تمكن اللاجئون خلال هذه العقود تدبير شؤونهم المعيشية من حيث المسكن والمأكل والملبس بما (جادت ) به وكالة الغوث الدولية ، بما في ذلك الملابس القديمة التي كان يطلق عليها اسم البكجة تعريبا للكلمة الانجليزية Package ، وهم ينتظرون يوم عودتهم ، لكنهم رحلوا قبل ان يكون لهم ذلك ، فمن كان عمره خمس عشرة سنة واكثر في يوم النكبة ، يكون عمره اليوم قد ناهز الثمانين .
لم تعد مدة ستين عاما او سبعين زمنا طويلا بعد مغادرة الجيل الاول ، وفي الانتظار مغادرة الجيل الأخير خلال العقد القادم ، حيث ان من عايشها طفلا عن ست الى ثماني سنوات ، يكون عمره قد ناهز الثمانين ، لسبب ان الاجيال اللاحقة لا تعرف ذاك الوطن ولم تعش نكبته ونكبة شعبه ، وبالتالي فإن العودة ان تأخرت او تقدمت سيان ، ناهيك ان الصراعات النوعية كالذي نخوضه مع الحركة الصهيونية العالمية تعمر الى ما هو أكثر من ذلك بكثير ، مئات السنين . كمعظم دول افريقيا وآسيا والعديد من الدول العربية التي ما زالت ترزح تحت مسميات جديدة من الاستعمار الاقتصادي وغير الاقتصادي ، وكما قال زعيم افريقي ان الاستعمار لديهم خرج من الباب وعاد ليقفز من الشباك .
هذا على صعيدنا ، لم نعد ، ومات اللاجئون دون ان يموت حق العودة ، فماذا عنهم ؟ انهم رغم انهم ايضا رحلوا عن الحياة الدنيا مثلنا ، الا انهم لم يستقروا ، وخاضوا حروبهم ومعاركهم التي ربحوا بعضها وخسروا بعضها الآخر ، لكنهم لم ينتصروا ، ما زالت اقدام ابنائهم في البساطير ، جدا وأبا وابنا وحفيدا ، وبدأوا منذ عقدين يوزعون كمامات الغاز ، تحسبا من هجمات غير تقليدية هددهم بها صدام حسين ، لكنهم قبل ذلك انكفأوا إزاء أطفال رشقوهم بالحجارة على مدار سبع سنوات ، وبعدهما – انتفاضة الاطفال وكمامات الغاز- نجح حزب لبناني صغير اسمه حزب الله في تمريغ هيبتهم العسكرية ومكانتهم المدعاة انها من عند الله ، في تراب الجنوب .
المهم ونحن نخوض في معمعان الصراع والكفاح والنضال بحيث ننجح مرة ونخفق مرات في تحقيق اهدافنا ، ان لا نتنازل عنها اونقوم بإستبدالها او حتى مقايضتها بأبخس الاثمان وأسوأها ، كما حصل في اوسلو ، عندما استبدلنا الثورة الجميلة بالدولة القبيحة ، وبالاصح ، بسلطة الحكم الذاتي المحدود والمحدودة .
****** ****** *******يا سيد الشعلة
ما اوسع الثورة
ما اضيق الرحلة
ما اكبر الفكرة
ما اصغر الدولة .... محمود درويش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق