجهود هائلة والكثير من الدم والعرق ، ولن ارضى بأي حال ان اشرف على نهاية هذه المسيرة . منذ عام 1948 ونحن نواجه محاولة اجبارنا على الانهيار ولن اسمح بحدوث ذلك . انها لحظة استثنائية للحقيقة ، ولن تتاح فرصة لنجاح العملية الا اذا هز الرئيس عرفات بشدة ، ولن يتحرك عرفات الا اذا ادرك لحظة الحقيقة . انني اعتقد ان علينا التحرك الآن او عدم التحرك البتة ، فلن يمكنني ان اتعايش مع الوضع الذي نتج الليلة الماضية ، وعندما يدرك شعب اسرائيل الشوط الذي كنا مستعدين لقطعه ، فسيكون لدينا القوة للوقوف موحدين معا في هذا الكفاح مهما كان قاسيا ، حتى لو اجبرنا على مواجهة العالم بأسره ، فما من قوة في العالم يمكن ان تفرض علينا انتحارا وطنيا جماعيا . لن يتحقق السلام الا اذا كانت هناك رغبة حقيقية في التفاوض ، وانني على يقين بأن شعب اسرائيل والشعب الامريكي سيدرك ذلك عندما يكشف عن التفاصيل من ان عرفات ما كان ليجرؤ دون ان يعتقد ان هناك انحيازا كبيرا الى مواقفه بين الكثير من اعضاء الفريق الامريكي ، ان الرئيس موضوعي بالطبع ، لكن الفريق الامريكي غير موضوعي "
كان هذا نص رسالة ايهود بارك رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك الى الرئيس الامريكي بيل كلينتون في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 في اليوم السادس من تلك القمة التي استغرقت اربعة عشر يوما بعد ان تنامى له ان اثنين من وفده المفاوض (شلومو بن عامي وجلعاد شير) قد وافقا على مسودة حل مفاده الانسحاب من 85% من الارض المحتلة ومقايضة البقية بنسبة 1% من اراض متاخمة لغزة من اجل الممر الآمن ، وبالنسبة للقدس ان تحظى الاحياء الشمالية : كفر عقب وقلنديا وبيت حنينا بالسيادة الفلسطينية ، والاحياء الداخلية : الشيخ جراح ووادي الجوز بخدمات العاصمة الفلسطينية القدس فيما تخضع للسيادة الاسرائيلية ، اما المدينة القديمة مسؤوليات مشتركة للاحياء الاسلامية والمسيحية . اما الحدود مع الاردن فيحصل الفلسطينييون على معظمها . قضية اللاجئين لم تحظ سوى بالقليل من النقاش .
على هذه "التنازلات" ، كتب باراك رسالته الانتحارية الى كلينتون ، والتي اوردها مبعوث السلام دينس روس في كتابه القيم "السلام المفقود" . وانها احدثت ردة فعل كبيرة لدى كلينتون وبقية اعضاء الفريق الامريكي ، للدرجة التي دفعت روس للقول " كنا قد قررنا بالفعل هز عرفات دون ان نتلقى هذه الرسالة بما في ذلك وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت التي انتابها شعور بأن بارك مدين بالاعتذار لقوله اننا متعاطفون مع الفلسطينيين " .

الثلاثاء، 18 مايو 2010

إشارات بنجاح المفاوضات بين الذئب والخروف

عدة اشارات ايجابية صدرت من هنا وهناك تفيد ما معناه ان المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية حصرية أمريكية تشق طريقها نحو النجاح ، اولها عودة مبعوث هذه المفاوضات الدكتور جورج ميتشل الى المنطقة في زمن قياسي ، في الماضي كان المبعوث – امريكي بالطبع – إما ان يمكث في المنطقة لفترة طويلة (يعزّب) باللغة الفلاحية ، او يرجع الى بلاده غاضبا فيحرد (يحرن) ولا يعود الا بعد مرور وقت طويل ، تكون ادارته الامريكية قد تغيرت ، او الحكومة الاسرائيلية . الحكومات العربية بما فيها حكومتنا لا تتغير الا بالتدخل الالهي .

الاشارة الثانية موافقة الرئيس الامريكي على منح اسرائيل ما يربو على مئتي مليون دولار لتمويل اقامة القبة الحديدية لمنع صواريخ القسام وقذائف الهاون التي تطلقها حماس او حزب الله على التجمعات الاسرائيلية في الجنوب والشمال ، بالرغم من ان حماس تقوم بهذه المهمة وتمنع نفسها وغيرها من اطلاق هذه المقذوفات ، ومن ان حزب الله طور من مخزونه الصاروخي (سكود) الذي لا تنفع معه القبة الحديدة .

هذه المنحة الامريكية في هذا الوقت بالذات التي شهدت فيه العلاقة بين امريكا واسرائيل بعضا من اللغط ، قيلا وقالا ، تدلل ان القاطرة التفاوضية تسير على سكة ميتشل ، ولا بأس ان تنحرف في المستقبل البعيد او القريب ، تكون المنحة قد وصلت والقبة قد اقيمت .

الاشارة الثالثة صدرت عن وزير الدفاع في الحكومة ايهود براك الذي طالب بضم حزب كاديما الى الحكومة ، كي يحفظ خط الرجعة ازاء حزب اسرائيل بيتنا وبقية الحركات والاحزاب اليمينية التي "تبـتـز" الحكومة وترفض السلام مع الشعب الفلسطيني بل وترفض التفاوض المباشر وغير المباشر ، وكأن نتنياهو الذي يقود الحكومة باسم الليكود وباراك الذي يقود المعراخ وتسيفي ليفني ومعها ايهود اولمرت ، التي تقود كاديما لم يكن لنا معهم صولات وجولات ومفاوضات مباشرة استمرت ثماني عشرة سنة . في هذا السياق ، فإن الطرف الجديد الوحيد على عملية المفاوضات هو جورج ميتشل ، في حين ان ثلاثة الاقطاب الاسرائيلية (نتنياهو ، باراك ، وليفني ) هم الذين فاوضونا على مدار العشرين سنة الماضية .

الاشارات حول تجميد الاستيطان من عدمه ، هي للاستهلاك التفاوضي لا أكثر ، وكلهم تقريبا يناهضونها بدرجات ولاسباب مختلفة ، لكن كلها بالطبع اشارات ايجابية ما عدا ان اسس مقومات التفاوض وارضية انطلاقها مختلة لصالح اسرائيل ، ولهذا السبب بالتحديد ذهب الفلسطينييون الى المفاوضات غير المباشرة بعد ان حفيت ألسنتهم واستنفذوا كل امكانياتهم . انها ببساطة عملية التفاوض بين الذئب والخروف ، والحكم بينهما هو الاسد .

الجمعة، 14 مايو 2010

62 عاما على النكبة ... وما هذا بزمن طويل 14-5-2010

62 عاما على النكبة ، وهذا زمن يراه البعض طويلا وطويلا جدا ، يستغرق من عمر الانسان الفرد معظمه إن لم يكن كله ، في ظل ظروف افتقدت للحد الادنى من الحياة الآدمية عاشوا في الخيام ردحا من الزمن ثم في منازل المخيمات التي فيها من البؤس اقل قليلا مما في الخيام لردح أطول ما زال مستمرا حتى يومنا هذا .

تمكن اللاجئون خلال هذه العقود تدبير شؤونهم المعيشية من حيث المسكن والمأكل والملبس بما (جادت ) به وكالة الغوث الدولية ، بما في ذلك الملابس القديمة التي كان يطلق عليها اسم البكجة تعريبا للكلمة الانجليزية Package ، وهم ينتظرون يوم عودتهم ، لكنهم رحلوا قبل ان يكون لهم ذلك ، فمن كان عمره خمس عشرة سنة واكثر في يوم النكبة ، يكون عمره اليوم قد ناهز الثمانين .

لم تعد مدة ستين عاما او سبعين زمنا طويلا بعد مغادرة الجيل الاول ، وفي الانتظار مغادرة الجيل الأخير خلال العقد القادم ، حيث ان من عايشها طفلا عن ست الى ثماني سنوات ، يكون عمره قد ناهز الثمانين ، لسبب ان الاجيال اللاحقة لا تعرف ذاك الوطن ولم تعش نكبته ونكبة شعبه ، وبالتالي فإن العودة ان تأخرت او تقدمت سيان ، ناهيك ان الصراعات النوعية كالذي نخوضه مع الحركة الصهيونية العالمية تعمر الى ما هو أكثر من ذلك بكثير ، مئات السنين . كمعظم دول افريقيا وآسيا والعديد من الدول العربية التي ما زالت ترزح تحت مسميات جديدة من الاستعمار الاقتصادي وغير الاقتصادي ، وكما قال زعيم افريقي ان الاستعمار لديهم خرج من الباب وعاد ليقفز من الشباك .

هذا على صعيدنا ، لم نعد ، ومات اللاجئون دون ان يموت حق العودة ، فماذا عنهم ؟ انهم رغم انهم ايضا رحلوا عن الحياة الدنيا مثلنا ، الا انهم لم يستقروا ، وخاضوا حروبهم ومعاركهم التي ربحوا بعضها وخسروا بعضها الآخر ، لكنهم لم ينتصروا ، ما زالت اقدام ابنائهم في البساطير ، جدا وأبا وابنا وحفيدا ، وبدأوا منذ عقدين يوزعون كمامات الغاز ، تحسبا من هجمات غير تقليدية هددهم بها صدام حسين ، لكنهم قبل ذلك انكفأوا إزاء أطفال رشقوهم بالحجارة على مدار سبع سنوات ، وبعدهما – انتفاضة الاطفال وكمامات الغاز- نجح حزب لبناني صغير اسمه حزب الله في تمريغ هيبتهم العسكرية ومكانتهم المدعاة انها من عند الله ، في تراب الجنوب .

المهم ونحن نخوض في معمعان الصراع والكفاح والنضال بحيث ننجح مرة ونخفق مرات في تحقيق اهدافنا ، ان لا نتنازل عنها اونقوم بإستبدالها او حتى مقايضتها بأبخس الاثمان وأسوأها ، كما حصل في اوسلو ، عندما استبدلنا الثورة الجميلة بالدولة القبيحة ، وبالاصح ، بسلطة الحكم الذاتي المحدود والمحدودة .

****** ****** *******
يا سيد الشعلة
ما اوسع الثورة
ما اضيق الرحلة
ما اكبر الفكرة
ما اصغر الدولة .... محمود درويش

الجمعة، 7 مايو 2010

4141-455-202 ...هاتف بيكر

لا نعتقد ان هناك فلسطينيا واحدا من ابناء هذا الشعب لا يريد للمفاوضات التي يقوم المبعوث جورج ميتشل بتحديد معالمها ان تنجح ، بل نميل للجزم ان اكثر الجهات حرصا على نجاحها هم ابناء الشعب الفلسطيني الذي يريد ان يرى نهاية لهذا الاحتلال الذي لا يحتله فحسب ، بل وكل العالم على اعتبار انه آخر احتلال من اواسط القرن الماضي .
جزء كبير من هذا الشعب لم تعد تنطوي عليه لعبة المفاوضات والمبادرات والوساطات والبعثات كما كانت تنطوي في الماضي ، فقد مرت عشر سنوات على احتلال عام 1967 وكنت تسمع الناس يقولون ان اسرائيل ستنسحب خلال ايام ، وقبلها صدق اللاجئون انهم سيعودوا الى منازلهم ، وأن وكالة الغوث قد منحتهم مسكنا مؤقتا في مخيماتهم لا يخدمهم اكثر من عشر سنوات يكونوا خلالها قد عادوا .
تجربة التفاوض التي استمرت زهاء عشرين سنة - في العلن- كانت بدورها كفيلة لأن تجعل اغلبية الشعب الساحقة غير مطمئنة لهذه المفاوضات ، بل حانقة عليها وكافرة بها ، ليس من باب انها لم تحقق للشعب تطلعاته الاساسية في الحرية والاستقلال فحسب ، بل انها تقريبا أجهزت عليها لحقبة طويلة اخرى من الزمن ، واسهمت في شرذمة الشعب والوطن على حد سواء ، وبددت رصيده الكفاحي وقوضت الارض الصلبة التي عكف على ترسيخها عشرات السنين من التضحيات . وبمعنى آخر أطعمته جوزا فارغا .
في كتابه الذي يمتد الى الف صفحة ، بعنوان "السلام المفقود" يسوق دينس روس تجربته في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي قادها بفشل منقطع النظير بين الفلسطينيين الذين مثلهم انذاك ياسر عرفات، وبين الاسرائيليين الذين مثلهم رابين الى ان قتل ثم بيرس فنتنياهو فباراك ، وكلهم اليوم احياء بل يتصدرون السلطة المحتلة ، كذلك الحال الفلسطينييون الذين انخرطوا في التفاوض ، هم هم ، بمن فيهم ابو مازن وصائب وقريع وعبد ربه والرجوب والدحلان وابو ردينة . يسوق روس في مؤلفه قضية الخليل التي بدأت من عند رابين فبيرس فنتنياهو في حوالي خمسة فصول من اصل 25 فصلا ، ليصل في نهايتها الى استخلاص "من الانسب لهم لوتفاوضوا مباشرة فيما بينهم وكان الاحرى بنا الا نأخذ المفاوضات على عاتقنا".
تلك كانت مفاوضات غير مباشرة فاشلة ، سبقتها مفاوضات مباشرة أفشل ، أتبعت بمفاوضات مباشرة فشلت مرة أخرى ليتم الانتقال الى مفاوضات غير مباشرة ، وتساءلت : اذا كانت اتفاقية الخليل قد استنفذت كل هذا الوقت في زمن امريكي مهجن بين بوش الاب وكلينتون دون ان تصل الى نهايتها ، فماذا عن القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود . واذا ما راهنت القيادة على امريكا ، كما راهن الراحل عرفات ، فأرسل له وارن كريستوفر رسالة حملت اسمه كتعهد امريكي ، ووصل الامر بوزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر ان اعلن هاتفه حين قال "إذا كان الاسرائيليون جادون بشأن السلام فها هو هاتفنا 202-455-1414" . واقع الحال يشي بل يصرخ من اتصل بمن .

الأحد، 2 مايو 2010

مناكفات مناكفات 30-4-2010


أخذت حماس على عبد ربه انه لن بسمح بتوظيف أي موظفة جديدة تلبس حجابا في تلفزيون فلسطين ، وهي لأنها حركة دينية معها حق في هذا المأخذ ، لكن رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون الاسبق اخذ على تلفزيون الاقصى انه لا يوظف الا محجبات ، بل ان مديره فتحي حماد تفاخر انه لا يسمح بإظهار أي إمرأة غير محجبه على فضائيته ، حتى لو كانت ام شهيد تهيل التراب على رأسها . ثم يقولون لنا اننا شعب حر ، بإستثناء حريتنا في اختيار ملابسنا كي يرضى عنا اولي الامر منا .

وتأخذ فتح على حكومة فياض انها لا تضم وزراء لها في الحقائب المهمة كالخارجية والمالية والاعلام ، وتطالب عباس باجراء تعديل وزاري يضمن لها مواقع وزارية أكثر كما وكيفا ، ويرد فياض ان الحركة لها أحد عشر وزيرا من أصل أربعة وعشرين . لكن لماذا لا تقر فتح ان فياض يقود السفينة بكفاءة ونزاهة وبساطة لم نعهدها في الحكومات السابقة رغم ان الربان كان فتحاويا خالصا . صحيح ان فياض لم يحرر فلسطين ، ولا نعتقد ان بر الامان يلوح في أفق الموج الهادر الذي ما يزال بعيدا ، ولكن منظمة التحرير بكل فصائلها وعبر اربعة عقود من النضال والكفاح والمساومة والمراوغة والسياسة والمشاريع الحقيقية والوهمية وتوقيع الاتفاقيات والتفاوض شبه المفتوح الذي امتد لثمانية عشر عاما ، لم تحرر شيئا بدورها . وهل تريد حركة فتح اقناعنا ان ضم وزراء جدد كثر من لدنها وصلبها له علاقة بالتحرير والكفاءة والنزاهة .

ويأخذ أحمد بحر على التعديل الوزاري المرتقب في حكومة فياض بأنه باطل و غير دستوري ، وكأن حكومة حماس التي أقالها ابو مازن بعد عملية الحسم دستورية ، وكأن التشريعي الذي يضلع به السيد بحر ظل دستوريا بعد انتهاء مدته الزمنية ، او كأنه كان تشريعيا حقيقيا شرع لنا مئات القوانين والانظمة في الخضم المتسارع والمتكالب على هذا الوطن وشعبه ، أو لكأننا انتخبناه لغايات اطلاق التصاريخ الصحفية من ناحية ، وبمدة زمنية مفتوحة الى ابد الآبدين ، من ناحية اخرى . والله أعلم يا فضيلة الشيخ مني ومنك إن كانت مرتبات اعضاء التشريعي حلالا ام حراما ، لطالما انهم لم يعملوا بها او مقابلها . وفي الحقيقة ، لا نعرف لماذا يخرج الشيخ بحر ليعتبر التعديل الوزاري في حكومة فياض ، رغم انه لم ير النور بعد ، باطلا ، لطالما أنه لا يعترف بشرعية فياض وعباس وحكومتهما من أصله .

إن وقف المناكفات هي المقدمة الحقيقية لاعادة الاعتبار لهذا الشعب ونضاله العادل ، والذهاب بصدق نحو اولوياتنا في التصدي للمؤامرة التي تحاك على القدس والصفة وغزة ومخيمات اللجوء في الشتات . دون ذلك فإن وراء الاكمة ما وراءها .