السبت، 27 نوفمبر 2010

حلف التصدي لأمريكا واسرائيل

بزيارة رئيس وزرائها الى لبنان ، تكون تركيا قد تقدمت خطوة صريحة اخرى نحو حسم موقفها ضد اسرائيل ، بحيث ان خطابه التهديدي ضدها كان واضحا وصريحا فيما يتعلق بأي من اعتداءاتها عليه او على غزة ، من ان بلاده لن تقف موقف المتفرج . اردوغان الذي يعمل في السياسة من ابرز مواقعها ، ألمح في خطابه ، انه سيتصدى للانظمة التي لا يعجبها التقارب التركي مع العرب ، وهو بالتأكيد يعرف انها تصطف مع اسرائيل بطريق مباشر حيث ترتبط معها باتفاقيات موقعة ، او بطريق غير مباشر وعبر وسيط غير نزيه هو الولايات المتحدة ، وبالتالي فأن التلميح يطول حلفاء اسرائيل من فوق ، امريكا وبعض دول اوروبا ، ومن تحت ، اي الانظمة العربية الكبيرة والمتهالكة في الصغر على حج سواء .

وما كان لتركيا ولا لطيبها اردوغان ، ان يتقدموا على هذا الطريق الوعر والخطر ، لو لم يوصد الاتحاد الاوروبي بواباته امامها ، في حين فتحها لكل من هب ودب ، مدركا ان قرار الاغلاق هو اسرائيلي بحت ، هذا من جهة ، ومن الجهة الاخرى ، فإن الطريق على وعورته وصعوبته ، فإنه ليس بكرا ، فهناك من يسير فيه منذ عقود ، وبالتحديد طهران ودمشق وبغداد قبل احتلالها ، والتي تنهض من جديد .

اما لبنان ، الذي يتخوف نتنياهو ، صاحب مشروع الدولة اليهودية ، فهو يتخوف من ان يسيطر عليه حزب الله ، فإن اردوغان يعرف أكثر من نتنياهو ، من ان حزب الله بعد ان تصدى للاسرائيل ، انما سيطر فعليا على لبنان وعلى أفئدة الجماهير العربية والاسلامية في العالم .

وعليه ، فإن الزيارة ، تحمل في طياتها اعلان مبطن عن الانضمام للحلف ، الذي يرغب البعض اعتباره اسلاميا او شيعيا ، او عربيا ، وهو في حقيقته حلفا امميا ، تنخرط فيه ثلاثة امم عريقه ، ذات حضارات تليدة تمتد الى الاف السنين يدينون بالاسلام والمسيحية وكذلك اليهودية ، وبعض من هذه الامم حكمت العالم في اربعة ارجائه ، واشاعت الفكر والادب والعلم والفن .

يكفي هذا الحلف فخرا انه يستطيع ان يقول "لا" لأمريكا ، و "الويل" لإسرائيل ، التي تهيمن على المنطقة وكيلة عن أمريكا ، وفي الآونة الاخيرة ، شريكة لها ، وتمعن في احتلال الشعب الفلسطيني ، الذي جنحت قيادته للسلم معها ، لكنها وعلى مدار عشرين سنة مفاوضات لم تقبض غير الريح ، وأخيرا تمنحها امريكا رشوات تفوح منها اعتى الرائحات عفنا ، فترد عليها بسن قانون الاستفتاء الذي يشرع عمليا احتلالها للقدس والجولان .

يكفي هذا الحلف فخرا انه يضم ما يناهز مئتي مليون انسان ، لهم دين واحد : التصدي للشر .

و ما زلنا لا نعرف ان كان الرئيس الفلسطيني قد وضع امكانية الانضمام لهذا الحلف من ضمن الخيارات الخمسة التي قدمها لأمريكا .

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

ثلاثة مليار دولار في ثلاثة اشهر ما يعادل 50 الف في الدقيقة

هاتفني صديق يواظب على قراءة مقالتي يسأل عن مدى دقة ما جاء في المعادلة الاخيرة من ان يشتمل التوسع الاستطياني في القدس ، والذي لم تشمله الصفقة الامريكية الاسرائيلية الاخيرة ، على كل المناطق المتاخمة للقدس ومستوطانتها من جهة محافظة بيت لحم ، بما في ذلك بلدات فلسطينية عريقة ، مثل بيت جالا و بيت ساحور وبتير وحوسان ونحالين والولجة والرشايدة وكيسان وزعترة . وهو محق في استغرابه ودهشته ، ما عدا حقيقة أن الحركة الاستيطانية عبر ثلاثة عقود من الزمن قد نجحت في إنشاء عشرات المستوطنات غير العشوائية ، ابتداء بجيلو وقبلها عصيون مرورا بتقوع وافرات وبيتار ومعها بيتار عيليت وتقواع وال ديفيد ونيكاديم و معاليه عاموس واليعازر ونفي دانيال وهمتوس وجفعات يائيل وهار حوماة، عدا عن منطقة قبة راحيل ومنطقة عش غراب ، وهي مستوطنات تحيط ببيت لحم من جوانبها الاربعة وجميعها بدون استثناء تتبع رسميا لمدينة القدس ، وهذا هو الذي يفسر ربما ان مساحة بيت لحم من المنطقة المصنفة سي بحوالي 70% من مساحة بيت لحم الكلية وفق معهد اريج للابحاث التطبيقية . واذا افترضنا ان الاستيطان سيتوقف في القدس والضفة فانه لثلاثة اشهر تجميدا وليس توقيفا . بعدها تتعهد امريكا ان لا تطلب من اسرائيل توقيفا ولا تجميدا مرة اخرى .

الصفقة الاخيرة التي اطلق عليها المحلل البريطاني روبرت فيسك "رشوة امريكا لاسرائيل" تدلل على الخطورة القادمة ، حين قال انها رشوة تفوح منها رائحة عفنة ، ويقول : ثلاث مليارات دولار مقابل تجميد الاستيطان في الضفة بدون القدس لمدة تسعين يوما ، بمعدل 71 مليون دولار في اليوم ، اي 50 الف دولار في الدقيقة الواحدة . ويضيف في مقاله الذي نشرته الاندبندنت : و اذا ما تم اعتماد الصفقة فإنه يجب علينا ان نقول وداعا لآخر فرصة لأن يصبح الجزء الشرقي من المدينة المقدسة عاصمة للدولة الفلسطينية ، بل علينا ان نقول وداعا للقدس ولفلسطين وللعدالة .

في عام 1988 اختار اسحق شامير الذي كان زعيما لحزب الليكود ان يطلق حملته الانتخابية من مستوطنة افرات ، قال يومها انه يتطلع الى اليوم الذي تستعيد فيه بيت لحم اسمها التوراتي "افراتا" ، وافراتا اليوم لمن لا يعرفها لها شواخص تدل على شمالها وجنوبها ومركزها ، وهي مع بقية المستوطنات المجاورة لها ترتبط مع غوش عصيون من ناحية ومع مستوطنة تقوع واراضي سعير والخضر وارطاس والمعصرة وام سلمونة من الناحية الاخرى ، وفيها حركة صناعية وسياحية واقتصادية ورياضية وتنفق من المياه والكهرباء ما تنفقه كل محافظة بيت لحم التي تخبو وتتآكل وتتقلص لتبقى محصورة في كنيسة المهد .

السبت، 20 نوفمبر 2010

حقا انها أخطر من الاستيطان وأجهزت على خيارات السلطة السبعة 15-11-2010

يدرك الناس ، بغض النظر عن جنسياتهم و اماكن تواجدهم على سطح الكوكب ان مشروع الاتفاقية الجديدة بين امريكا اوباما ونتنياهو اسرائيل والمتعلقة بالمفاوضات المتوقفة مع الفلسطينيين عند موضوع الاستيطان وتجميده ، يدركون انها اتفاقية سيئة جدا ولا يمكن ان تشكل اي نوع من ارضيات استئناف مفاوضات ، للدرجة التي بلغت برئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض ، أن يقول عنها انها اخطر من الاستيطان نفسه .

ونميل للاعتقاد ان الرجل الذي لا يختلف اثنان في هذا العالم على مدى سلاميته وانتمائه لمعسكره ، قد قرأ الاتفاقية وبنودها وتفاصيلها بدءا من لفظة "تجميد" بدلا من "توقف" لمدة تسعين يوما لا يشمل ذلك القدس المحتلة ، تتعهد بعدها امريكا ان لا تعود لتطلب تجميدا جديدا ، ناهيك عن المال والسلاح "نفاثات الشبح" وغض الطرف عن نووياتها والتعهد بإبراز الفيتو في وجه اي محاولة فلسطينية من طرف واحد داخل مجلس الامن ، لتأتي بذلك على خيارات السلطة السبعة التي لوحت بها مؤخرا . ولا تنتهي بنود الاتفاقية السبعة التي تمخضت عن اجتماع دام سبع ساعات مع الوزيرة الجميلة هيلاري كلنتون ، بل تعدت الى ايران وغيرها من دول الشر . هذا فعلا يخرج الدكتور فياض عن صوابه ويدفعه الى هذا الوصف الدقيق والخطير والمتقدم .

ولمن لا يعرف القدس ، التي سيتواصل فيها الاستيطان ، فهي من الوجهة الاسرائيلية ، الليكودية والمعراخية وما بينهما من كاديمية ، ومن لف حولهما من مفدال وشاس وليبرمان ، عاصمة اسرائيل الموحدة الى الابد ، وقد قامت هيلاري كلينتون ابان الانتفاضة عندما كانت سيناتور بزيارتها ، ووصلت الى جيلو ، ومن هناك اطلقت تصريحها الشهير "لا يوجد دولة في العالم تتعرض عاصمتها للقصف وتبقى ساكتة" ، ولمن لا يعرف جيلو ، فهي اراضي شاسعة من اراضي بيت جالا اسمها الاصلي "جبل إصليّب" مملوكة للمسيحين والمسلمين الفلسطينيين ، وإذا كانت اسرائيل قد ضمتها للقدس منذ اواسط سبعينات القرن ، فإنها ضمت جبل ابو غنيم بعد توقيع سلام الشجعان ، وأطلقت عليه اسم "هار حوماة" واصبح جزءا لا يتجزأ من العاصمة الموحدة . نسوق ذلك لنخبر القيادة الفلسطينية التي لا ترى الا المفاوضات طريقا ، وبقية الطرق الاخرى ارهابا يجدر تجنبه ، أن استثناء القدس من التجميد يعني ضم الولجة وبير عونة وما تبقى من رأس بيت جالا ، والمخرور و حوسان و بتير ووادي فوكين ونحالين والجبعة المتاخمات لمستوطنة بيتار ، ناهيك عن اراضي الخضر وبيت أمر وبيت فجار وارطاس المتاخمة لمستوطنة افرات ، كذلك اراضي زعترة وتقوع والزير والتعامرة والفردوس وجب الذيب والرشايدة المتاخمة لمستوطنة تقواع وعاموس وأل ديفيد ، فهذه كلها جزء لا يتجزأ من العاصمة الموحدة اورشليم .

خريف حار وافاق متبلدة 12-11-2010

لا تتحمل القيادة الفلسطينية حرارة الخريف الذي نعيشه هذه الايام بعد الصيف اللاهب الذي صامه الناس في آب المنصرم ، وانتظروا انتهاءهما – رمضان الكريم والصيف اللاهب – بفارغ الصبر ، على امل ان يأتي الخريف فيضفي برطوبته وبرودته بعضا من السكينة على النفوس التي تترقب السلام والمصالحة بفارغ الصبر ، لكنها ، موجة الحر ، استمرت .

وأثناء تذكر الناس رحيل الرئيس ياسر عرفات قبل ست سنوات ، يتذكرون موجة البرد والمطر التي صاحبت تشييعه ، فيذهبون في المقارنة بين قيادته والقيادة الحالية الى أبعد مما تحتمل المقارنة حتى تصل الى الطقس التشريني في ظل القيادتين .

كان الوضع السياسي سيئا ، وما زال .

فأمريكا التي تمسك بزمام العالم هي نفسها امريكا منذ خمسين سنة وأكثر عندما اعتلت العرش خلفا للامبراطورية البريطانية ، ومن يقول غير ذلك بسبب مجيء اوباما خلفا لبوش ، فليقرأ نتائج الانتخابات الأمريكية النصفية الاخيرة التي أعادت حزب بوش الى الواجهة من جديد .

واسرائيل هي اسرائيل منذ بن غوريون و رابين وحتى نتنياهو مرورا بباراك وشارون واولمرت ، بل ان حزب رابين شريكنا في سلام الشجعان ، تراجع الى ان اصبح لاول مرة في تاريخه حزبا ثالثا حيث حل محله حزب ليبرمان الذي لا يستطيع خداع أحد بمن في ذلك الذين يحبون خداع انفسهم ، من انه ضد السلام أي سلام ، ولهذا اغتيل رابين عند ذاك المذبح .

وبالطبغ فإن القيادة العربية هي نفسها ، فهي حتى لا تتغير الا بالتدخل الالهي ، وهو أمر حتمي لا راد له ، وكنا نظنه خيرا ، الى ان تكشف لنا ان ابن الزعيم يتورث الحكم من بعد أبيه ، فيخرج علينا المفتي ليقول : هذا الشبل من ذاك الاسد

والقيادة الفلسطينية هي نفسها القيادة الفلسطينية ، فالرئيس عباس هو من الرعيل المؤسس ، وقد احتل في ظل عرفات منصب رئيس الوزراء الذي يحتله اليوم سلام فياض ، الذي كان في عهد الرئيس الراحل وزيرا للمالية ، صائب عريقات كان وما يزال كبيرا للمفاوضين وكذلك نبيل شعث وياسر عبد ربه ، قيادة جانحة للسلم ، للدرجة التي فاوضت فيه اسرائيل حوالي ثمانية عشر عاما ، لكن ستة منها فقط في ظل القيادة الحالية ، دون ان يتحقق السلام العادل ولا حتى نصف العادل .

على الصعيد الداخلي ، هناك اشياء ايجابية واخرى سلبية مردها لعقلية الرئيس الحالي الذي وعد في حملته الانتخابية التصدي للفساد ، ولكن هذه مهمة ليست سهلة على الاطلاق ، خاصة حين يكون هذا الفساد مستشريا ومتغلغلا . لقد كشف الرئيس الحالي وهو يقدم استقالته من رئاسة الوزراء بعد ثلاثة اشهر فقط من توليه المنصب "ان البنزين يغش بقرار " . لكن الارهاصات التي تدور في ذاتيات الناس انها وهي لم تحصل على السلام ، وبالتالي على الاستقرار ، لا في منحاه الاقتصادي ولا الامني ولا الروحي ، تذهب لإضافة المنحى الطبيعي ، بحالة الطقس والخريف الحار .

استدراك للدكتور الزهار 8-11-2010

اليهود الذين طردتهم بريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي ذكرها القيادي الكبير في حركة حماس محمود الزهار ، هم ليسوا نفسهم اليهود الذين جاءوا لاحتلال فلسطين وأقاموا عليها دولة اسرائيل قبل ما يزيد على ستين سنة ، فهؤلاء متحالفون مع الدول الاستعمارية التي استعمرت عشرات دول العالم واستوطنت فيها ، فرنسا التي احتلت الجزائر لأكثر من مئة وثلاثين سنة ، اي ضعف عمر دولة اسرائيل ، منعت اللغة العربية على سكانها ، للدرجة التي وصلت بأحد قادة تحريرها حين وقف ليخطب في يوم النصر ، انه بكى وجلس ، لأنه لم يكن ليجيد اللغة العربية .

فرنسا هذه ، التي طردت اليهود ، كما يقول الدكتور الزهار ، هي نفسها فرنسا التي أنشأت لهم مفاعل ديمونا النووي ولما يمض على انشاء اسرائيلهم اكثر من ثلاث سنوات ، لم تكن قد وصلت نهايتها في الجزائر بعد . هل أحد يصدق ان دولة لم يمض على تأسيسها سوى سنوات ثلاث تستطيع ان تمتلك مفاعلا نوويا ينتج القنابل والرؤوس النووية ، في حين تحرم دول عريقة من امتلاكه ، حتى ولا مفاعلات سلمية كالذي تعمل عليه بعض دولنا العربية في ايامنا الراهنة .

وبريطانيا يا دكتور الزهار ، التي منحتهم الوعد المشهور الذي مرت ذكراه الثالثة والتسعين المؤلمة قبل أيام ، اي قبل قيام الدولة بنحو ثلاثين سنة ، جيل كامل من التخطيط والتآمر والاعداد الاستعماري والاستيطاني ، مات خلاله لربما المانح والممنوح ، الغادق والمغدوق ، هذا التخطيط بعيد المدى لم يكن له الا دين واحد ، هو الاستغلال والاستثمار والطمع والاتجار بدماء الناس واوطانهم وخيراتها .

وأظن انه لا ينطلي على أحد ان يكون بيرس او بن غوريون او بيغن او رابين او اولمرت او شارون ، يهود متدينون ، حتى نتنياهو الذي يطالب اليوم الاعتراف بيهودية دولته ، هو أبعد ما يكون عن الدين .

لو كانت هذه دولة اليهود لاستقطبت عشرات ملايينهم في العالم ، وانت تعرف كيف تم استجلاب من جلبوا ، ليس بالاغواء والخداع والاطماع فقط ، بل بزرع القنابل في احيائهم ودور عبادتهم . وحين لم يحققوا النجاح المرجو ، ذهبوا لاحضارهم من اثيوبيا وارتيريا وروسيا ، وعند وصولهم كانوا يطاهرونهم ، اي يستخدمون الموسى في قطع اللحمة الزائدة من اعضائهم التناسلية .

ليس للاستعمار بشكليه القديم والحديث دين سماوي ، فالدين جاء هداية للعالمين ، وجميع بني الانسان هم ابناء الله ، وجميع اصقاع العالم هي ارض الله ، والدين اليهودي هو اول الديانات الكتابية ، وفي ديننا الحنيف فإنه ليس لأحد فضل على الآخر الا بالتقوى ، ونظن ان من يحتل ارض الغير يفتقد لكل حدود التقوى بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه .

قبل ايام قالت الوزيرة السابقة شولاميت ألوني انها لم تعد تشعر انها تعيش في وطنها ، وقبلها بحوالي ستين سنة رفض ألبرت أنشتاين ان يكون رئيسا لهذه الدولة .

هذا وطن منهوب 5-11-2010

إذا كانت مسألة تمكين فريق التحقيق الدولي في إغتيال الرئيس الحريري قبل حوالي ست سنوات ، غير واضحة المعالم ، بين من يؤيدها من اللبنانيين ، لمعرفة حقيقة اغتياله والجهة التي تقف وراءها - المتهم هنا هو حزب الله - وبين من يعارضها ، بدعوى انها تطول كل المقدرات اللبنانية بما في ذلك الاسرار والمعادلات والمقدرات وحتى الافكار والاراء في رؤوس الناس والتطلعات والمشاعر في صدورهم ، ولهذا وصلوا الى العيادة الطبية وبياع الهريسة .

نقول اذا كان هناك خلاف حول ذلك ، فما هو الخلاف حول تقسيم السودان بين شمال وجنوب ، والتوصل الى "الحل العادل" المتمثل بالأستفتاء ، ونسأل من هو الذي يستفتى على ارضه وتراب وطنه ، هل يجوز لشعب ولاية لويزيانا التي ضربها اعصار كاترينا ومعظم سكانها من السود ان يطلب اليهم الاستفتاء على الانفصال عن الولايات المتحدة بعد "العار القومي" الذي ارتكبته حكومة جورج دبليو بوش بحقهم والمساعدات التي تأخرت بما يكفي لتشريد اكثر من مليون انسان وخسائر تقدر ب300 مليار دولار وانتشار اعمال النهب والسرقة وحتى الاغتصاب . ... الاقتراح الاخير الذي قدم عند هذا المذبح ، هو اتحاد كونفدرالي .

وماذا عن العراق ، الذي حضرت جحافل الحضارة والرقي والتقدم لتخليصه وتخليص العالم من ديكتاتوره وهتلره صدام حسين ، مات صدام حسين دون ان يرمش له جفن ، ومات جميع اركان قيادته التي طبعوا صورهم ووزعوها على ورق الشدة وبقي فقط طارق عزيز في انتظار التنفيذ ، وحتى ولدي صدام عدي وقصي ومعهم الحفيد الصغير مصطفى تم اعدامهم ، وتشردت بناته في المنافي ، فلماذا تظل امريكا هناك . وهل أحد يصدق ان امريكا ستنسحب حقا من العراق وفق الجدول الذي أعلنه الرئيس اوباما عند توليه الحكم قبل ان يفرغوا مخزونه النفطي وقبل ان يقسموه شر تقسيم بحيث لو سقط في يد ايران فلن يسقط أكثر من قطعة واحدة ، تكون اسرائيل قد نالت حصتها منه .

حتى مصر التي جنحت للسلم ، والتي يعيش مواطنها كفاف يومه ، ويعلن عن حد ادنى للأجور لا تقل عن اربعماية جنيه شهريا ، حوالي مئة دولار ، وفي اسرائيل الفان وخمسمائة دولار ، اي خمسة وعشرين ضعفا ، بدأت ايدي الخفاء والظلام تعبث بمياه نيله .

أما فلسطين ، فهي قضية محسومة ، وبالكاد يدور الحديث فيها عن تجميد للاستيطان ، وهذا التجميد لا ينجح ، ولن ينجح ، فهناك امور اخرى غير محسومة ، وعلى المعسكر اياه ان يتفرغ لها ، محليا واقليميا وعالميا ، نقصد ايران وسوريا وحزب الله واليمن الجنوبي وتركيا أردوغان ، وطبعا العراق الجديد ، عراق بدون صدام .

****** ****** ******

وطني البدوي ... نساؤك منهوبة

ويباهي رجالك نصرا بأعضائهم فرحين

فما زالت العاصمة /

تب قوم زعاماتهم أرنب عصبي جبان

وعزمهم خصية نائمة /

اسكتوا...فالحكومات في أستها نائمة /

لا..لا..فحكومتنا دون كل الحكومات

فزت من النوم شاهرة سيفها /

وعلى صدرها ما تشاء من الأوسمة/

طعنتنا وبشهد الإله مثل البقية مستلزمة

مظفر النواب

الاثنين، 25 أكتوبر 2010

أين محكمة الفساد من هذا الفقير ؟

هل يا ترى خبر انشاء محكمة الفساد الذي أدخل البهجة والسرور الى قلوب ابناء الشعب الفلسطيني ، ادخل الخوف و القلق الى قلوب الفاسدين ، وخاصة عتاتهم الذين ما كان لهم ان ينفذوا الى مناحيه المتعددة لو لم يتنفذوا ويتحكموا ويتقلدوا المناصب والمواقع و الامتيازات .

هذا سؤال ستحسمه المحكمة العتيدة خلال الاشهر القادمة ، فيحسم الشعب موقفه منها إن كانت فعلا توجه ضرباتها القاصمة الى الفساد ام ستصبح جزءا من توليفته ، فتنهي بالتالي احلام البسطاء من الناس الذين يستبشرون خيرا بكل ما يلمع على انه ذهب او على الاقل فضة .

ونكاد نجزم ان المعنيين بالمحكمة عارفين بمدى عمق المشاعر التي تنتاب الناس ازاء نجاحها في مهماتها ، لأنه على مدار السنوات الطويلة الماضية التي انتعش فيها الفساد ونمى وترعرع وتفرع ، نجى معظم الفاسدين بفعلاتهم ، ولم نر في الشباك الا بعض من اسماك صغيرة ، بينما نجحت الحيتان الكبيرة من قضم شباكها ، لأنها كانت واهنة .

لا قيمة كبيرة لمحكمة فساد لا تطبق على فاسد كبير ، ولا قيمة لمحكمة فساد تعلن "عفو الله وعفوها عما مضى" ، بدعوى فتح الصفحة الجديدة ، او وفق المنطق الافتائي : يجّب الاسلام ما قبله ، او حتى بالمنطق شبه القانوي : "التقادم" ، او "كادوك" ، فهناك قضايا لا يسقطها الزمن مثل اسمنت الجدار العنصري ، او حين يكون حجم الفساد بالملايين وآلافها ، او حين يكون ضحايا ابرياء خروا في دمائهم صرعى لأنهم رفضوا الانصياع لإرادة الشر والفساد فهلكوا دونه وسجلت ضد مجهول ، وهو معلوم ومعروف . او حين يتم الاستيلاء على ارض الغير والبناء عليها ، بدعوى ان واقع المكان قد تغير وان لا أحد يطلب هدم ما تم بناؤه ، خاصة حين يكون هذا البناء قصرا او فيللا .

لقد كشف رئيس هيئة محاكمة الفساد رفيق النتشة الذي ظل يحظى بإحترام الناس والحوز على ثقتهم ، ان هناك خمسين ملفا لقضايا الفساد جاهزة للمحكمة الجديدة ، وسيتوالى تحويل الملفات على قاعدة ان لا حصانة لأحد بسبب من مركز او وظيفة وستتم ملاحقة الفاسدين في كل مكان ، ويقصد هنا الذين قضموا الشبكة وفروا الى الخارج .

بالأمس جاءني والد الاسيرين اسحق وشادي كامل مصلح من الدهيشة اللذان امضيا ثماني سنوات ونصف لكل منهما ، وقد تم الاتصال به من قبل هيئة الاسرى لكي يتقدم للحصول على منحة الحج السعودية التي تمنح لكل اب اسير امضى اثنتي عشرة سنة فأكثر ، وحين تعذر ايجاد العدد ، اصبح بإمكان من لديه اسيرين امضيا تلك المدة ، لكن طلب الاب رفض ، مؤكدا انه تم منح آخرين لم تتوفر لهم المواصفات . الاب راجع وزير الاسرى الذي أقر بالخلل ، لكنه لم يستطع تغيير شيء .

ترى هل هذا فساد أم لا فساد ؟ وبالمناسبة فإن الاسيرين ينتميان لحركة فتح ، لكن والدهما ينتمي للفقراء .

معادلة عن الجبهة الشعبية وتعليق مخصصاتها


ترى ، كم كان رصيد الثورة الفلسطينية في اللحظة التي فجرها ياسر عرفات قبل حوالي خمسين سنة ؟ بل هل كان لها رصيدا او حسابا في البنك أصلا ؟ وهل كان عرفات وصحبه يتطلعون الى ان يكون لهم رصيدا ماليا يتجاوز الملايين الى المليارات ، للدرجة التي قيل ان الثورة الفلسطينية اصبحت من بين ابرز الثورات ثراء في العالم .

نسوق ذلك ونحن بصدد قرار المنظمة / السلطة القاضي بوقف مخصصات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أعاد تأسيسها الدكتور جورج حبش عن حركة القوميين العرب قبل ما يزيد على ستين سنة بعد قرارها المرتبك تعليق عضويتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة ، وهو ما وصفه الرئيس عباس بأنه "رجل جوا ورجل برا" .

و نحن للأسف الشديد ، لا نعرف مدى دقة هذا الموضوع ، لكن أكثر من مصدر مأذون أكده ، ونحن ايضا لا نعرف حجم هذه المخصصات الشهرية للجبهة الشعبية بدقة ، وإن كان البعض قد ذكر انها خمسين الف دولارا شهريا وتصل الى ستين . لكنا نستنتج ان بقية الفصائل تتقاضى مخصصات شهرية ، دون ان نعرف ان كانت تتقاضى نفس المبلغ الذي تتقاضاه الشعبية ، بمعنى هل جبهة النضال وفدا لها نفس مخصصات حزب الشعب والديمقراطية أم أقل ، لأن هذا في حاصل عملية جمع وضرب بسيطة ، يوازي ثروة كبيرة سنويا .

سيقول قائل ان هناك عشرات مؤسسات NGO'S التي لها ميزانيات بحجم هذا المبلغ وأكثر

، لكنا هنا ما زلنا نتحدث عن فصائل مقاومة مهمتها تحرير فلسطين ، وأن معظمها ما زال يحتفظ في مسماه بهذا المصطلح ، وان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عندما علقت عضويتها في منظمة التحرير الفلسطينية ، كان لذاك التعليق علاقة بالمفاوضات والتحرير .

وهناك اختلاف في قراءة القرار (وقف المخصصات) ، البعض يراه تعسفيا قائما على ردة فعل متعجلة ، والبعض يراه منطقيا وعادلا ، فالجبهة حين تعلق عضويتها من المنظمة ، يفترض انها تعلقها في كل شيء ، بما في ذلك تلقي مخصصاتها ، وهذا ما يحدث عمليا مع منظمة التحرير ذاتها ، التي تتلقى المساعدات والهبات والمنح والمخصصات من جهات مختلفة ، فإذا ما أخلت بشيء مما هو متفق عليه فإنها بالتالي تفقد هذه المخصصات . وهذا ما هددت به الولايات المتحدة حين طلبت منها الحضور الى واشنطن لاستئناف المفاوضات المباشرة مطلع ايلول الماضي . وهذا ما كان يقوله ياسر عرفات من ان تصريحا واحدا من صلاح خلف "ابو اياد" ضد دولة خليجية كفيل بأن يخسّره مليون دولار .

لكن السؤال الذي بقي محيرا ، هو لمن تذهب مخصصات الجبهة المعلقة ؟ هل تحصل عليها بمجرد عودتها بأثر رجعي ، ام انها توزع على بقية الفصائل ؟؟؟

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

عن إضراب الوكالة وأشياء اخرى

انتهى "العمل التطوعي" تقريبا في بلادنا ، لكي تجد من يهب لمساعدة المزارعين قطف زيتونهم ، الذي تشهد ساحاته معركة غير عادلة مع غلاة المستوطنين الذين أحيانا يقطعون اشجاره ويحرقونها واحيانا يحولون دون اصحابه من الوصول اليه . عدد كبير من المزارعين في هذا العام قالوا انهم عندما وصلوا لقطفه وجدوه بدون زيتون واحيانا بدون اغصان رغم انه ليس في المناطق المتاخمة للمستوطنين ومستوطناتهم .

في مخيم الدهيشة ، الذي ليس فيه زيتون ولا باذنجان ، تتراكم اكوام قمامته بطريقة ملفتة للنظر ، بسبب الاضراب العام الذي ينفذه اتحاد العاملين منذ الخميس الماضي ، وهو اضراب عادل خاصة في المسألة المتعلقة بأن رئاسة الوكالة تصر على حسم بدل ايام الاضراب الذي تم تنفيذه في حزيران الماضي ، حيث عرّضنا الاتحاد للنقد ، لكن في هذه المرة فإن موقف الرئاسة المتشدد ازاء حسم ايام الاضراب ، مسألة مستغربة ومستهجنة ، بل انها منافية لكل تاريخ الاضرابات وللعمل النقابي بأسره . وحتى ما جاءت به السيدة وينشستون مديرة العمليات في بيانها الصحفي لم يكن ليقنع أبسط اللاجئين موظفين او منتفعين مما تبقى من خدمات هذه المنظمة الدولية العريقة ، بعكس ما كان عليه الوضع في الاضراب الماضي ، حيث وقف الناس مع الادارة ضد الاتحاد الى حد كبير .

في الماضي البعيد ، كنت تجد الناس من كل الفئات العمرية يهبون للتخلص من النفايات كي يبقى المخيم نظيفا ، فهي اولا نفاياتهم ومخلفاتهم ، وهي بالتالي تشوه وجه هذا المخيم التقدمي الذي عرف بعناده وصلابته في مقاومة الاحتلال ، والذي وصل بإسرائيل القول ان هناك مكانين في العالم لا تستطيع اسرائيل حماية عملائها فيهما : جنوب لبنان ومخيم الدهيشة .

كان العمل التطوعي منهجا وطريقا قصيرا للبناء ، للدرجة التي نذكر ان شوارع المخيم الداخلية تم تعبيدها بالاعتماد على ذاك الجهد وتلك السواعد ، ولترجع السيدة المحترمة ويشنستون الى دفاتر وكالتها لتنظر حجم الموزانات المرصودة مقياسا بما يتم رصده اليوم ، منذ سنتين تقريبا وشوارع المخيم تتعرض لحملة تحفيرات ، مرة للبحث عن المجاري التي تلوث المياه ومرة عن شبكة المياه المتآكلة ، للدرجة التي يعتقد المرء انهم بصدد بناء نيو يورك .

انذاك ، كان يتم تعطيل الدراسة كي يتسنى للشباب مساعدة المزارعين قطف زيتونهم . و وصل الامر ببعض الجامعات ان تعتمد الطلبة الذين يشاركون في الاعمال التطوعية وتمنحهم ساعات معتمدة ، مثل بير زيت وبيت لحم .

ستتراكم اكوام القمامة في كل المخيمات ، و ستتحول الى مكاره ستؤثر على المدن ، خاصة المدن الحديثة ، كالدوحة مثلا المتاخمة لمخيم الدهيشة ، وسيتفاقم الوضع الصحي ، لكن الاصعب من كل ذلك ان ينظر الاولاد الذين لا يذهبون الى مدارسهم نظرة الحزن القديمة : لماذا يذهب الآخرون وهم لا يذهبون .

الدين عنصر ... مبروك عليكم عنصريتكم 15-10-2010

في وجهتي النظر الدينية والعلمية ، لم يكن هناك أحدا أحسن من أحد ، بغض النظر عن لونه أوجنسه أودينه ، بل إن التركيز على واحدة من هذه العوامل عدت نقيصة ، وفي لغة اليوم "عنصرية" وهي المرادفة لكل الصفات الكريهة النابية والمناقضة للأخوة والمحبة والعدالة والديمقراطية وحقوق الناس .

فمن الوجهة الاولى "الدينية" فإن الله في جميع الديانات السماوية التي بالكاد يتعدى عمرها خمسة الاف سنة مقارنة بعمر الانسان المديد ، فإن الله خلقنا من اب واحد وام واحدة "آدم وحواء" الامر الذي يؤكد مسألة الاخوة ، بمن في ذلك الاشقر والاسمر والاصفر والذكر والانثى والمسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والسنسكريتي ، الصيني والهندي والانجليزي والماليزي . وتجد في جميع الديانات ما يؤكد عدالة الله بين ابنائه ، ولهذا يقول في محكم كتابه الاخير "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم" ويقول رسوله الكريم "لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى" .

في عام 1975 ، وسمت الجمعية العامة للأمم المتحدة الصهيونية بأنها حركة عنصرية ، وبعد ست عشرة سنة ألغت عنها هذه الوصمة ، واحتفلت اسرائيل "ابنة الصهيونية" بذلك ، كان النظام العالمي الجديد بقيادة امريكا قد ابتدأ ، وكان العرب قد بدأوا يغازلون اسرائيل عينك عينك ، في حين نظّـر بعض الفلسطينيين انذاك لصهيونية جيدة / صالحة ، واخرى سيئة / رديئة ، كما لو أنها بطيخة حمراء/ حلوة ، او شهباء / قرعة .

اليوم ، تريد اسرائيل ان تكون دولة يهودية ، وتريد من ضحياها المباشرين ان يعترفوا لها بهذا الحق ، ولا تملك الضحية الا ان تقول لهم هذا شأنكم الذاتي الداخلي ، نحن اعترفنا لكم بما هو أهم وأخطر ، اعترفنا لكم بدولة اسرائيل على ارضنا ، واقامت دول عربية ذات وزن سلاما بمضمون حضاري يرسم ملامح مستقبلية جديرة بالاهتمام . اما اعلانكم دولة يهودية ، فهذا من شأنه ان يغرقكم في عنصرية مكشوفة ، اقله ستجدون من يتذكر دينه بعد ان تغاضى عنه كمقوم قومي قرونا من الزمان .

لقد توصل المفكر العالمي الفلسطيني ادوارد سعيد الى ان التمييز بين الولد والبنت هو تمييز عنصري ، والتمييز بين الغرب والشرق هو تمييز عنصري ، فما بالكم بالتمييز القائم على الدين . وهل سينتهي عند حد مسلم / يهودي / مسيحي ؟ الا يوجد تمييز سني شيعي في الاسلام ، وروم وارثذوكس في المسيحية وسفارديم واشكانزيم في اليهودية .

واذا كان ادوارد سعيد وغيره من المفكرين المبدعين قد توصلوا الى كل ذلك ، فإن أحد القساوسة القدماء قال للطير وللسمكة : "اخي الطير ، اختي السمكة" تعبيرا عن اننا جميعنا بما في ذلك الحيوانات قد جئنا من خلية حيوانية واحدة .

نوبل السلام ذهبت لمن لا أعرف من 11-10-2010

ذهبت نوبل السلام هذا العام لشخص صيني لم أسمع به من قبل ، وحين بدأت وسائل الاعلام تردد اسمه لكي نعرفه ونحفظه ، بالكاد استطعت نطقه ولفظه ، و انتابتني مشاعر اقرب للمس والجنون منها الى أي شيء آخر . واول ما تساءلت : هل اللجنة النوبلية الموقرة تعرفه من قبل ، خاصة ان لا أحد منها شرق آسيوي ولا حتى من القارة المذبوحة كلها ، يستطيع ان يلهج بلغاتها بدءا بالصينية مرورا باليابانية وانتهاء بالعربية .

وسائل الاعلام بدأت تؤكد بما لا يدع مجالا لشك أي انسان في زمن العولمة من شمال الكوكب حتى جنوبه أن الصيني جدير بالجائزة ، فهو أسير في السجون الصينية ، وكأن امريكا خالية من السجون ، التي وصل الامر بها ان تفتحها خارج حدودها ، مثل غوانتمو وعشرات السجون السرية التي بالقدر الذي تم الكشف عنها فإن المخفي منها ما يزال أعظما .

بطل السلام العالمي الجديد ، محكوم لتاسجن الفعلي احد عشر عاما ، لكنه لم يمض منها سوى سنة واحدة او أقل . هل اللجنة النوبلية استطاعت في اقل من عام ان تتبع منجزات وتضحيات هذا الاسير كي يحصل منها على ارفع جائزة دولية في السلام .

لكن لماذا نوبل للسلام ؟ ما هو السلام الذي أنجزه الرجل لكي يحظى بمثل هذه الجائزة .

ما هوّن علي قليلا وأخرجني من نوبتي المجنونية ، هو انها ، الجائزة ، كانت قد ذهبت الى من هم أكثر سوءا ، رابين وبيرس ومناحيم بيغن ، الله أكبر ، ثلاث زعماء لدولة واحدة ، هذا يعني ان السلام في هذه الدولة قد انتعش وشرش جذورا عاتية في الارض ، وتمدد الى الاراضي المجاورة واثمر حرية واخاء ومساواة ومحبة ونماء ورخاء . ولا داعي لتذكير الناس بسجل هؤلاء "السلامي" فهو حافل للدرجة التي وصلت بدولتهم اليوم ان يعلنوها نقية خالية من أي دين آخر ومفتوحة أمام الملايين ممن تم استجلابهم من روسيا وعلى رأسهم السيد ليبرمان الذي لا نستبعد حصوله على الجائزة في قادم الاعوام .

في العام الماضي ـ منحت اللجنة جائزتها للمستر اوباما قبل أقل من سنة على تسلمه رئاسة امريكا ، للدرجة التي لم يستطع فيها الرجل اخفاء دهشته حين قال انه لم يفعل شيئا بعد يستحق فيها ان ينال هذه الجائزة العظيمة ، لكنها بدون شك سوف تحثه على صنع السلام الذي لا يتعدى اقناع اسرائيل تجميد استيطانها شهرين آخرين ، ومن أجل ذلك قدم لها تسهيلات واغراءات ومنحات وصفقات ، بعدها يمكن ترشيحه ونتنياهو لنيل جائزة اخرى ولكن هذه المرة بالتناصف بينهما ، كما مع بيغن والسادات ورابين وعرفات ، رحمهم الله جميعا ومعهم جائزة نوبل للسلام .

بين حجري نجاد وادوار سعيد على اسرائيل 9-10-2010

تثير الزيارة المزمعة لأحمدي نجاد الى الجنوب اللبناني بعد ايام زوابع واعاصير ، وتحرك الكثير من المياه التي تبدو راكدة في برك المنطقة ، وما هي كذلك ، وتتعدى بالمحتوم حالة القلق والتحذيرات التي صدرت من امريكا واسرائيل ، تبعتها ضغوط دبلوماسية لإلغائها ، لكن نجاد ومضيفيه يزدادون تمسكا بها ، بل رشح انه سيضع زهورا على ضحايا مجزرة قانا التي ارتكبها الحمائمي شمعون بيرس بعد ان اصبح رئيسا للوزراء اثراغتيال رابين ، ربما للتأكيد ان الفرق بين هذا الاسرائيلي وذاك لا يتعدى الفرق في لون الريش .

لكن الاخبار تناقلت انه سيلقي حجرا على اسرائيل ، وفي هذا ليس هناك اي شيء جديد ، فالرجل معروف بعدائه الشديد لهذه الدولة ، بل ويجاهر به في كل موقع وفي كل وقت من انه سيزيلها عن الخارطة ، وان تسلحه النووي له هدف رئيسي واحد ، وان علاقاته مع حزب الله علاقة متينة ، بل ان البعض يعتبره مخلبه العربي الاسلامي الشيعي في المنطقة كلها ، وحتى لو تم اقناعه بإلغاء الخطوة ، من باب الكياسة واللباقة ودبلوماسية الرؤساء ، فإن هذا لن يغير شيئا مما يكتنزه الرجل في داخله ازاء اسرائيل ، بإمكانه ان يتلفظ بكلمات نابية ضدها بالفارسية الفصحى ، او ان يبدي اي حركة من يده او قدمه او فمه ، فيقوم ذلك مقام الحجر .

قبل سنوات من وفاته ، اختار ادوارد سعيد الذهاب الى بوابة فاطمة والقى بدوره حجرا على اسرائيل ، لم اقرأ الكثير عن تلك الحادثة ، لكني كنت قرأت كتابا لهذا المفكر العالمي وضعه عام 1980 وعنوانه "تغطية الاسلام" يتنبأ فيه بما يحدث اليوم ازاء كل حروب امريكا مع الاسلام ، كانت امريكا يومها ، و"الاسلام" معها ، ضد العدو الشيوعي والخطر الذي يمثله الاتحاد السوفياتي ، وربما ان مساحة كبيرة من الكتاب جاءت متعلقة بايران وثورة الخميني واحتلال السفارة الامريكية واحتجاز طواقمها كرهائن ومحاولات تخليصهم في عمليات انزال عسكرية فاشلة . طبعا كانت امريكا هي الدولة الوحيدة التي آوت الشاه الفار ، وكانت بنوكها تحتفظ بعشرات ملياراته التي نهبها بالطبع من الشعب الايراني . وكانت ايران الشاه وفق عقلية الداهية الاستعماري هنري كيسنجر تشكل امريكا الشرق الاوسط ، كما كوريا الجنوبية تشكل امريكا الشرق الادنى ، ومعروف كيف ما لبثت ان تعرضت الثورة الجديدة الى شن الحرب من قبل النظام العرقي والتي استمرت ثماني سنوات ، حرقت اخضر الدولتين ويابسهما دون تسجيل اي انتصار أو هزيمة .

"حمق فاحش" يسمي ادوارد سعيد هذه العقلية التي تنظر الى الاسلام النظرة الدونية ، يقول "من المحال ارغام مجتمعات تبعد الاف الاميال مكانا وهوية عن عالم الاطلسي ان تلتزم بما نريده منها ... انها شهادة مخيفة ما يختفي داخل عقول واضعي السياسات من حاجة عميقة الجذور الى العدوان والغزو ، واما وجود البعض من ابناء تلك البلاد المطيعين فإنهم ينتمون الى التاريخ البذيء للتعاون مع الغزاة وليس كما يزعم البعض من دلائل النضج الجديد في العالم الاسلامي" . انتهى الاقتباس ، في انتظار محمود احمدي نجاد .

عن الحكومة والنقابة 4-10-2010

ما نشهده بين الحكومة وبين نقابة الموظفين الحكوميين إزاء قرار الاولى سحب سياراتها من موظفيها ، ظاهرة صحية وايجابية ويجدر بالحريصين على مصلحة هذا الوطن وشعبه تعميقها وإثراءها كي تصبح معلما ونموذجا نحتذي به في حل خلافاتنا ، بل ولربما في المنطقة العربية كلها التي ترى في قرارات الحكومة قرآن كريم يحظر مناقشة فقراته (آياته) ، او انها تنظر للنقابات على انها طابور آخر لتنفيذ وتمرير ما لا تستطيع ، وفي أحسن الاحوال ديكور جميل في فسيفسائها البشع ، هكذا هي اجمالا نقاباتنا بعد مجيء السلطة ، وهكذا هي النقابات في الوطن العربي عموما ، في حين ان بعض من دول هذا الوطن ما زالت تحظرالعمل النقابي بالمطلق .

الصورة النقابية تحت الاحتلال ، كانت أكثر توهجا واشراقا ، للدرجة التي اصبحت النقابات في يوم من الايام عامل مساعد متقدم في التصدي للاحتلال واساليبه التعسفية ، ولكم من مرة حاول هذا الاحتلال منع انتخابات النقابات واقتحام مؤتمراتها والزج بقياداتها اداريا في السجون .

في السنوات الاولى من مجيء السلطة ، اصبحت النقابات ديكورا والنقابي ورقة في جيب السياسي ، يخرجها في اي وقت يشاء ، ولهذا عمد على تجنب اجراء انتخاباتها الدورية ، واصبح نقيب الصحفيين على سبيل المثال نقيبا لسبع عشرة سنة ، ولما جرى تغييره كان يلزم على ما بدى تدخلا امنيا وسياسيا ، والقصة هنا يطول شرحها ، لكن ما عايشناه في قطاع الصحفيين انسحب بطريقة او بأخرى على مجمل القطاعات الاخرى بما في ذلك المحامين والاطباء وصالونات الحلاقة وحتى مجالس اتحادات الطلبة . ونذكر فيما نذكر انه تم اعتقال عشرات المعلمين في سجن اريحا لأنهم اضربوا اضرابا متقطعا مطالبين بزيادة مرتباتهم البخسة .

اليوم ، تتصدى نقابة حديثة التكوين ، تمثل نحو اربعين الف موظفا حكوميا ، لقرار الحكومة التي يرأسها الدكتور سلام فياض ، وهي الحكومة الاكثر قربا من نبض الشارع والاكثر حرصا على قطاع موظفيها ، والاكثر مقدرة على فتح الحوار والنقاش العلني والاستماع الى الاراء المعارضة ، بل ومنح الفرص وتأجيل التنفيذ ، كما مع قرار سحب السيارات وتأجيل العمل به من مطلع ايلول الى مطلع اكتوبر .

وبالمقابل ، فإن هذه النقابة المهنية ، قدمت الكثير من التضحيات ، حين صبرت وصابرت ازاء وقف المرتبات بعيد فوز حركة حماس ، وكابد صغار الموظفين ما كابدوه في لقمة عيشهم ومواصلاتهم كي يكونوا على رأس عملهم ويقدموا خدماتهم لجمهور منتفعيهم ، في المستشفى والمدرسة والمحكمة والشارع والحقل والمرعى . كنا نسمع ان ممرضا لا يجد اجرة مواصلاته كي يصل الى عمله .

لكن ، ان نسمع ان مدراء التربية يرفضون الانصياع ، فهذا امر مؤسف ، لأنهم بهذا انما يصنفون انفسهم في مكانة متميزة عن بقية زملائهم في القطاعات الاخرى ، وان المحكمة العليا ترفض النظر في التماس النقابة وتحيله الى الوزير او رئيس القضاء الاعلى ، فهذا تنصل من واجبها الاساسي وهو التقاضي واقامة العدل .

الأحد، 26 سبتمبر 2010

نكبة الحرب ونكبة السلام الليبرماني

جاء الكلام هذه المرة على لسان نائب رئيس الوزراء دان ماريدور الى الفلسطينيين بعدم الانسحاب من المفاوضات بسبب الاستيطان لأنها من وجهة نظره قضية بسيطة ، وهي كذلك بالفعل إذا ما قورنت ببقية القضايا الثقيلة الاخرى ، وهو كلام حق لا يراد به الا باطلا وشرا بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ، في الوقت الذي تتآكل فيه سمعة اسرائيل على كل المستويات بما في ذلك "عاصمتها الموحدة الابدية" التي يلزمها بين كل فينة وأخرى انزال جيشها الى شوارعها لمنع جماهيرها الفلسطينية الغاضبة من التململ كما يحصل الآن في سلوان وقبلها في الشيخ جراح وبيت حنينا وشعفاط والبلدة القديمة .

القضايا الاخرى التي يميل بعض الفلسطينيين من تهوين شأنها ، هي ليست كذلك على الاطلاق ، ولن يكون بإمكان أي شخص مهما كانت صلاحياته ومقدار صبره على بلاوي اسرائيل ان يحل الصراع على غير الاسس العادلة التي تعيد الحقوق لأصحابها و تؤسس فعلا للسلام والاستقرار ، واهمها على الاطلاق قضية اللاجئين . فهؤلاء ليسوا فقط نصف الشعب الفلسطيني ، بل انهم جوهر الصراع وحله ، وما لم يشعروا انهم حصلوا على حقوقهم المنصوص عليها بالاسم والرقم في القرارات الدولية ، فإنهم لن يسيروا في قافلة الحل. وبدلا من شعورهم انهم يحصلوا على بعض من حقوقهم ، سيشعرون بالظلم والغبن معا ، وسيقفزون من قطار التسوية في اول فرصة سانحة . واهم من يعتقد ان سكان مخيمات الضفة ، بلاطة والجلزون وعسكر والفارعة والدهيشة والفوار والعروب ، وتلك التي في غزة ، جباليا والشاطيء والمغازي والبريج ورفح ، سيقبلوا بحل يبقيهم في هذه المخيمات لمجرد الشعار الفارغ انهم على ارض الوطن .

لن تقف المسألة عند حدود هذا التعقيد المفهوم ، لكن هناك قضايا اخرى جديدة تزيد التعقيد تعقيدا للدرجة التي يصبح فيها حل الصراع مسألة غير منظورة على الاطلاق ، وهذا ليس تشاؤما ولا هبلا (تفاؤلا). ما طرحه ليبرمان مؤخرا من تنظيف دولته اليهودية ، يفيد بأن نكبة اللجوء التي افرزتها الحرب قبل ستين عاما ، تفرزها اليوم عملية السلام ، بنكبة جديدة تحوّل ما يناهز مليون ونصف المليون فلسطيني الى لاجئين جدد .
وكما قال نتنياهو من انه انسحب من لبنان فلاحقه حزب الله ومن غزة فلاحقته حماس ، سيقول ليبرمان ان هؤلاء هم خطر متعدد الرؤوس ، خطر ديمغرافي ، ينتفضون يتسلحون يتجسسون لحسن نصر الله . يمثلهم في الكنسيت نحو عشرين نائبا من امثال حنين الزعبي وعزمي بشارة واحمد الطيبي ومحمد بركة وطلب الصانع ، ناهيك عن الرافضين لهذا التمثيل من امثال الشيخ رائد صلاح وابناء البلد . سيقولون لك من هذا الوسط جاء محمود درويش واميل حبيبي وتوفيق زياد واميل توما وتوفيق طوبي وصليبا خميس وسميح القاسم ، وحتى جورج حبش وخليل الوزير وغسان كنفاني وناجي العلي ...

الاثنين، 20 سبتمبر 2010

إصرار غريب على المفاوضات واصرار أغرب على إفشالها

يتبادر الى الذهن ونحن نرى نتنياهو واقطاب حكومته يتعمدون افشال المفاوضات مع السلطة سؤال كبير : لماذا كل ذاك الاصرار على بدء المفاوضات ؟

الذي راقب عن كثب او حتى عن بعد ، سلوك نتنياهو وهو يوسّط امريكا وغير امريكا لاستقدام السلطة الفلسطينية نحو المفاوضات ، اعتقد ان الرجل يريد ان يقيم السلام التاريخي بين الشعبين والدولتين وينهي هذا الصراع الذي استمر وما زال نحو قرن من الزمان الجديد ، زمان الكهرباء والتكنولوجيا والكومبيوتر والانترنت والاقمار الصناعية ، أضف الى ذلك ان المفاوضات لا تبدأ من الصفر ، بل هناك ارضيات واتفاقيات ومسودات وخرائط لها من العمر حوالي عشرين سنة ، ناهيك ان العديد من العقبات الكأداء قد تم دحرها او إزالتها أو ازاحتها ، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ، تطبيع الفصائل التاريخية لمنظمة التحرير نحو قبول فكرة السلام مع اسرائيل ، التخلص من ياسر عرفات شخصيا ، وضع أمني نموذجي في الضفة والقطاع ، بحيث اصبحنا نلاحق كل من يرجم اسرائيل ولو بحجر .

وإكراما لمحاولات نتنياهو المستميتة إزاء استئناف المفاوضات ، تفتق الذهن الامريكي عن ما سمي بالمفاوضات غير المباشرة ، ورغم اعلان كافة الاطراف انها فشلت ، الا ان نتنياهو اصر من جديد على المفاوضات المباشرة ، ولكنه أفشلها بدورها قبل ان تبدأ ، او بالأدق وهي لما تزل في طورها الاول رغم انها جرت في البيت الذي منه يقاد العالم (البيت الابيض) وفي الدولة العربية الأكبر والتي اول من دشنت السلام مع اسرائيل (مصر) ومن ثم في عاصمته "اورشليم" في بيته شخصيا .

هل كانت المستوطنات وعدم نزوله عند تمديد التجميد وتجميد التمديد والمرق في الثريد ، نهاية الشهر الجاري ، هي المشكلة ؟

مسكين القيادي الفلسطيني الذي يفكر على هذا النحو ، ويخرج علينا كل يوم ليخبرنا ان المعضلة هي في عدم موافقة نتنياهو على التمديد ، المستوطنات هي اسهل المشاكل وابسط العقبات اذا ما قورنت بالقضايا الأخرى مثل قضية اللاجئين ، وحتى قضية اللاجئين التي على ارضيتها احتدم الصراع وقامت الثورة ، فإنها أكثر سهولة من القضايا الجديدة التي تطرحها اسرائيل على طاولات المفاوضات طاولة وراء طاولة ، مثل قضية "عرب اسرائيل" التي طرحها ليبرمان مؤخرا ، وليبرمان هذا ليس شخصا ، بل وزيرا للخارجية ويمثل الحزب الثالث في اسرائيل بعد كاديما والليكود وقبل المعراخ ، بعكس وزارة خارجيتنا الذي واصل وزيرها الصعود اعلى فأعلى الشجرة حين صرح ان بناء وحدة استيطانية جديدة كفيل بأن يسحبنا من المفاوضات ، او ذاك الذي قال اننا سنحل السلطة . والحقيقة ان لا هذه ولا تلك نملك زمامهما . ويبقى سؤال "لماذا هذا الذي يفعله نتنياهو بشريكه في السلام" برسم الاجابة من الضالعين في السياسة والمفاوضات .

السبت، 18 سبتمبر 2010

تفسير الماء بعد الجهد بالماء

الاستيطان وتمديد تجميده الذي ينتهي بعد ايام ، وعدم تمديد تجميده ، وحدود الدولة الفلسطينية العتيدة التي ستقوم بعد عشرات السنوات - حددتها الوزيرة الامريكية بعشر سنوات ، ونتنياهو بثلاثين - كانت من اكثر القضايا التي برزت على السطح بشكل طاغ خلال انطلاق المفاوضات المباشرة في البيت الابيض وتواصلها في شرم الشيخ فمنزل نتنياهو في "اورشليم" .

في مسألة يهودية الدولة الاسرائيلية ، خرّجها جورج ميتشل بفذلكة كلامية لا تنطلي على أحد ، بإستثناء من لا يهمه الموضوع من أصله ، كأن يقول لك : "دولتهم وهم أحرار فيها" ، لكن يهودية الدولة تعني تلقائيا تنظيفها من غير اليهود ، من جهة ، وعدم استقدام لاجئين اليها حتى أمد بعيد .

تمديد التجميد من عدمه ، جاء التخريج هذه المرة على لسان الوزيرة هيلاري – ربما لأن ميتشل ذهب الى دمشق ، وهي بالمناسبة سياسة امريكية اسرائيلية متبعة ، ففي كل مفاوضات مفصلية بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، كانوا يعمدون الى فتح حوار علني مع سوريا ، في محاولة للضغط الابتزازي التهديدي على الفلسطينيين ، مفاده : "إذا لم توقعوا معنا فإننا سنوقع مع سوريا"، وهذا ما كشف عنه بوضوح المبعوث المخضرم دنيس روس في مجلده "السلام المفقود" .

الوزيرة هيلاري قالت انها ستمدد التجميد الاستيطاني ثلاثة اشهر ، ليتم خلالها مناقشة حدود الدولة الفلسطينية . وهنا يأتي تفسير الماء بعد الجهد بالماء : فالدولة كما يشاع ستقام على الاراضي التي احتلت عام 1967 ، الا اذا أصبحت هذه الاراضي غير واضحة المعالم . وحتى المستوطنات التي بقدرة قادر اصبحت شرعية ، فإن الفلسطينيين وافقوا على استبدالها في كامب ديفيد قبل عشر سنوات بأراض مساوية لها "بالمتر والقدر" .

وإذا كانت الحدود واضحة كل هذا الوضوح ، ووضّحها أكثر فأكثر الجدار العنصري الذي يقاومه الناس مقاومة شعبية كل يوم جمعة في نعلين وبلعين والمعصرة وام سلمونة ، فأي مفاوضات هذه التي تجري على الحدود ؟

وعلى فرض انها تجري لتحديد اجراءات امنية وقوات دولية واقمار صناعية وبطاريات بتاريوت كالتي نصبت في مخماس وقت غزو العراق ، فهل هذا يتطلب الاستمرار في الاستيطان ؟ مرة تجميده ، ومرة تمديده ومرة اخرى عدم تمديده ؟

إذا كانت هناك نوايا حقيقية لاقامة دولة على الارض التي احتلت عام 67 فإن الحد الادنى المطلوب هو عدم البناء في اراضيها ، لا وحدات استيطانية ولا جسور ولا حتى طرق وشوارع . الامر نفسه ينطبق على المستوطنات الموافق على استبدالها ، فإنه ليس من حق من اقر استبدالها ان يعترض على البناء فيها افقيا وعموديا حتى لو ناطحت السحاب ، حينها يحجبون الشمس عنا مقدمة لحجب الهواء بعد ان حجبوا الماء . وبعدها يقولون انه السلام العادل .

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

كل شيء يسير على خير ما يرام 6-9-2010

كل شيء يسير على خيرما يرام ، المفاوضات استؤنفت بشكل مباشر بدلا من شحططة الوسطاء في التفاوض غير المباشر ، والمفاوضات انتقلت الى المنطقة - شرم الشيخ ، العقبة ، طابا - بدلا من واشنطن وكامب ديفد والبلانتيشن ، على امل ان تنتقل الى تل أبيب و هرتسليا واريحا .

كل شيء يسير على خير ما يرام ، فالمعارضة التي استنفرت ذاتها - من الامين العام في كل فصيل ، الى العضو الذي تنظم آخر ربع ساعة - ضد المفاوضات المباشرة ، ها هي قد هدأت نفسها وخبى اوارها ، وان الجبهة الشعبية والحمد لله تداركت الموقف وأجلت الانسحاب من منظمة التحرير كي ترى اين تميل الريح حيث تميل ، فما مالت وما خرجت . اما موضوع اقتحام اجتماعهم في قاعة البروتستانت برام الله ، فإن رئيس الوزراء اعتذر عنه ، وعفى الله عما مضى ، خاصة اننا نتنسم الايام العشرة الاخيرة من رمضان .

كل شيء يسير على خير ما يرام ، فحركة حماس عملت كل ما بوسعها لإفشال المفاوضات المباشرة ، من عمليات عسكرية وحملات اعلامية و تجييش شعبي ورسمي ، بما في ذلك اتحاد الثلاثة عشر فصيلا ، لكنها فشلت ، وكان واضحا هذه المرة ان كلامها اكبر من افعالها ، مناقضة بذلك قول الرسول الكريم "لا بارك الله في امة سبقت اقوالها افعالها" . لكن مع ذلك فان الله لا يكلف النفس اكثر من وسعها . وبالمقابل ، كان فعل السلطة في الضفة اكبر من كلامها ، إذ اعتقلت المئات خلال ايام معدودة ، وأثبتت انها تتصرف وكأنها دولة عربية عظمى .

كل شيء يسير على خير مايرام ، العيد سيحل اما الخميس واما الجمعة على ابعد تقدير ، واذا كانت الامة العربية ستنقسم إزاءه بين من يعيّد الخميس و من يعيّد الجمعة ، فإن شعبنا والحمد لله في الضفة والقطاع والخط الاخضر ، لن ينقسم ، وسيعيّد كله في يوم واحد تحدده لنا المراجع ذات المصالح الاكثر حيوية . صحيح ان العطلة في الضفة ستكون خمسة ايام و في غزة سبعة ايام ، ولكن ذلك ذلك لأن الحكومة هناك مقربة من الله اكثر من حكومة الضفة المتهمة بإلغاء قراءة القرآن في سماعات الجوامع وإلغاء مئات الوظائف المساجدية من الائمة والأذنة والمقرئين والمؤذنين .

كل شيء يسير على خير ما يرام ، المرتبات ستكون في الصرافات الآلية والبنوك الوطنية قبل العيد ، صحيح انه وقت قصير لسحبها وشراء احتياجات العيد ، ولكن "كل تأخيرة فيها خيرة" كما يقول المثل الشعبي ، والموظف مضطر ان يحسب حساب المدارس التي تفتح بعد انتهاء عطلة العيد فورا ، وفي كل الاحوال فإن المرتبات ستطير بسرعة قياسية هذا الشهر ، لكن ربك هو الذي يستر ، إذ ان الحكومة قررت الابقاء على التوقيت الشتوي .... عيد سعيد وكل عام وانتم بخير .

مرة أخرى تدافع الحمائم عن نفسها امام الصقور وتعتذر لها 3-9-2010

اعتبرت كلمة بنيامين نتنياهو في استهلال استئناف العملية التفاوضية بواشنطن الاقوى والاكثر تأثيرا ، لأنها خاطبت العقول من النافذة العاطفية ، ولأن الرجل مشهود بالعلاقات العامة ، لكن الذين يعرفونه حتى من لدن وسطه الاسرائيلي يدركون انه ممثل بارع يقول ما ليس يضمره ، ويضمر ما لا يمكن ان يقوله ، وحتى الرئيس الامريكي نظره شزرا بعد ان أكمل كلمته ، وكأنه تعمد ان لا يخفي تلك النظرة عن الكاميرات ، فهو قد فرغ من اجتماع معه قبل قليل وسمع منه ما يتنافى كليا او جزئيا مع ما نطق به ، وهو بالمناسبة زعيم مخضرم كما الزعماء العرب وخاض مفاوضات مع عرفات ايام الرئيس كلينتون والذي غضب منه للدرجة التي قال له " يا ابن الشـ ...." وفق دينس روس في مذكراته التي نشرها مؤخرا .

لقد استخدم نتنياهو بالطبع عملية مقتل المستوطنين الاربعة في الخليل ، مخفيا بشكل بارع انهم مستوطنون يقيمون على ارض غير ارضهم ويعتبرون في عرف العالم قاطبة والامم المتحدة والقانون الدولي انهم ومستوطناتهم غير شرعيون ، أوعلى الاقل حجر عثرة في طريق السلام . قال انهم مدنييون ابرياء وان واحدة منهم ام لستة ابناء والثانية حامل دون ان يحدد شهرها ، لكنه تجنب خجلا ربما ، أن يذكر مكان دفنهم . إذ ما زال المستوطنون رغم تضاعف اعدادهم عدة مرات منذ اتفاقية اوسلو لا يقدمون على دفن امواتهم في هذه المستوطنات لعدم ثقتهم ببقائها .

من ضمن ما قاله نتنياهو بوضوح وبلغة راعي الدولة الضحية المسكينة ، مسترعيا اهتمام الملايين : انسحبنا من لبنان و لاحقونا ، انسحبنا من غزة ولاحقونا . لكنه لم يذكر شيئا مع مصر والاردن ، الدولتان الللتان لهما ثقلهما في المنطقة ، الملتزمتان بما تم التوقيع عليه. . ونجحتا الى حد كبير في خلق عمق عربي يستطيع تقبل اسرائيل ، الى ان جاءت المبادرة العربية في قمة بيروت والتي منع ياسر عرفات من حضورها بسبب اعتقاله في المقطعة ، ومفادها : ان عيشوا ودعوا غيركم يعيشون .

وكما بدى رابين في خطابه قبل سبع عشرة سنة من نفس المكان ، يتحدث بلغة عاطفية ازاء الدولة "المسكينة" التي تعيش في محيط من العداء والكراهية والتخلف والتطرف ، نحى نتنياهو كذلك ، مع بعض الفوارق الشكلية ، إذ ذاك قال عرفات لرابين انك شريكي في سلام الشجعان ، في حين قالها نتنياهو هذه المرة لمحمود عباس . و اذ ذاك ، قال رابين : جئناكم من البلاد التي يدفن فيها الاباء ابناءهم ، وهو الجنرال الذي عرف ببطل تكسير عظام الاطفال الفلسطيين . وعليه وصف محمد حسنين هيكل المشهد : صقور لبست ثوب الحمائم وقلدت هديلها ، في حين بدت الحمائم تعتذر للصقور .

اللهم وسع غينتس امامنا اكثر فأكثر 30-8-2010

بعد توقف المفاوضات المباشرة التي استمرت ثماني عشرة سنة لبضعة أشهر هي التي أعقبت صعود نتنياهو الى سدة الحكم ، وأتبعت بالمفاوضات غير المباشرة وسرعان ما أعلنوا عن عقمها ، ثم تنادوا الى المفاوضات المباشرة بعد بضعة ايام في واشنطن لمدة عشر سنوات يلتقي فيها الزعيمان الفلسطيني والاسرائيلي مرة كل اسبوعين ، كان لا بد للشعب ونحن في خضم ايام رمضانية فضيلة ان يكون له دوره المؤيد والمساند لقيادته وهي تشد الرحال الى واشنطن ، في هذا الشهر الفضيل وفي مثل هذا الحر الشديد الذي لم نشهد مثله منذ عدة عقود ، لا بد ونحن شعب مظلوم ان لا تكون بين الله و دعوتنا حجاب ، وعليه بدأت جماهير الشعب ترفع يديها وأحيانا عيونها نحو السماء ان يوفق وفدنا الى المفاوضات بما يرضاه ، وان يحقق مبتغاه في تجميد المستوطنات ووقف نموها مقدمة لتسليمها فارغة من سكانها ، وان لا تمد هذه المفاوضات ثمانية عشر سنة أخرى خاصة بعد ان صرح الامريكان انها ستمتد عشر سنوات ، وأن يعود اللاجئون من عبادك الصابرين صبرا ايوبيا الى ديارهم التي هجروا منها قبل ما يزيد على ستين سنة وان يهدي الامم المتحدة ان تعوضهم خيرا عما كابدوه من الفقر والذل والحرمان والشحططة في بلاد الاخوان . اللهم ثبت ما تبقى من القدس عاصمة للدولة المستقلة وان لا تقصر ذلك على ابو ديس وشعفاط ، أما الاقصى مسجدك الذي باركت حوله (سلوان والبستان والمغاربة و الشيخ جراح ) فاجعل سيادتنا عليه مطلقة ، من فوق ومن تحت ، وأغش على عيونهم وقلوبهم ان لا يهتدوا الى هيكلهم المزعوم الى يوم الدين .

الحاخام الاكبر عوفاديا يوسف ، لا يختلف كثيرا عن افغدور ليبرمان ولا عن نتنياهو، يصلي وينادي ربه بمسح وابادة الشعب الفسطيني عن بكرة ابيه ومعه رئيسه محمود عباس . بعدها نشك ان تجري اي مفاوضات مباشرة ولا غير مباشرة . لا نستطيع نحن ان نضرع بذلك الى الله الا سرا ، لأن هذا من شأنه ان يفشل المفاوضات ، بل لربما نضرب بالارهاب ، فتجر علينا امريكا جيوشها كما فعلت في العراق .

بيت لحم مهد المسيح عليه السلام قدمت مثالا يحتذى في دعم القيادة ، بأن تضافرت ونهضت بدعم من اليو أس ايد ـ حفظها الله ـ بأن أطلقت حبة قطايف تدخل بها موسوعة غينتس للارقام جنبا الى جنب مع صدر الكنافة النابلسية والثوب الخليلي والمسخن الرام اللاوي كي يعزز موقف القيادة في المفاوضات المباشرة ضارعين الى الله ان يدخل حبة القطايف الموسوعة وان لا يخذل غرفتنا التجارية وتعب العمال الذين واصلوا الليل بالنهار لصنع هذه القطايفة العملاقة ذات الخمسين كيلوغراما بحضور وزيرة السياحة والمحافظ وعدد من ممثلي الفصائل. اللهم وسع غينتس أكثر فأكثر امام صناعاتنا وانجازاتنا كي تستوعب حبة قطايفنا ، وضيقها على اعدائنا بحيث لا يحدث كما حصل مع صحن الحمص .

عشر مقترحات لحل مشكلة المستوطنات 27-8-2010

عشرة اقتراحات لحل مشكلة المستوطنات ، اولها مقترح قديم عرضته دولة عربية غنية مفاده شراء هذه المستوطنات ، وقد دفعت في حينه عشرة مليار دولار حين كانت قيمة الدولار خمسة شواكل ، والآن زادت قيمتها بعد أن توسعت وتمددت وتسمنت .

مقترح ثان مفاده إسكان نسبة معينة من اللاجئين المفترض عودتهم وفق الحل الدائم في هذه المستوطنات كتعويض عن منازلهم وأرضهم التي هجروا منها قبل ستين سنة ، كان عددهم انذاك حوالي مليون واليوم يناهز اربعة ملايين ، ومفهوم ضمنا انهم لن يعودوا كلهم .

مقترح ثالث يفيد بإخضاع هذه المستوطنات وسكانها للسيادة الفلسطينية ، كما ان هناك ما يزيد على مليون فلسطيني تحت السيادة الاسرائيلية ، مع فارق ان السيادة الفلسطينية مضروبة ، فلا ماء ولا هواء .

مقترح رابع مبادلة "عرب اسرائيل" بيهود المستوطنات ، بحيث يأخذ هؤلاء مكان اولئلك مع بعض الاستثناءات هنا وهناك . وهذا المقترح لا يمكن تنفيذه قصرا لأن عرب اسرائيل سيقولون لك اننا فلسطينييون اكثر منكم ونحن مزروعون في وطننا وارضنا وبيوتنا .

مقترح خامس ، هو نفس سيناريو غزة ، الانسحاب من طرف واحد وردم المستوطنات بعد إخلائها والاتفاق مع السلطة على ان تزيل الطمم كما حصل في غزة . فنقرر بعدها بماذا نستخدمها ، فكل شيء في وقته حلو .

مقترح سادس تحويلها الى منطقة حرة تخضع لقوات دولية من حيث الادارة والأمن وحرية العبادة والاستثمار والبيع والشراء .

مقترح سابع معاكس ، إخضاعها للمقاطعة الدولية الشاملة كما مع نظام جنوب افريقيا العنصري الذي تهاوى وأصبح اليوم في خبر كان ، للدرجة التي وافق العالم مؤخرا على ان تستضيف جنوب افريقيا اول مونديال في القارة .

مقترح ثامن تترك المسألة للتحكيم الدولي ، الامم المتحدة او محكمة لاهاي ، بحيث تنصاع الاطراف كلها لتنفيذ القرار في سقف زمني محدد ، وتفرض العقوبات على المخلين كما مع العراق وليبيا وايران والسودان وسوريا .

مقترح تاسع يمنح المستوطنين فرصة زمنية كافية لاخلاء بيوتهم وبيعها بالاسعار المناسبة او مبادلتها ببيوت اخرى او عقد شراكات متعددة الجنسيات او اختيار جنسية حديدة .

مقترح عاشر ان تتطوع دولة فقيرة في تعدادها السكاني الى توطينهم مثل كندا ، او استراليا او حتى امريكا التي قدم معظمهم منها . ولا بأس من تخييرهم وتقسيمهم للذهاب الى عدة دول بما في ذلك دول عربية ، فلكم عاش اليهود معززين مكرمين في اوطانهم العربية ، وما يزال .

ولا نظن انه قد تبقى اقتراحات أخرى ، مع ابقاء الباب مفتوحا أمام أي اجتهادات وافكار اخرى ، وهي بالطبع ليست اقتراحات عملية ، لأن المطروح ليس حلها او تفكيكها وازالتها ، بل ليس أكثر من تجميد البناء فيها .

الخميس، 26 أغسطس 2010

المراهنون ايجابا وسلبا على المفاوضات 23-8-2010





أنا مع المراهنين على المفاوضات ايجابا ومع المراهنين عليها سلبا ، فهؤلاء وأولئك هم جميع جماهير الشعب الفلسطيني هنا وفي الشتات ، وبينهما يتم الحراك السياسي بين الموقفين ، فحين يزداد عدد المراهنين ايجابا ، ينقص عدد المراهنين سلبا ، والعكس صحيح .

نسبة كبيرة من المراهنين ايجابا يمنون النفس بأحلام جميلة ، وحين تنهره أن : استيقظ ، يقول لك : احلام نومي الجميلة افضل من كوابيس واقع صحوك المؤلم . تتفق معه ، وربما تذهب بعدها الى النوم مباشرة كي تجد ضالتك ، لكنك لا تجد إلا نسخا أخرى من الكوابيس .

نسبة من المشتغلين بالمفاوضات والمراهنين ايجابا عليها لهم مصالح في هذا البيدر ، ومعظم زراعتهم فيه زراعة موسمية ، وان استغرقت عشرين عاما ، بعضهم اصبح الآن شريكا في البيدر ولا يهمه بقية البيادر الاخرى التي ضربتها اسراب الجراد وقطعان البوم . وعندما اختلفوا تقاسموه ، وظلوا يزرعونه مفاوضات في الضفة ورفضا لها في غزة .

نسبة ثالثة من المراهنين ايجابا تحاول عقلنة استئناف المفاوضات التي كان اسحق شامير رئيس الحكومة الاسرائيلية قد جاهر برأيه وفاجأ العالم عشية ابتدائها قبل تسع عشرة سنة من مدريد انه يريدها ان تمتد لعشر سنوات ، وها هي تمتد لعشرين ليتم استئنافها الآن في واشنطن دون ان يظهر لها سقف زمني محدد ، مع فارق ان العمر الافتراضي للمفاوضين لا يتسع لعشرين سنة أخرى .

هؤلاء المتعقلنون والمتمنطقون ، يقولون ما باليد ولا حيلة ، امريكا تضغط علينا ، وهذا ليس أكثر من منطق ارسطو الصوري . لماذا تضغط امريكا عليكم وتنجح وتضغط على حزب الله مثلا ولا تنجح ؟ لأنها اعتادت على أكل أكتافكم ، وفي بعض الاحيان تطعمكم منها . لماذا اعتقدتم ان اعترافها بمنظمتكم فبل ثلاثين سنة كفيل بأن يقيم لكم الدولة المستقلة بقيادة الرئيس الرمز وعاصمتها القدس الشريف ، وها هي الدولة المزعومة اصبحت مقتصرة على الضفة بدون القدس وبدون القائد الرمز وبدون غزة .

لكن من حق المراهنين سلبا على استئناف هذه المفاوضات تذكير المفاوضين ان بوش طرح مشروع خارطة الطريق ـ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ـ عام 2004 ، قبل وفاة ياسر عرفات وقبل تقسيم البيدر ، ووافق عليه ياسر عرفات الذي سمع به عبر الاذاعات ، وانه ، بوش ، وعد بأن يكون عام 2008 عام الدولة المستقلة بدون عرفات ، وبالامس القريب كفر ابو مازن بوعود الدولة المستقلة النزعومة وهدد بالانتقال لخيار الدولة الواحدة .

من حق المراهنين سلبا بعد ان يفيقوا من نومهم بدون احلام جميلة ان يعودوا للمراهنين ايجابا فيحملونهم مسؤولية خراب بيادرهم والواقع التعس الذي يعيشونه نهارا ، وبالتالي كوابيسهم الليلية على اعتبار ان الاحلام انعكاس للواقع .

اللاجئون يعودون هذا الاسبوع 20-8-2010

اللاجئون يعودون هذا الاسبوع ، مسألة مستحيلة ، لكنها مقبولة اكثر بكثير من الذي قال "الشهداء يعودون هذا الاسبوع" وهو الكاتب الجزائري المبدع الطاهر وطار الذي رحل عنا الاسبوع الماضي ، وهو عنوان لمجموعة قصصية قصيرة حملت هذا الاسم ، ومفادها ان عجوزا عكف بعد استشهاد ابنه الذي كان يحمل رتبة عسكرية متقدمة في الجبهة الوطنية لتحرير الجزائر ، وهي بالطبع شبيهة بمنظمة التحرير الفلسطينية من حيث ان كلتيهما حررتا الجزائر وفلسطين ، عكف ذلك العجوز على الصعود الى الجبل يستذكر ويستحضر ابنه الشهيد على مدار سنوات ، ولا ينزل من على الجبل الا بعد ان تكون الشمس قد ذهبت الى هزيعها ، وفي أحد الايام هبط من معتكفه مبكرا وهو يصيح بأعلى صوته ان الشهداء سيعودون هذا الاسبوع بمن فيهم ابنه . تناقل العامة خبر الثاكل الجليل بمزيد من الاهتمام والجدية الى ان وصلت المعلومة الى الجهاز الذي لا يخفى عليه خافية ، وبدلا من ان يستمر تناقل المعلومة شفاهة ، اصبحت تنتقل مكتوبة من مستوى الى مستوى عبر البريد المسجل والفاكس ... لم يكن الايميل قد اخترع بعد ولا الأس أم أس ، كانوا سيكتشفون الكذبة بشكل أسرع .

ولما أصبحت القصة/ النبوءة حديث الجميع ، وتناقلتها الصحف والمنابر والمساجد ، كان هناك ردتا فعل أساسيتان ، الاولى من قائد المنطقة التي يقطن فيها الشيخ والذي كان رفيقا للشهيد ونائبا ملازما له في المعركة التي استشهد فيها ، وهو الوحيد الذي يدرك انه كان بإمكانه انقاذ حياة الشهيد لو انه لم يتخاذل ويفر من مكان الاشتباك . إن عودته من الموت ليست كفيلة بأن يأخذ مكانه في قيادة المنطقة ، بل وبتقديمه للمحاكمة بتهمة الفرار او حتى الخيانة العظمى كما تفعل كل الثورات التي انتصرت .

ردة الفعل الثانية جاءت من المستوى السياسي الذي يحكم البلاد ، من ان عودة الشهداء ستثير لهم سيل من المشاكل التي تبدأ ولا تنتهي ، أقلها ان نسبة البطالة في الدولة العتيدة سترتفع بما لا يمكن احتماله ، فهؤلاء يناهز عددهم مليونا من الشهداء ، عدا عن ان الجزائر ستفقد اهم اسم تميزت به في تاريخها الحديث والقديم ، بلد المليون شهيد .

كذّبوا الرجل ، وسفهوه بسبب هذه الرؤية غير الواقعية ، لكن الاسباب الكامنة للتكذيب والتسفيه كانت مغايرة تماما ، وألسنتهم تلهج بالشكر انهم لن يعودوا .

يشعل الطاهر وطار هذا الضوء الاحمر من بلد المليون شهيد ، ليزداد توهجه هنا في فلسطين ، صحيح انه ليس لدينا مليون شهيد لنخشى من عودتهم ، ولكن لدينا ملايين اللاجئين الذين تنتظرهم مخيمات الضفة والقطاع والتي يناهز عددها ثلاثين مخيما ، والحمد لله فلقد سمحت وكالة الغوث بسقف طابق ثان وثالث ورابع داخل المخيمات بعد ان كان هذا ممنوعا .

الاثنين، 16 أغسطس 2010

ظاهرة رامي ليفي في بيت لحم


قال له كلاما خطيرا مفاده ان بيئتكم مريحة ومهيئة لاحتضان الجهات المتطرفة إذا ما أقدمتم على وقف عمالكم (25 الفا) من الاستمرار في العمل في المستوطنات ، لأن هذا من شأنه زيادة الفقر والبطالة .

لم يؤثر هذا التهديد المبطن من قبل وزير الاقتصاد الاسرائيلي بن يامبن بن أليعازر في نظيره الفلسطيني حسن ابو لبدة . واستمر في ملاحقة بضائع المستوطنات في اسواق الضفة بدرجات متفاوتة ومنتجات بعينها مصمما على ما كان قد أعلنه سابقا من انه سيفرغ سوقنا من بضاعتهم مع نهاية العام الجاري .

تفيد معلوماتنا الصحفية ان الكثير من هذه البضائع انتقلت الى المخازن ، بما في ذلك مخازن خاصة بعيدة كل البعد عن اماكن العرض ، بعض هؤلاء التجار الذي لا يهمهم من كل هذه الطبخة الا الشيكل وتوالده ، ذهب الى تغيير تاريخ انتاج السلعة الاستطانية ، بحيث يقنع الوزارة ومعها الضابطية الجمركية انه اشتراها قبل قرار المقاطعة ، على قاعدة "الاسلام يجب ما قبله" حتى لو لم يكن للجرم أي علاقة بالاسلام خصوصا والديانات عموما .

"رامي ليفي" ظاهرة جديدة في بيت لحم ، لم يعد هناك من لم يسمع بها وربما أكون آخر السامعين ، وهي عبارة عن تجمع لمئات اصناف البضائع الاستيطانية بالطبع التي انشئت في منطقة تجمع غوش عصيون المحاذية لبلدة الخضر والتي يذهب اليها مواطنو بيت لحم مدنا وقرى ومخيمات ـ زرافات ووحدانا ـ يملأون سياراتهم بهذه البضائع ويعودون كالمنتصرين ، وسر هذا الرامي ليفي انه يبيع بأسعار اقل بكثير مما يباع في اسواق بيت لحم ، او هكذا يشاع ، ، فقد ذكرت لي مواطنة طمعت انها ستجد هناك ضالتها من ضآلة الاسعار ، لكنها خذلت وندمت ووعدت نفسها انها لن تعود مرة اخرى.

في سوق استهلاكي شعبي اقيم في مخيم الدهيشة مع مطلع الشهر الفضيل ، قال لي مساهم ان الاقبال على السوق سيء ، وكذلك على كافة الاسواق المحلية ، فأعتقدت في البداية ان الكساد والبطالة هما السبب ، فقال لي انه رامي ليفي ، وبنباهته العفوية كونه ليس رجلا مهما في السياسة او الاقتصاد او المفاوضات ، اردف : اميل للاعتقاد ان هناك في كل محافظة فلسطينية رامي ليفي خاص بها ، وابدى هذا الرجل البسيط والذي بدى لي انه صائم خشيته من اننا ونحن نمنع وصول بضاعة المستوطنات الينا ، ان نذهب نحن اليها .

وعلمت بعدها ان الوزير بن أليعازر وقبل التقائه وزير اقتصادنا الوطني بيوم واحد كان في ضيافة رامي ليفي في غوش عصيون .

المشكلة ليست في رامي ليفي ولا في أكاذيب سلعته الرخيصة ، بل في عدم تحصين الشعب ازاء اعدائه ومنتجاتهم وصناعاتهم ، فقبل عقد ونصف كان العديد من رموزنا القيادية تذهب لتتسوق من الكينيون في المالحة المتاخمة لبيت جالا رغم غلاء أسعاره .

الاثنين، 9 أغسطس 2010

طاقية حماس لا تناسب كل الرؤوس

شعرت بحالة غم جديدة من عدة تصريحات صادرة عن عدد من الناطقين بإسم حماس في غزة تهاجم "سلطة فتح" في الضفة من انها تشن حربا على الدين ، بحيث جاء بالحرف "الحرب امتدت من محاربة المقاومة الى محاربة الدين" ، ولم يكن السبب في هذا الهجوم الديني مقتصرا على قرار وزير الاوقاف محمود الهباش "خفض صوت الآذان ، بل طرد اعداد كبيرة من المؤذنين وأئمة المساجد والخطباء والمحفظين الى جانب ترك الف مسجد بدون امام ومؤذن "... الخ .

وبعيدا عن اي هجومات ودفاعات عن هذا من ذاك ، فإننا نستطيع قراءة خلاف سياسي بين اسطر التصريحات ، وخفض الآذان بالسماعات المدوية ليست مسألة فقهية وقد افتى بها الكثيرون في العالم الاسلامي ،تأييدا ومعارضة ، خاصة صلاة الفجر ، حيث ينام البعض ممن يعملون ليلا كالممرضين وعمال الفنادق والمطارات والشرطة في ساعات الصباح ، او المرضى الذي يمكن ان يكون الصوت المدوي مؤرقا لهم . وقد قرأنا مؤخرا عن فتوى مصرية انه "لا يجوز ابلاغ المريض كل صباح بأن الصلاة خير من النوم".

من يستمع لصوت الآذان الذي يبعث على الطمأنينة والايحاء ان النهار قد ولج وانه يجب الاستعداد للنهوض بهمة ونشاط وبعبارات تقليدية تمتم بها اباؤنا واجدادنا " يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم" " اصبحنا واصبح الملك لله ولا اله الا الله " والام تحث ابنها الكسول ان يذهب للبحث عن عمل : "الله يوزع الرزق باكرا " . كل ذلك كان بصوت آدمي لا بد ان تقدره وتحترمه وتستجيب لبحة صوته الحبيبة والمقربة الى قلوب الناس . وانت تعرف انه يفعل ذلك تطوعا وتقربا الى الله وعبيده ، لا الى المرتب الشهري .

ليس هناك اية غضاضة في ان نختلف سياسيا وفكريا وعقائديا ، لكن من غير المقبول إلباس هذه القبعة لذاك الرأس والتشعبط على الدين واستغلاله في الطالعة والنازلة بما في ذلك التهجم على محافظ نابلس من نفس تلك القبعة و على الرئيس ابو مازن موافقته على قوات دولية بغض النظر عن دينها ، رغم معارضتي للقوات الدولية حتى لوكانت كلها مسلمة، و حماس تدرك ان فتح ليست حركة دينية ولا يجوز الباسها القبعة اياها ما لم تبادر هي بالاعلان عن رغبتها بارتدائها .

حركة الجهاد حركة دينية ، لكن حماس تخيط لها قبعة اخرى هي وقف الجهاد ووقف اطلاق الصواريخ . قبل ايام قمعت حماس مظاهرة حزب التحرير في ذكرى سقوط الخلافة الاسلامية ، لماذا لم يتهمها احد بأنها تشن حربا على الدين .

على حماس ان تترك الخلق للخالق و لكل حركة حرية اختيار برامجها وشعاراتها وتكتيكاتها ، كما سمح لها الآخرون ان تفعل ، والجماهير هي التي تقرر الغث من السمين .

الاثنين، 2 أغسطس 2010

الآن تستقيم المفاوضات المباشرة والمبيت في المنزل 2-8-2010

تذكرني مسألة وقف المفاوضات المباشرة لعدة أشهر وكذلك الانتقال للمفاوضات غير المباشرة عدة اشهر اخرى قبل العودة غير الميمونة للمفاوضات المباشرة بالعودة الميمونة لرجل فقير لجأ لرجل الدين كي يساعده في حل ضائقته السكنية ، فطلب منه ان يحضر أغنامه تبيت معه في نفس المنزل ، وبعد اسبوع وافاه على الموعد كي ينظر كيف سارت الامور ، فأبلغه ان الوضع اصبح أكثر سوءا من قبل ، فطلب اليه ان يحضر دجاجاته ويضمها الى الرعيل ، وبعد اسبوع آخر وفاه على الموعد ، فسأله عما آل اليه الوضع ، فأخبره انه كالجحيم لا يطاق ، فطلب اليه ان يذهب ليخرج الماعز والدجاحات ثم يعود اليه ، وبعد ذلك عاد اليه باشا سعيدا وقسائم الفرح بادية على وجهه ، وسأله عن الوضع ، فأخبره انه ممتاز وان باستطاعته الان ان ينام متبحبحا مع افراد أسرته .

ويذكرنا هذا بالقردين اللذين عثرا على قرص الجبنة فاختلفا على من هو أحق بها من الآخر ، فاحتكما الى الثعلب الذي قرر ان يقسمها بينهما "بالتساوي" ، وفي كل مرة "يضطر" ان يقضمها قليلا كي تتساوى مع القطعة التي كان قد قضمها للتو ، حتى أتى عليها كلها ، وخرج القردان سعيدان بهذه القسمة العادلة . مع فارق ان الثعلب هنا ليس اوباما ، بل جميع رؤساء امريكا الذين سبقوه وعايشوا قطعة الجبنة . حدث هذا بوضوح في اتفاقية الخليل التي تم الاتفاق على ان يتم تقسيمها الى قسمين ، القسم الاول لليهود ، والقسم الثاني للعرب ولليهود ، مع انها في الاصل مدينة محتلة . مع القدس المسألة مختلفة بعض الشيء ، نصفها الشرقي محتل فقط ، والمفاوضات لن تتعدى شرقي شرقيها .

أما مسألة التهديدات الامريكية لقيادة السلطة مع الابقاء على التهديدات سرا ، فتذكرني بالرقيب العسكري الاسرائيلي الذي كان حين يشطب جملة لا تروق له ، او أكثر ، يجبر الصحيفة ان لا تبقي فراغا ابيضا او أي اشارة تفيد معنى انه شطب جزءا من المقال ، حينها تكون عقوبة الجريدة اشد مما لو نشرت المقال كاملا ، المعنى الذي يفيد انه محظور على القراء معرفة ان الرقيب يمنع ومحظور بالتالي معرفة ماذا منع حتى لو كان ذلك بالتكهن .

في بيت لحم التي تشهد ازمة مياه خانقة في مثل هذا القيظ القاتل نجح محافظها بعد جهود مضنية في تخفيض سعر صهريج الماء سعة عشرة اكواب بمئة وستين شيكلا ، فخرج الناس سعداء بهذا الاجراء حيث وصل السعر الى ثلاثماية شيكلا . وفي وزارة الاتصالات حيث اقدمت في نيسان الماضي على اغلاق عدد من المحطات المحلية ، وتم اعادة فتحها اثر تدخلات عالية المستوى ، تذهب اليوم الى مطالبة اصحاب هذه المحطات اغلاقها بأيديهم .

الف مبروك للعريس 23-7-2010

ذهبت قبل أيام لأقلب اوراقي القديمة على قلتها ، فمنذ ان أيقنت مع ملايين الناس ان التحرير بات اشبه بالمستحيل في الزمن المنظور ، لم أعد أهتم بأية اوراق او حتى وثائق . عودتي للتقليب ، كانت للبحث عن رقاع دعوة زفاف غريبة وصلتني من أحد المعارف ، تخرج من الجامعة وكذلك الفتاة التي اقترن بها يعد ان تعارفا على مقاعد الجامعة واحبا بعضهما بعضا وآن أوان التكليل والقران . وجه الغرابة الذي دفعني للاحتفاظ بالدعوة ، انها تغفل اسم العروس عمدا وتعمدا ، إذ ترك مكان اسمها فارغا الا من صورة وردة صغيرة ، ولم احتج يومها الى الكثير من الذكاء كي أكشف ان سبب حجب اسم العروس هو الحلال والحرام ، اذ يؤمن البعض ان اسم المرأة اشبه ما يكون بالعورة ، وان الزوج او الاب او الاثنين معا يتفقان على حجب اسمها .

في الكثير من المؤسسات الحكومية ، يرد عليك صوت نسائي ، فيقول لك انها ام محمد او ام جميل او ام عبد الرحمن ، وفي احد المرات ردت علي امرأة قالت انها ام سليمان وكنت اعرف انها ليس لديها ابن ذكر بل ثلاث بنات ، فبادرت ابارك لها قدوم "ولي العهد" ، حيث لا اعتراف بولية العهد ، نفت ان يكون قد جاء ، لكن تيمنا في انتظاره تكني نفسها باسم حميها (والد زوجها) من جهة ، وتحجب ذكر اسم ابنتها من جهة ثانية .

مسألة الحجب لا تقتصر على مؤسسات الدولة ، بل على مؤسسات المجتمع المدني وكذلك على عدد من الشركات التي يتطلب ويتوجب احيانا ذكر اسم الموظفة . وفي انتخابات بلديات قديمة جاء الزوج يروج لزوجته وهي مهندسة التي ستخوض الانتخابات ، لكنه رفض ان يذكر اسمها . ولم يكشف عن اسم سيدة الا بعد ان أسميت كوزيرة ، واقسمت امام الرئيس ، لكن بعد ذلك سرعان ما حجب الاسم وبقيت الكنية "ام مصعب" .

في التوجيهي التي ظهرت نتائجه مؤخرا العديد من الطالبات المبرزات من مناطق مغلقة ، احدى المدارس تحظى باستمرار حصول اثنتين او ثلاث من طالباتها من العشرة الاوائل ، لكن حين تبحث عنهن بعد بضع سنوات تجدهن ربات بيت لا أكثر .

المهم ، عدت للبحث عن رقاع تلك الدعوة الذي يسقط اسم العروس ، لكي اتخلص منه ، لا داعي للاحتفاظ به ، فهو لم يعد نادرا ، لأن الكثير من رقاعات دعوة اصبحت تصلني يسقط منها اسم العروس . والف مبروك للعريس .

الاثنين، 19 يوليو 2010

في بيتنا عشر قداحات 19-7-2010

عكفت "المؤسسة" الحاكمة منذ ما اطلقت عليها ثورتها الصناعية على تشغيل العمال في مصانعها الجديدة وسنت قوانين بذل اقصى جهدهم بما في ذلك تشغيلهم ثلاث ورديات وجلب نساءهم معهم ولا بأس من أطفالهم ممن كفت امهاتم عن ارضاعهم ، فيعيقوهن بالتالي عن إداء عملهن والقيام بواجبهن ازاء المصنع ، وكأن هناك واجب أسمى من ارضاع ام رضيعها .

كان هدف المؤسسة هو زيادة الانتاج على حساب كل شيء وأي شيء ، لكن وبعد ان حققت المؤسسة هذا الهدف اكتشفت انه لا يفي بالغرض ، بل لا بد من زيادة الاستهلاك ، كي تستمر الوتيرة ، إذ لا معنى لزيادة منتج لا يتم استهلاكة . واذا كان العمال هم المنتجون على اعتبار انهم لا يملكون وفق كارل ماركس الخالدة "الذين يملكون لا يعملون والذين يعملون لا يملكون" فإنهم ايضا العمال هم المستهلكون لأنهم يشكلون السواد الاكبر من الناس .

أسوق كل ذلك بعد ان "اكتشفت" قبل عدة ايام انه يوجد في بيتنا الصغير حجما وعددا من افراد اسرته انه لدينا عشر قداحات وأكثر ، باشكال والوان وانواع واحجام مختلفة ، لعضها الكتروني وبعضها على الغاز وبعضها يستخدم لمرة واحدة وبعضها يعاد تعبأته عبر انبوبة غاز تباع في الدكان المجاور لمنزلنا ، وتنبهت ان بعضها يوزع كهدية مع كل عشرة علب سجائر تشتريها مرة واحدة ، وان أغلاها على على الاطلاق لا يتجاوز شيكلا واجدا .

وخلال استعراضي لقداحاتي العشرة ، وجميعها تقريبا في حالة جيدة ، تذكرت كيف كان عليه الحال في بيتنا اياه قبل اربعين سنة عندما كان عدد افراده اضعاف ما هم عليه اليوم لم يكن لدينا الا قداحة واحدة نجرص على حفظها في مكان امين ، مشتري لها فتيلها الخاص بها وكذلك مادة الاسبيرتو وحجرها الذين كان يحمل اسمها "حجر قداحة" ، ولا بأس ان يكون لدينا علبة كبريت من نوع ثلاثة نجوم التي كان ينتجها مصنعا في نابلس لا أعرف ماذا حل به الآن إزاء هذه المنافسة غير العادلة .

اكتشفت ايضا ان المسألة لا تقتصر على هذا التضخم في عدد قداحات منزلنا ، بل على أجهزة الهواتف الارضية والنقالة ، اذ لكل هاتفه وشاحنة ، وعدد التلفزيونات والستالايتات والثلاجات والفريزرات وكذلك السيارات التي تقف امام منزلنا ومنازل الجيران الذين تعد حالة بعضهم الاقتصادية أسوأ من حالي . وأنهم في الغالب عمالا او موظفين سيقضون عمرهم كله في العمل كي يسددوا الالتزامات التي ترتبت على امتلاك كل هذه السلع ناهيك عن الثابت من فواتير الكهرباء والماء والهاتف والجوال والغاز والرسوم المدرسية ، بغض النظر عن حجم الاستهلاك . لا بأس ان يعمل ورديتين وكذلك زوجته ، وقبل ان يسدد التزاماتهما يكون الموت قد دهمنا .

عشية اخر ثوري لفتح في السنة الاولى من المؤتمر العام 16-7-2010

اجتماع المجلس الثوري الفتحاوي والذي سيعقد خلال ايام هو الاخير في السنة الاولى منذ عقد مؤتمر الحركة العام السادس في آب الماضي بعد توقف دام عشرين سنة ، وهي مناسبة ان نبرق له مهنئين بهذه الملاحظات الخالصة عشية انعقاده .

وقبل البدء بتوجيه الملاحظات ، لا بد من التأكيد ان ليس هناك من استطاع ان يأخذ مكان الحركة في قيادة الشعب ، رغم ان هزيمتها في الانتخابات التشريعية اوائل عام 2006 كان احتجاجيا على مسلكياتها اكثر منه ايمانا ببرنامج الآخرين ، فتبين للجماهير ان المسألة لم تتعد "انج سعد فقد هلك سعيد" وان الحركة الجديدة سارت على هدي القديمة ، للدرجة التي وصفها البعض انها نسخة عنها .

تواجه فتح ، شأنها في ذلك شأن جميع الحركات والاحزاب الفلسطينية والعربية عموما ، مشكلة الديمقراطية ، والشيء الذي تغير من عقد مؤتمرها السادس ، انها قبل ذلك لم تكن ديمقراطية لا شكلا ولا مضمونا ، واليوم اصبحت ديمقراطية في الشكل . وحتى هذا الشكل بدأ يطغى حتى على ذاته ، فذهبت لتلغي انتخابات المجالس المحلية دون ان يكون هناك اي مبرر ، ليس لالغائها فقط ، بل لاقرارها اصلا . صحيح ان رئيسها حذر في اجتماع لجنتها المركزية انها "الانتخابات البلدية" آخر شرعيات فتح ، الا انها سقطت في المحظور .

هل كانت انتخابات "المفرّق" التي اجريت في عدد من النقابات والاتحادات والجمعيات ، كافية ان تشجع المكلفين بالانتخابات الانطلاق نحو "الجملة" وصولا الى التشريعية والرئاسية . وحقيقة الامر انها كانت يجب ان تشعل ضوءا أحمر ، والمتتبع لما جرى في انتخابات نقابة الصحفيين يعي دقة هذا الزعم .

إن تأجيل تلك الانتخابات ، سيظل كابوسا يلاحق الحركة حتى تتخذ قرارا بإجرائها ، رغم انها ليست تشريعة او رئاسية وهما ايضا معطلتان ، ورغم انها "فتح" ستحصد فيها حصة الاسد او النمر.

لم تتقدم الحركة ولا على اي صعيد ، ولربما يكون هذا دورا مرسوما ، فلا السلام تحلحل ، ولا المفاوضات استؤنفت ولا توقفت ، ولا الشروط التي وضعت تحققت ، بل تكشر اسرائيل عن انياب مسممة لم نعهدها من قبل ، وهي المتعلقة بالقدس وتهويدها وانهاء اي علاقة رسمية لنا معها . وكل الدلائل تشير الى تنامي العد العكسي لبدء المفاوضات المباشرة ، الامر الذي اعتبره الدحلان "نكسة وتراجع سياسي".

المصالحة الوطنية ، اشبه ما تكون كلعبة "الاستغماية" التي كنا نلعبها في طفولتنا ، نبتعد كلما اقتربنا ، لكنا لا نقترب كلما ابتعدنا ، لأننا فعليا نبتعد .

التحديات الاخرى التي تواجه الحركة كالتعديل الوزاري والتمويل وممتلكات الحركة في المنافي ، لا تقل ضراوة خوض معاركها عن اي معركة ، تكسبها الحركة مرة وتخسرها مرة او مرات ، لكن معركة القرار الذي يتخذه الثوري يتوجب على المركزية تنفيذه ، دون ذلك تكون الحركة قد عادت للمربع القديم .

الخميس، 15 يوليو 2010

الاخطبوط الالماني 12-7-2010


ما ان تكتب كلمة "اخطبوط" هذه الايام على مؤشرات البحث الالكترونية ، حتى تجد عشرات المواقع تشرح وتفسر وتنقل وتعلق بالصوت والصورة حكاية هذا الاخطبوط الالماني الذي بالكاد تجد انسانا على وجه الكوكب لم يسمع به .

وحكاية هذا الاخطبوط الذي يثير اسمه الفزع و الاشمئزاز في نفوس الناس لأنه يرمز الى السطوة والبلطجة والاستحواذ على كل ما تطوله أذرعته المتعددة وقرونه الاستشعارية والاستكشافية في حركته اللولبية الدائبة ، انه اليوم يحظى بنوع من التعاطف الشديد بعد الحملة التحريضية الالمانية التي حملته مسؤولية هزيمة المنتخب الالماني .

لم تبدأ مأساة هذا الكائن الذي اصبح بكل هذه الشهرة الا بعد ان نجح في توقع فوز العديد من المنتخبات ، وتفاءل به أبناء شعبه حين بدى انه يقف الى جانب منتخبه الوطني ، للدرجة التي اصبحت المانيا ملها تقريبا تتفاءل به وتنشد موقفه ، وسرعان ما انقلب السحر على الساحر كما يقولون ، بعد ان أحرن على دخول الحجرة الالمانية مصرا في كل مرة على دخول حجرة اسبانيا ، وبالفعل فازت اسبانيا واخرجت المانيا من المونديال ، ووصلت المطالبات الالمانية بعد ذلك الى قتله وحرقه وشويه على نار هادئة ، وكأننا امام مشهد من المثولوجيا الاغريقية القديمة ، من قمة الملهاة الى قمة التراجيديا ، الامر الذي دفع بالامة الاسبانية التنادي والتدخل العاجل لانقاذ حياة هذا المخلوق المسكين ، حتى لو تطلب المرء الى مقايضته باخطبوطات اسبانية او شرائه بالسعر الذي تحدده حكومة المانيا ، بمعنى آخر تحريره من براثنهم لانقاذ حياته ، وعندما رأى الامان مدى هذا الاهتمام به من المنافسين الاسبان أدركوا كم هو ثمين وربما انه جاسوس زرع في اوساطهم ، فأصبحوا فجأة حريصين على حمايته من العابثين الذين يتجمهروا امام قاعدته للفتك به .

لم تنته المأساة / المهزلة عند هذا الحد ، بل لقد بدأ محايدون يتدخلون ويتوسطون ، ليس حرصا على المصير الذي يتهدد حياة هذا الاخطبوط الجبار والذي فجأة اصبح مسكينا ، بل من أجل حل معضلات مستعصية عجزوا عن حلها ، من بينها مشكلة رئيس الوزراء العراقي القادم ان كان العلاوي او المالكي ، فتكتشف ألمانيا انها لديها كنز قد يسهم في حل مشاكل عالمية ليست مقتصرة على الرياضة وكأس العالم . وهي في مقابل ذلك ستحصل على رسومات عالية .

في قادم الايام سنجد انفسنا مضطرين للاستعانة بموقف الاخطبوط ، بحيث سنطلب مساعدته في عشرات القضايا التي أثقلتنا في البحث عن حلول لها دون جدوى ، و يمكن ان نحجز خدماته على مدار حقبة من الزمن بشكل احتكاري ، ان كانت المصالحة الفلسطينية واردة ام لا ، واذا كانت واردة منذا الذي سيكون رئيس الوزراء ان كان من فتح ام من حماس ام من المستقلين ، وان كانت من فتح هل سيكون من اللجنة التنفيذية ام المركزية ... الانتخابات البلدية هل تأجلت ام ألغيت ، وبالتالي سيكون كل شيء معلق في يد الاخطبوط الالماني ، وبالتحديد في واحد من أدرعته .

إن كانت هي السذاجة فبالامكان التخلص منها 9-7-2010


لا نظن ان الرئيس المصري السابق محمد انور السادات حين قال ان 90% من مشكلة الصراع العربي الاسرائيلي هي مشكلة نفسية ، لكي يعقدها اكثر مما هي معقدة ، بل لكي يهونها ويسهلها مقدمة لحلها ، ونميل للتأكيد انه كان سينبري لحلها شخصيا في غضون الحياة التي سيعيشها والتي كان يمكن ان تمتد في الظروف العادية لعقد آخر او عقدين من لحظة اطلاقه ذلك التصريح من ضمن جملة تصريحات نوعية اطلقها في السنة التي زار فيها القدس والقى خطابه في الكنيست قبل ثلاثة وثلاثين عاما ، اي ثلث قرن من الزمان ، وما يزيد على نصف عمر اسرائيل .

فيتضح لكل ذي بصر وبصيرة ان الرجل كان مخطئا ، شأنه في ذلك شأن جميع زعماء امتنا العربية الذين لم يحسنوا قراءة واقع اسرائيل ، خاصة اولئك الذين انتقلوا الى العالم الآخر بمن فيهم قادة الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم ياسر عرفات او قادة الثورة العربية وعلى رأسهم حافظ الاسد رحمهم الله وغفر لهم جميعهم .

ولو قدر للرئيس السادات ان يبعث من قبره لاعتذر للشعب المصري والامة العربية عما قاله عن جذر الصراع من انه نفسي ، فلقد تغيرت الأجيال ، قبل ان تتغير النفوس . الامر ينسحب على الاسد وحواراته المباشرة مع رابين الذي مات غيلة وجاء من بعده شريكه بيرس ثم معارضه نتنياهو ثم من بعدهما أخلص تلامذته باراك دون ان تتحرك الوديعة التي اشتهرت باسمه من جيب الرئيس الامريكي انذاك بيل كلينتون .

الامر ينسحب على الرئيس ياسر عرفات الذي قضى محاصرا في مقاطعة رام الله بعد ان تم ملاحقته في غزة وقصفت مقراته وطائراته والمطار والميناء والتلفزيون والاذاعة ، وهي الاشياء التي كان مؤمنا انها مقومات الدولة الحديثة ، كيف سيكون ردة فعله لوعلم انه منذ اتفاقية السلام الذي كان يحب ان يطلق عليه سلام الشجعان وعن رابين شريكه ، ان الاستيطان تضاعف ثلاث مرات قبل ان تطأ قدمه ارض الوطن ، وان القدس اصبح من المحظور علينا النظر صوبها ، وان الجدار الذي يلفها اضخم من جدار برلين وانه رغم قرار محكمة العدل الدولية بعدم شرعيته وضرورة ازالته قبل ستة اعوام ، فإننا لا نجرؤ على التوجه الى المحافل الاخرى من اجل تفعيله .

من يعتقد ان البرطعة الاسرائليية مقتصرة على الاستيطان و القدس وسلوان والشيخ جراح والاقصى وباب المغاربة وبيت صفافا والولجة وبيت حنينا ، فهو مخطيء نفس خطأ القيادات الميتة ، فغزة تئن تحت حصار لم يعد بإمكان حتى من لا يعايشوه احتماله ، ولهذا بدأوا بالتوافد ودفع ارواحهم ثمنا لفكه ، والضفة معازل صغيرة تفصلها عشرات حواجز الاذلال اليومي ، حتى لؤلئك الذين يحملون التصاريح او ما تسميه اسرائيل بطاقات vip وهي التي تلاحق نوابا لكي تبعدهم وذنبهم انهم من القدس ، لكنها تلاحق نوابا في كنيستها ذنبهم انهم عرب .

تدشين سوق المياه السوداء في بيت لحم 5-7-2010

صيف جديد آخر حل علينا مبكرا ويحمل معه أزمة مياه جديدة قديمة مع فارق انها هذه المرة تنذر بالخطر الذي لا يميت الناس عطشا ، لأن البعض كما يقولون يذهبون لشراء المياه المعدنية المنتجة وطنيا، فهم من الاصل يريدون مقاطعة منتوجات المستوطنات التي تضاعفت – المستوطنات - ثلاث مرات منذ توقيع اتفاقية اوسلو ، وفق تقرير اسرائيلي نشر مؤخرا ، لكن الخطورة تتأتى من قلة النظافة و بالتالي تفشي الامراض والوصول الى التعامل مع المياه القادمة الينا عبر الصنابير بأنها سلعة ثمينة لا يجب التعامل معها بترف ، تماما كما كان عليه الحال قبل اربعين سنة عندما كانت امهاتنا تجلبن تنكات الماء على رؤوسهن فتصبهن في الزير المغطى بقطعة من الخشب تتربع عليها طاسة / كيلة من مادة التوتيا لا تصدأ ولا تنكسر ، ومحظور ان "تدشع" ما يفيض عن حاجتك ، بل تعيده الى الزير .

خطورة الازمة في هذه السنة بدت واضحة على لسان مدير سلطة بيت لحم الدكتور سيمون الاعرج الذي عبر بوضوح اننا في مرحلة اخطر من ان نسميها بالازمة ، وعزا ذلك الى ان اسرائيل هي التي تتحكم بمياهنا ، ولكي تزيد من الكمية التي يستهلكها المستوطنون في مستوطناتهم التي تضاعفت ثلاث مرات خلال الخمس عشرة سنة الاخيرة ، فإنها تذهب الى تقليص حصتنا .

لكن المدير لم يستطع اخفاء اخطاء وقصورات ذاتية مائية وسلوكية في المستووين الرسمي والشعبي ، وأنه قد اوصل ملاحظاته وانتقاداته التي لم يفصح عنها بوضوح أكثر الى المسؤولين المائيين والبلديين والحكومة .

المدير لم يلتزم بما وعد به الناس انه سينشر على الملأ برنامج توزيع المياه الدوري الذي كنا قد طالبناه به ، فمن حق الناس ان يعرفوا متى تصلهم كميتهم من اكسير حياتهم ومتى ستنقطع ، وبالتالي يتمكنوا من تكييف انفسهم مع ما تقدمه لهم السلطة المبني اصلا على ما تقسمه اسرائيل .

المحافظ لم يستجب للتدخل في تخفيض سعر صهريج الماء الذي اصبح يباع بثلاثمائة شيكلا واكثر ، حسب الطلب زمانا ومكانا ، رغم ان مدير السلطة قدر سعر سعته بما لايتجاوز خمسين شيكلا ، الامر الذي يعني ان سوقا للمياه السوداء قد دشنت واصبحت رائجة في بيت لحم .

في العامين الماضيين وعدنا المسؤولون ان الازمة في الطريق الى الحل الجذري ، وتم خلالهما تدشين بئرين على الاقل في ريفي بيت لحم الغربي "بيت فجار" والشرقي "الرشايدة" ، وقد شاهدنا كيف ان رئيس الوزراء قام بافتتاحها وكيف ان المياه تدفقت عليه وعلى جميع من حوله كالمطر، لكن المشكلة بدلا من ان تبدأ بالانحسار بدأت بالتفاقم .

احزنني مواطن كتب مناشدا انه عريس سيزف الى عروسه خلال اسبوع اين يستحم ، وما احزنني أكثر ثغاء الغنم تصيح : ماء ماء ، ولا من مجيب .

خالد العزة ... حمل حزبه على كتفه وسار به في الشوارع 2-7-2010


بقلم : حمدي فراج

هناك اشياء كثيرة يستطيع الانسان بموته - على نسبيته – اثباتها وتعزيزها وتعليمها ، اكثر بكثير مما هو في حياته – على مطلقيتها – بغض النظر عن كم امتدت تلك الحياة واين حفر اخاديدها في وطن او مهجر .

هذا ما حصل مع الراحل خالد العزة الذي لجأت اسرته من قرية بيت جبريل ولما يكن له من العمر سوى سنة واحدة ، والتحق بجبهة النضال الشعبي الفلسطيني منذ بواكيرها عام 1967 واصبح عضوا في مكتبها السياسي وبالتالي عضوا في مجلسي منظمة التحرير الوطني والمركزي . وعاد مع شق الجبهة الذي ايد اتفاقية اوسلو عام 1995 الى مخيم العزة دون ابداء مسحة ندم واحدة ازاء قرار جبهته وعشرات التحفظات السياسية والتنظيمية والمسلكية على تلك الاتفاقية ، وسرعان ما رأس اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان وبعدها الجدار وممثلا محبوبا في لجنة الفصائل الوطنية والاسلامية .

لقد اراد خالد العزة ان يقول في مماته الذي جاء على خلفية حادث سير ، ان الرتبة التي تعتلي كتف المسؤول ، ان كانت سياسية او عسكرية – وما أكثرها في وطننا الذي ما يزال يئن تحت بساطير الاحتلال- ليست هي العامل الحاسم في مدى محبة الناس له والتفافهم من حوله ، لا ولا انتمائه للحزب الحاكم او حتى المعارض ، وهو الامر الذي أكده الكاتب الكبير يوسف ادريس في المقدمة التي وضعها لمجلد غسان كنفاني ، من انه يحترم غسان النوع بغض النظر عن الحزب السياسي الذي ينتمي اليه .

الحزب أكير من الانسان الفرد ، هذا صحيح من الوجهة الحسابية الكمية ، لكن هناك افراد غابت احزابهم دون ان يتمكن حتى الموت من تغييبهم ، وكان العديدون من مؤسسي الاحزاب يعملوا ليل نهار على ضم افراد بعينهم في صفوف احزابهم ، في حين عمل آخرون على تصفيتهم والتخلص منهم سجنا او قتلا او سحلا . ويحضرنا هنا ما كان يدعو الرسول محمد ربه من ان يعزالاسلام بأحد العمرين . الشاعر الكبير محمود درويش الذي سيخلد في ذاكرة الناس اكثر من الفصيل الذي عكف على استقطابه ، او ذاك الذي كفره .

كان خالد العزة من النوع الذي يحمل حزبه على كتفه ويمشي به في الشوارع ، يقدمه للجماهير وفق احتياجاتها ، لا وفق احتياجاته ، دون ان تسمعه مرة واحدة يدعو اليه او ينفر ممن هو ضده ، لأنه ببساطة ، كان يرى في فلسطين اكبر من الجميع ، وانها الهم الاكبر الذي يشكل تحريرها وتحرير انسانها مهمة المهمات لكل الحركات والاحزاب ، فجاءت طريقة وفاته في حادث سير عادي يحدث مئات المرات في اليوم الواحد عاملا حاسما ، من ان الاستشهاد لا يقتصر على رصاصة المحتل ، بل ايضا على ولد صغير من مخيم العزة ، اضطرته ظروف اعتقال ابيه الى ترك المدرسة للعمل في فرن فيقضي فيه حرقا ، دون ان يشعر اي من احزابنا ان شيئا لدينا قد احترق .

الاثنين، 21 يونيو 2010

لا تسقني كأس الحياة بذلة 21-6-2010

تؤكد اسرائيل يوما وراء يوم وممارسة تلو اخرى انها حين تغير من سياستها تجاه الفلسطينيين ، فإن هذا التغير يكون نحو الاسوأ ، وأنها حين تقدم على ما يبدو في بعض من ملامحه الظاهرية عملا ايجابيا ، يسارع المراقب أيا كانت جنسيته وأيا كان عنوانه على هذا الكوكب ليهيء نفسه في انتظار ما سيتبع من السلبيات .
في الايام الاخيرة اقدمت على اطلاق سراح عدد من قادة حماس المقدسيين ، يسر المرء الى سماع ذلك بأن يرى اعضاء منتخبين في المجلس التشريعي عن دائرة القدس وقد تحرروا من القيد والسجان ، لكنه سرعان ما يكتشف ان هذا لم يكن الا من اجل ابعادهم عن مدينتهم .
أن هذا لا يتم الا في اسرائيل الديمقراطية واعتى الدكتاتوريات البائدة في العالم ، بأن ترسل الفائزين في الانتخابات النيابية الى السجن عدة سنوات وبعد ذلك الى الابعاد .
وواهم من يعتقد ان الاجراء مقتصر على حمساويين ، فهؤلاء مقدسييون لهم عائلات وبيوت وجذور ، وهم اليوم حمساوييون ، ولكنهم غدا كل المناضلين بمن فيهم الفتحاويين ، وبعد غد ، كل المقدسيين بمن فيهم المسالمين وحتى المستسلمين ، لأن اسرائيل تعلن على الملأ وتعمل ليل نهار على تهويد المدينة المقدسة وتفريغها من سكانها الاصليين .
واذا كان السجن ومن بعده الابعاد نصيب النواب المنتخبين ، فإن الموت كان نصيب المواطن من وادي الجوز زياد الجولاني ، بغض النظر عما نسبته له اسرائيل ، والذي اجمع الكثيرون انه قتل بدم بارد من مسافة قريبة ، وبهذا فإن المرحوم لم يحظ بأي نوع من المحاكمة العادلة او الظالمة بإستثناء ما قرره الجندي او الضابط الذي تواجد في ساحة الاعدام او ما يسمى "بالقضا المستعجل".
الاجراءات التي طالت النواب الحمساويين في القدس ، طالت نائبة فلسطينية في الكنيست هذه المرة اسمها حنين الزعبي وكل جريمتها انها شاركت في اسطول الحرية ، لا تستطيع اسرائيل ان تتهمها بأنها حمساوية ، فهي حتى لا تغطي شعرها ، ولا تستطيع اتهامها بالتالي انها تدربت في طورا بورا او بحوزتها سلاح من ايران ، ولا حتى لها بنية جسدية قوية بها شاركت في خطف الجنود او ضربهم .
هل توقف الامر عند النائب الفلسطيني في القدس او النائبة العربية في الكنيست الاسرائيلية ؟
لقد منعت اسرئيل هذه المرة ، وهي تعلن عن تخفيفها الحصار على غزة ، وزيرا المانيا من دخول غزة ، وزيرا وليس نائبا ، اجنبيا وليس فلسطينيا اوعربيا ، ألمانيا وليس تركيا او سويديا . فهل يعقل انها لا تحتمل دخول وزير ألماني وانها سترفع الحصار في نفس الوقت .
ان ما تقوم به اسرائيل بالنسبة للحصار ليس أكثر من مسارب اشبه ما تكون بـ "معاطات الريش" المنتشرة في الضفة الغربية ، الامر الذي جعل الناس في غزة يلجـأون الى الانفاق ، وهي على خطورتها والموت المتربص بداخلها اكثر كرامة وانسانية من معابرهم .

بيت لحم بحاجة الى مستشفى حقيقي 18-6-2010


تقع مستشفى بيت جالا على مدخل المدينة الصغيرة ، وهي التي وضع حجر أساسها الملك حسين قبل ما يزيد على نصف قرن وحملت اسمه ثم تغير الاسم ، وظلت مشاكل المستشفى الحكومي الوحيد في محافظة يناهز تعدادها مئتا الف نسمة تترحل من حقبة الى حقبة ومن حكومة الى حكومة ومن وزارة الى وزارة ، ورغم رواج الطب الخاص في العيادات والمستوصفات والمشافي الصغيرة الخاصة ، الا أن حاجة الناس الى المستشفى الحكومي تظل اكبر واوسع وأجدى وايسر .
وقد ظلت مسيرة مستشفى بيت جالا عبر كل التطورات التي صاحبتها في مراحل الحكومات المتعاقبة بما في ذلك الاحتلال الاسرائيلي (حوالي ثلاثين سنة) قاصرة ومتعثرة وكأن مشاكلها مستعصية على الحل او ميئوس منها كما يتناقل البعض كخطأ شائع حول المرضى الذين يرتادونها فلا يخرجون ، وشهدت بعد مجيء السلطة نحو ستة مدراء في غضون خمس عشرة سنة ، أي بمعدل مديرين ونصف في كل سنة ، وهي نسبة ممتازة تظهر حرص الوزارة على ضرورة التغيير والتبديل ، لكنها لربما تكون قد سقطت في تعيين افضل طبيب او افضل جراح في موقع الادارة ، وبهذا تكون المستشفى قد خسرت على الصعيدن ، الادارة وغرفة العمليات .
في احدى الحقب لم يعينوا افضل جراح ، بل أفضل خطيب سياسي ، فكنت حين تجري معه حديثا صحفيا عن حالة جريح قابعا فيها يقدم لك بيانا سياسيا ناريا عن النضال والكفاح والصمود والتضحيات والتحديات .
نسوق كل هذا بعد نسخة رسالة وصلتني من احد موظفي وزارة الاعلام هو السيد أحمد عباس بعث بها الى وزير الصحة ومدير الصحة ومدير المستشفى يقول فيها : مصعد معطل ، دمار وإعمار بطيء ، شرطي يتجول بسلاحه داخل الاقسام ( شهد المستشفى في الماضي حوادث اطلاق نار ثم صدرت قرارات بمنع السلاح في اروقته) بائع القهوة يتنقل ويعمل متطوعا في المختبر ، ناس "تتبطح" امام وحدة العناية المركزة ، عامل النظافة "يتنفتر" كصاحب نفوذ ، موظف السنترال لا يستقبل ولا يرسل ولا يتدخل في أي شيء ، زوار على مدار الساعة وتدخين في معظم الزوايا .
يستطيع المجتمع المحلي تفهم ان المستشفى يمر بحالة من الترميم الموسع والتطوير ، لكن المريض لا يستطيع ، وعليه كان يجب اعلان مدة التعطل والتعثر على الملأ من ناحية ، واعلان البدائل الممكنة سواء داخل المحافظة ام المحافظات الاخرى من ناحية ثانية ، وهاهي قد مرت سنة تقريبا والناس تسمع من المسؤولين نفس اسطوانة الاعذار والتبريرات ، وفي المقابل تسمع من المرضى وذويهم نفس اسطوانة الغضب والشكوى وحتى الشتم والسباب .
في آخر اجتماع عقده المحافظ للمجلس التفيذي اعلن مدير المستشفى انه قد تم انجاز 70% من اعمال إعمار المستشفى. ويهمنا النسبة المتبقية متى تنتهي ، ومتى تبدأ المرحلة التالية من الاعمار او إعادته .
سيصل وفد برلماني اندونيسي الى غزة لوضع حجر اساس مستشفى . نحن ايضا في بيت لحم بحاجة الى مستشفى حقيقي .

الأربعاء، 16 يونيو 2010

الانتخابات البلدية الى الرف 11-6-2010

لم أعرف إن كان تأجيل الانتخابات البلدية في الساعات الاخيرة من اغلاق باب الترشيح قد اسعدني ام احزنني ، فأنا مثل البقية الباقية من ابناء هذا الشعب خلال العقدين الآخيرين من عمر نضاله المديد ، لم يعد يعرف ما الذي يسعده وما الذي يحزنه ، وحين يتم الاتفاق على اسباب الاسعاد من عدمه ، اصبحنا نراه في الضفة شيئا وفي القطاع شيئا مغايرا ، اوهكذا على اقل تعديل يتم تصويره ، وقرار تأجيل الانتخابات نموذجا ، حيث فرح القطاع بالتأجيل وحزنت الضفة ، تماما كما حزن القطاع حين اقرارها قبل ثلاثة اشهر وفرحت الضفة .

من ضمن وجاهة اسباب فرحي بالالغاء ، انني عارضت هذه الانتخابات رغم اقبال جميع الفصائل عليها باستثناء حركتي حماس والجهاد ، لم تكن معارضتي مقتصرة على انني لاجيء لا يحق له الانتخاب ، بل لأن الانتخابات مجزوءة تجري على جزء من ارض الوطن لجزء من شعبه ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى انها تتجاوز وتتحايل على الانتخابات الاكثر اهمية وتقريرية ، وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة منذ ما يزيد على سنة ونصف ولا يلوح في الافق المنظور اي بوادر لإجرائها .

ومن وجاهة اسباب الحزن ان ليس هناك شيئا كثيرا او عميقا يتغير في هذا البلد ، يتخذ المسؤولون عنه قرارات خاطئة ، وحين تقول لهم ذلك لا يرتجعوا ، بل يستمروا في تنفيذ قرارهم ، وبعد ان تقع الفأس في الرأس كما يقول المثل الشعبي يتراجعوا متأخرين ، حيث لا يشكل التراجع هنا مخرجا من المأزق ، وبدلا من المصارحة والمكاشفة ومحاسبة المخطئين ، يذهبون ابعد وابعد ، كأن يقولوا انهم يريدوا ان تشمل الانتخابات جميع فئات الشعب ، وان هناك ضغوطات عربية ودولية من اجل التأجيل ، وان المصالحة الوطنية باتت على الابواب . وأمام طرح كهذا يعود الناس أدراجهم وهم فرحين بالاخبار الوحدوية السارة والتي باتت قريبة ، ويطول الانتظار كما طال انتخابات الرئاسة والتشريعي على حد سواء ، لكن الناس تجد ما يبدد حزنها حين يقولون لك اننا اليوم لدينا انتخابات نقابية صحافية وطلابية واطياء ومهندسين ومحامين وجمعيات .

كان يجب على حركة فتح ، خاصة بعد انعقاد مؤتمرها السادس الذي قارب على السنة ، و فصائل اليسار خصوصا ، ان لا تنزلق الى مربع انتخابات بلدية و على لسان الناس سؤال : كيف انتخابات بلدية بدون غزة ، وسؤال : لماذا انتخابات بلدية بدون رئاسية وتشريعية ؟ وها هي فصائل اليسار تهوي في حفرة البلديات بعد ان عاد المنظمون ولحسوا كلامهم فألغوا كل شيء الى اجل لم يسمى . في انتظار المصالحة بين فتح وحماس فتتقاسما كل شيء ويحصل اليسار على الفتات . ثم تجد من يسأل لماذا اليسار يتراجع .

الجمعة، 4 يونيو 2010

معادلة: أسكرتهم خمرة الدين الاول

إذا كان موضوع مجزرة البحر موضوع قوة "أسكرت" اصحابها ، كما جاء على لسان بعض الوزراء الاسرائيليين في معرض نقدهم لوزير دفاعهم ايهود باراك ، ومطالبته بالتنحي ، فهي "مسألة بسيطة" قابلة للحل ، تجلس الحكومة وتقيم ما حصل وفق تقرير ميداني لا يحتمل الكذب ، وعلى ضوئه تقر الحكومة بالخطأ وتقدم اعتذارها وتعوض الضحايا وتعاقب المتسببين بما في ذلك تقديمهم للقضاء .

هل بدى ان الامور تسير بهذا المنحى ؟

لقد أشادوا بالجيش الذي نفذ المهمة على خير ما يكون والذي "واجه ظروفا صعبة" واستعدت زعيمة المعارضة ان تضع مقدراتها تحت تصرف الحكومة حتى تنجلي "السكرة" ، ليتضح بعد ذلك ان المسألة اعمق من ذلك وابعد بكثير .

مظاهرة بالالاف امام القنصلية التركية ، رشقت بالحجارة وقنبلة دخانية ومحاولة لرفع العلم الاسرائيلي عليها ، وبعدها محاولة اخرى لرفع العلم الارمني ، وكأن "السكرة" ممتدة منذ مذبحة الارمن قبل خمس وتسعون سنة ، اعقب ذلك رفع صور رئيس وزراء تركيا اردوغان متشبها بهتلر .

ربما يقول لك احدهم ان هذا جمهور غاضب . غاضب ممن ؟ ولماذا يغضب من تركيا التي كانت حتى ساعة صفر الهجوم على سفينتها صبيحة السبت الماضي على خير ما يرام ومشتركة معهم في مناورات برية وحوية وبحرية ، وقبل اشهركانت تتوسط بينهم وبين سوريا في مفاوضات سلامية غير مباشرة ، ثم دخلت على الخط الايراني مع البرازيل لثنيها عن مواصلة تخصيب اليورانيوم . وقد نجحت في ذلك ونزلت ايران عند رغبتها . وقبلها غضت الطرف عن الاهانة التي وجهتها خارجية ليبرمان بما يمثل على صعيده الحزبي المتطرف وصعيده الشخصي المتفسدن ، للسفير التركي الذي اجلسوه في مكان منخفض ووضعوا لانفسهم منصة مرتفعة كي يبدو امامهم وامام كاميرات العالم انه وبلاده دونهم ، والأغرب الاعجب من كل ذلك ، انهم طلبوا لأنفسهم شايا ولم يطلبوا له .

ليبرمان الذي يمثل الديبلوماسية الاسرائيلية "خير تمثيل" يرفض الاعتذار لتركيا . السكرة مستمرة . نتنياهو يرفض السماح للسفينة الايرلندية "راشيل كوري" الوصول الى غزة ، السكرة مستمرة . ويرفض طلبا امريكيا بتشكيل لجنة تحقيق اسرائيلية فيها شخص واحد امريكي . السكرة مستمرة .

باراك يطلب من ميتشل اقناع محمود عباس ان لا تؤثر الحكاية على المفاوضات غير المباشرة ، السكرة اذن مستمرة .

نخشى ما نخشاه ان تؤثر "السكرة المستمرة " لأن يعتبر اصحابها اعلان الرئيس الفلسطيني عن نيته الذهاب الى انقرة لتأدية واجب العزاء بانه تحريض يجب ان يتوقف ، حينها فإننا لا نعرف بالضبط ما الذي سيفعله المنتشون بخمرة الدين الاول مع محمد دحلان الذي وصف اسرائيلهم بانها كالرجل الاجرب ، وهو نفسه ما صرح به مائير داغان رئيس الموساد من انها (اسرائيل) تتحول الى عبء على امريكا بعد ان كانت ذخرا لها .

الاثنين، 31 مايو 2010

الاصبع على الزناد 31-5-2010

كل المؤشرات تشير الى ان الحرب العاشرة ، إن لم يكن أكثر ، واقعة لا محالة ، حتى ولو لم تقع ، فالاستعدادات والحشودات والتجييش والاستخبارات العسكرية وغير العسكرية وتنظيف الملاجيء وتوزيع الكمامات ، هي بمثابة حرب .

الحرب التي خسرها الاتحاد السوفياتي والتي استغرقت عدة عقود ، لم تكن حربا بالمعنى اللغوي للكلمة ، ولهذا سميت بالحرب الباردة ، او حقبة اللا حرب واللا سلم ، وتهاوت فيها اكبر قوة عالمية تسيطر على اكثر من ثلث العالم ، من حيث تنظيمها العسكري والعقائدي والى حد كبيرالاجتماعي ، من دوون طلقة واحدة .

حرب الاستنزاف بين مصر واسرائيل ، وهي الحرب التي يسقطها البعض من قائمة حروب اسرائيل ، خسرت فيها اكثر مما خسرت في حرب النكبة عام 1948 وحرب النكسة عام 1967 .

آخر المؤشرات نقلتها صحيفة الورلد تربيون الامريكية من ان اسرائيل خططت لنقل نصف مليون اسرائيلي في عربات مصفحة الى مستوطنات الضفة ، المدارس والبلديات والمرافق الاخرى . وحين تضيق بهم فإنهم قد يمكثون في فنادقنا ومرافقنا ، بالموافقة او بالاكراه ، كأن يتم فرض ما يسمى بنظام منع التجول والاستيلاء على مرافقنا وحتى منازلنا .

المؤشر الآخر نقلته الصندي تايمز البريطانية من ان ثلاث غواصات اسرائيلية (ألمانية الاصل) ستصل الى الخليج ، جميعها تحمل رؤوسا نووية سترابط قبالة السواحل الايرانية ، من ميزاتها انها تستطيع ان تكون على عمق 1150 قدما لخمسين يوما .

من ضمن المؤشرات ايضا ان الادارة الامريكية "طلبت" من سوريا قطع علاقاتها مع ايران ، سبقه الى ذلك رسالة من شمعون بيرس حملها الرئيس الروسي ميدفيدف لدى زيارته دمشق قبل ايام بأن يقايض علاقته مع ايران بهضبة الجولان .

ومن اكثر المؤشرات اهمية ووضوحا ، رفض الرئيس الاسد للعرضين على الملأ ، وهو بهذا انما يهدف الى كشف اوراق امريكا واسرائيل اكثر منه رفضه للعروض ، وتأكيده ان علاقته مع ايران ادعى وابقى من استعادة الجولان .

في مؤشرات قديمة ، لا بأس من استذكارها والتذكير بها ، ما كان الشيخ حسن نصر الله قد قاله بعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان ، ان الحرب مع اسرائيل لم تنته ، فهناك ما زالت مزارع شبعا ، و انه لو لم يكن هناك مزارع شبعا لاختلقنا شيء ما يبقي على جذوة الصراع محتدمة .

لم يكن حزب الله عندما انسحبت اسرائيل من جنوب لبنان قبل عشر سنوات ، ما كان عليه في عام 2006 ، وهي الحرب الثامنة مع اسرائيل ، ولا ما هو عليه اليوم . ايران ايضا اليوم غيرها بالامس ، غزة ايضا بعد الحرب التاسعة ، والثورة الحوثية في خاصرة الجزيرة . وحتى سوريا بشار غيرها سوريا حافظ .