الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

مرة أخرى تدافع الحمائم عن نفسها امام الصقور وتعتذر لها 3-9-2010

اعتبرت كلمة بنيامين نتنياهو في استهلال استئناف العملية التفاوضية بواشنطن الاقوى والاكثر تأثيرا ، لأنها خاطبت العقول من النافذة العاطفية ، ولأن الرجل مشهود بالعلاقات العامة ، لكن الذين يعرفونه حتى من لدن وسطه الاسرائيلي يدركون انه ممثل بارع يقول ما ليس يضمره ، ويضمر ما لا يمكن ان يقوله ، وحتى الرئيس الامريكي نظره شزرا بعد ان أكمل كلمته ، وكأنه تعمد ان لا يخفي تلك النظرة عن الكاميرات ، فهو قد فرغ من اجتماع معه قبل قليل وسمع منه ما يتنافى كليا او جزئيا مع ما نطق به ، وهو بالمناسبة زعيم مخضرم كما الزعماء العرب وخاض مفاوضات مع عرفات ايام الرئيس كلينتون والذي غضب منه للدرجة التي قال له " يا ابن الشـ ...." وفق دينس روس في مذكراته التي نشرها مؤخرا .

لقد استخدم نتنياهو بالطبع عملية مقتل المستوطنين الاربعة في الخليل ، مخفيا بشكل بارع انهم مستوطنون يقيمون على ارض غير ارضهم ويعتبرون في عرف العالم قاطبة والامم المتحدة والقانون الدولي انهم ومستوطناتهم غير شرعيون ، أوعلى الاقل حجر عثرة في طريق السلام . قال انهم مدنييون ابرياء وان واحدة منهم ام لستة ابناء والثانية حامل دون ان يحدد شهرها ، لكنه تجنب خجلا ربما ، أن يذكر مكان دفنهم . إذ ما زال المستوطنون رغم تضاعف اعدادهم عدة مرات منذ اتفاقية اوسلو لا يقدمون على دفن امواتهم في هذه المستوطنات لعدم ثقتهم ببقائها .

من ضمن ما قاله نتنياهو بوضوح وبلغة راعي الدولة الضحية المسكينة ، مسترعيا اهتمام الملايين : انسحبنا من لبنان و لاحقونا ، انسحبنا من غزة ولاحقونا . لكنه لم يذكر شيئا مع مصر والاردن ، الدولتان الللتان لهما ثقلهما في المنطقة ، الملتزمتان بما تم التوقيع عليه. . ونجحتا الى حد كبير في خلق عمق عربي يستطيع تقبل اسرائيل ، الى ان جاءت المبادرة العربية في قمة بيروت والتي منع ياسر عرفات من حضورها بسبب اعتقاله في المقطعة ، ومفادها : ان عيشوا ودعوا غيركم يعيشون .

وكما بدى رابين في خطابه قبل سبع عشرة سنة من نفس المكان ، يتحدث بلغة عاطفية ازاء الدولة "المسكينة" التي تعيش في محيط من العداء والكراهية والتخلف والتطرف ، نحى نتنياهو كذلك ، مع بعض الفوارق الشكلية ، إذ ذاك قال عرفات لرابين انك شريكي في سلام الشجعان ، في حين قالها نتنياهو هذه المرة لمحمود عباس . و اذ ذاك ، قال رابين : جئناكم من البلاد التي يدفن فيها الاباء ابناءهم ، وهو الجنرال الذي عرف ببطل تكسير عظام الاطفال الفلسطيين . وعليه وصف محمد حسنين هيكل المشهد : صقور لبست ثوب الحمائم وقلدت هديلها ، في حين بدت الحمائم تعتذر للصقور .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق