الاثنين، 25 أكتوبر 2010

أين محكمة الفساد من هذا الفقير ؟

هل يا ترى خبر انشاء محكمة الفساد الذي أدخل البهجة والسرور الى قلوب ابناء الشعب الفلسطيني ، ادخل الخوف و القلق الى قلوب الفاسدين ، وخاصة عتاتهم الذين ما كان لهم ان ينفذوا الى مناحيه المتعددة لو لم يتنفذوا ويتحكموا ويتقلدوا المناصب والمواقع و الامتيازات .

هذا سؤال ستحسمه المحكمة العتيدة خلال الاشهر القادمة ، فيحسم الشعب موقفه منها إن كانت فعلا توجه ضرباتها القاصمة الى الفساد ام ستصبح جزءا من توليفته ، فتنهي بالتالي احلام البسطاء من الناس الذين يستبشرون خيرا بكل ما يلمع على انه ذهب او على الاقل فضة .

ونكاد نجزم ان المعنيين بالمحكمة عارفين بمدى عمق المشاعر التي تنتاب الناس ازاء نجاحها في مهماتها ، لأنه على مدار السنوات الطويلة الماضية التي انتعش فيها الفساد ونمى وترعرع وتفرع ، نجى معظم الفاسدين بفعلاتهم ، ولم نر في الشباك الا بعض من اسماك صغيرة ، بينما نجحت الحيتان الكبيرة من قضم شباكها ، لأنها كانت واهنة .

لا قيمة كبيرة لمحكمة فساد لا تطبق على فاسد كبير ، ولا قيمة لمحكمة فساد تعلن "عفو الله وعفوها عما مضى" ، بدعوى فتح الصفحة الجديدة ، او وفق المنطق الافتائي : يجّب الاسلام ما قبله ، او حتى بالمنطق شبه القانوي : "التقادم" ، او "كادوك" ، فهناك قضايا لا يسقطها الزمن مثل اسمنت الجدار العنصري ، او حين يكون حجم الفساد بالملايين وآلافها ، او حين يكون ضحايا ابرياء خروا في دمائهم صرعى لأنهم رفضوا الانصياع لإرادة الشر والفساد فهلكوا دونه وسجلت ضد مجهول ، وهو معلوم ومعروف . او حين يتم الاستيلاء على ارض الغير والبناء عليها ، بدعوى ان واقع المكان قد تغير وان لا أحد يطلب هدم ما تم بناؤه ، خاصة حين يكون هذا البناء قصرا او فيللا .

لقد كشف رئيس هيئة محاكمة الفساد رفيق النتشة الذي ظل يحظى بإحترام الناس والحوز على ثقتهم ، ان هناك خمسين ملفا لقضايا الفساد جاهزة للمحكمة الجديدة ، وسيتوالى تحويل الملفات على قاعدة ان لا حصانة لأحد بسبب من مركز او وظيفة وستتم ملاحقة الفاسدين في كل مكان ، ويقصد هنا الذين قضموا الشبكة وفروا الى الخارج .

بالأمس جاءني والد الاسيرين اسحق وشادي كامل مصلح من الدهيشة اللذان امضيا ثماني سنوات ونصف لكل منهما ، وقد تم الاتصال به من قبل هيئة الاسرى لكي يتقدم للحصول على منحة الحج السعودية التي تمنح لكل اب اسير امضى اثنتي عشرة سنة فأكثر ، وحين تعذر ايجاد العدد ، اصبح بإمكان من لديه اسيرين امضيا تلك المدة ، لكن طلب الاب رفض ، مؤكدا انه تم منح آخرين لم تتوفر لهم المواصفات . الاب راجع وزير الاسرى الذي أقر بالخلل ، لكنه لم يستطع تغيير شيء .

ترى هل هذا فساد أم لا فساد ؟ وبالمناسبة فإن الاسيرين ينتميان لحركة فتح ، لكن والدهما ينتمي للفقراء .

معادلة عن الجبهة الشعبية وتعليق مخصصاتها


ترى ، كم كان رصيد الثورة الفلسطينية في اللحظة التي فجرها ياسر عرفات قبل حوالي خمسين سنة ؟ بل هل كان لها رصيدا او حسابا في البنك أصلا ؟ وهل كان عرفات وصحبه يتطلعون الى ان يكون لهم رصيدا ماليا يتجاوز الملايين الى المليارات ، للدرجة التي قيل ان الثورة الفلسطينية اصبحت من بين ابرز الثورات ثراء في العالم .

نسوق ذلك ونحن بصدد قرار المنظمة / السلطة القاضي بوقف مخصصات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أعاد تأسيسها الدكتور جورج حبش عن حركة القوميين العرب قبل ما يزيد على ستين سنة بعد قرارها المرتبك تعليق عضويتها في اللجنة التنفيذية للمنظمة ، وهو ما وصفه الرئيس عباس بأنه "رجل جوا ورجل برا" .

و نحن للأسف الشديد ، لا نعرف مدى دقة هذا الموضوع ، لكن أكثر من مصدر مأذون أكده ، ونحن ايضا لا نعرف حجم هذه المخصصات الشهرية للجبهة الشعبية بدقة ، وإن كان البعض قد ذكر انها خمسين الف دولارا شهريا وتصل الى ستين . لكنا نستنتج ان بقية الفصائل تتقاضى مخصصات شهرية ، دون ان نعرف ان كانت تتقاضى نفس المبلغ الذي تتقاضاه الشعبية ، بمعنى هل جبهة النضال وفدا لها نفس مخصصات حزب الشعب والديمقراطية أم أقل ، لأن هذا في حاصل عملية جمع وضرب بسيطة ، يوازي ثروة كبيرة سنويا .

سيقول قائل ان هناك عشرات مؤسسات NGO'S التي لها ميزانيات بحجم هذا المبلغ وأكثر

، لكنا هنا ما زلنا نتحدث عن فصائل مقاومة مهمتها تحرير فلسطين ، وأن معظمها ما زال يحتفظ في مسماه بهذا المصطلح ، وان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عندما علقت عضويتها في منظمة التحرير الفلسطينية ، كان لذاك التعليق علاقة بالمفاوضات والتحرير .

وهناك اختلاف في قراءة القرار (وقف المخصصات) ، البعض يراه تعسفيا قائما على ردة فعل متعجلة ، والبعض يراه منطقيا وعادلا ، فالجبهة حين تعلق عضويتها من المنظمة ، يفترض انها تعلقها في كل شيء ، بما في ذلك تلقي مخصصاتها ، وهذا ما يحدث عمليا مع منظمة التحرير ذاتها ، التي تتلقى المساعدات والهبات والمنح والمخصصات من جهات مختلفة ، فإذا ما أخلت بشيء مما هو متفق عليه فإنها بالتالي تفقد هذه المخصصات . وهذا ما هددت به الولايات المتحدة حين طلبت منها الحضور الى واشنطن لاستئناف المفاوضات المباشرة مطلع ايلول الماضي . وهذا ما كان يقوله ياسر عرفات من ان تصريحا واحدا من صلاح خلف "ابو اياد" ضد دولة خليجية كفيل بأن يخسّره مليون دولار .

لكن السؤال الذي بقي محيرا ، هو لمن تذهب مخصصات الجبهة المعلقة ؟ هل تحصل عليها بمجرد عودتها بأثر رجعي ، ام انها توزع على بقية الفصائل ؟؟؟

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

عن إضراب الوكالة وأشياء اخرى

انتهى "العمل التطوعي" تقريبا في بلادنا ، لكي تجد من يهب لمساعدة المزارعين قطف زيتونهم ، الذي تشهد ساحاته معركة غير عادلة مع غلاة المستوطنين الذين أحيانا يقطعون اشجاره ويحرقونها واحيانا يحولون دون اصحابه من الوصول اليه . عدد كبير من المزارعين في هذا العام قالوا انهم عندما وصلوا لقطفه وجدوه بدون زيتون واحيانا بدون اغصان رغم انه ليس في المناطق المتاخمة للمستوطنين ومستوطناتهم .

في مخيم الدهيشة ، الذي ليس فيه زيتون ولا باذنجان ، تتراكم اكوام قمامته بطريقة ملفتة للنظر ، بسبب الاضراب العام الذي ينفذه اتحاد العاملين منذ الخميس الماضي ، وهو اضراب عادل خاصة في المسألة المتعلقة بأن رئاسة الوكالة تصر على حسم بدل ايام الاضراب الذي تم تنفيذه في حزيران الماضي ، حيث عرّضنا الاتحاد للنقد ، لكن في هذه المرة فإن موقف الرئاسة المتشدد ازاء حسم ايام الاضراب ، مسألة مستغربة ومستهجنة ، بل انها منافية لكل تاريخ الاضرابات وللعمل النقابي بأسره . وحتى ما جاءت به السيدة وينشستون مديرة العمليات في بيانها الصحفي لم يكن ليقنع أبسط اللاجئين موظفين او منتفعين مما تبقى من خدمات هذه المنظمة الدولية العريقة ، بعكس ما كان عليه الوضع في الاضراب الماضي ، حيث وقف الناس مع الادارة ضد الاتحاد الى حد كبير .

في الماضي البعيد ، كنت تجد الناس من كل الفئات العمرية يهبون للتخلص من النفايات كي يبقى المخيم نظيفا ، فهي اولا نفاياتهم ومخلفاتهم ، وهي بالتالي تشوه وجه هذا المخيم التقدمي الذي عرف بعناده وصلابته في مقاومة الاحتلال ، والذي وصل بإسرائيل القول ان هناك مكانين في العالم لا تستطيع اسرائيل حماية عملائها فيهما : جنوب لبنان ومخيم الدهيشة .

كان العمل التطوعي منهجا وطريقا قصيرا للبناء ، للدرجة التي نذكر ان شوارع المخيم الداخلية تم تعبيدها بالاعتماد على ذاك الجهد وتلك السواعد ، ولترجع السيدة المحترمة ويشنستون الى دفاتر وكالتها لتنظر حجم الموزانات المرصودة مقياسا بما يتم رصده اليوم ، منذ سنتين تقريبا وشوارع المخيم تتعرض لحملة تحفيرات ، مرة للبحث عن المجاري التي تلوث المياه ومرة عن شبكة المياه المتآكلة ، للدرجة التي يعتقد المرء انهم بصدد بناء نيو يورك .

انذاك ، كان يتم تعطيل الدراسة كي يتسنى للشباب مساعدة المزارعين قطف زيتونهم . و وصل الامر ببعض الجامعات ان تعتمد الطلبة الذين يشاركون في الاعمال التطوعية وتمنحهم ساعات معتمدة ، مثل بير زيت وبيت لحم .

ستتراكم اكوام القمامة في كل المخيمات ، و ستتحول الى مكاره ستؤثر على المدن ، خاصة المدن الحديثة ، كالدوحة مثلا المتاخمة لمخيم الدهيشة ، وسيتفاقم الوضع الصحي ، لكن الاصعب من كل ذلك ان ينظر الاولاد الذين لا يذهبون الى مدارسهم نظرة الحزن القديمة : لماذا يذهب الآخرون وهم لا يذهبون .

الدين عنصر ... مبروك عليكم عنصريتكم 15-10-2010

في وجهتي النظر الدينية والعلمية ، لم يكن هناك أحدا أحسن من أحد ، بغض النظر عن لونه أوجنسه أودينه ، بل إن التركيز على واحدة من هذه العوامل عدت نقيصة ، وفي لغة اليوم "عنصرية" وهي المرادفة لكل الصفات الكريهة النابية والمناقضة للأخوة والمحبة والعدالة والديمقراطية وحقوق الناس .

فمن الوجهة الاولى "الدينية" فإن الله في جميع الديانات السماوية التي بالكاد يتعدى عمرها خمسة الاف سنة مقارنة بعمر الانسان المديد ، فإن الله خلقنا من اب واحد وام واحدة "آدم وحواء" الامر الذي يؤكد مسألة الاخوة ، بمن في ذلك الاشقر والاسمر والاصفر والذكر والانثى والمسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والسنسكريتي ، الصيني والهندي والانجليزي والماليزي . وتجد في جميع الديانات ما يؤكد عدالة الله بين ابنائه ، ولهذا يقول في محكم كتابه الاخير "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم" ويقول رسوله الكريم "لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى" .

في عام 1975 ، وسمت الجمعية العامة للأمم المتحدة الصهيونية بأنها حركة عنصرية ، وبعد ست عشرة سنة ألغت عنها هذه الوصمة ، واحتفلت اسرائيل "ابنة الصهيونية" بذلك ، كان النظام العالمي الجديد بقيادة امريكا قد ابتدأ ، وكان العرب قد بدأوا يغازلون اسرائيل عينك عينك ، في حين نظّـر بعض الفلسطينيين انذاك لصهيونية جيدة / صالحة ، واخرى سيئة / رديئة ، كما لو أنها بطيخة حمراء/ حلوة ، او شهباء / قرعة .

اليوم ، تريد اسرائيل ان تكون دولة يهودية ، وتريد من ضحياها المباشرين ان يعترفوا لها بهذا الحق ، ولا تملك الضحية الا ان تقول لهم هذا شأنكم الذاتي الداخلي ، نحن اعترفنا لكم بما هو أهم وأخطر ، اعترفنا لكم بدولة اسرائيل على ارضنا ، واقامت دول عربية ذات وزن سلاما بمضمون حضاري يرسم ملامح مستقبلية جديرة بالاهتمام . اما اعلانكم دولة يهودية ، فهذا من شأنه ان يغرقكم في عنصرية مكشوفة ، اقله ستجدون من يتذكر دينه بعد ان تغاضى عنه كمقوم قومي قرونا من الزمان .

لقد توصل المفكر العالمي الفلسطيني ادوارد سعيد الى ان التمييز بين الولد والبنت هو تمييز عنصري ، والتمييز بين الغرب والشرق هو تمييز عنصري ، فما بالكم بالتمييز القائم على الدين . وهل سينتهي عند حد مسلم / يهودي / مسيحي ؟ الا يوجد تمييز سني شيعي في الاسلام ، وروم وارثذوكس في المسيحية وسفارديم واشكانزيم في اليهودية .

واذا كان ادوارد سعيد وغيره من المفكرين المبدعين قد توصلوا الى كل ذلك ، فإن أحد القساوسة القدماء قال للطير وللسمكة : "اخي الطير ، اختي السمكة" تعبيرا عن اننا جميعنا بما في ذلك الحيوانات قد جئنا من خلية حيوانية واحدة .

نوبل السلام ذهبت لمن لا أعرف من 11-10-2010

ذهبت نوبل السلام هذا العام لشخص صيني لم أسمع به من قبل ، وحين بدأت وسائل الاعلام تردد اسمه لكي نعرفه ونحفظه ، بالكاد استطعت نطقه ولفظه ، و انتابتني مشاعر اقرب للمس والجنون منها الى أي شيء آخر . واول ما تساءلت : هل اللجنة النوبلية الموقرة تعرفه من قبل ، خاصة ان لا أحد منها شرق آسيوي ولا حتى من القارة المذبوحة كلها ، يستطيع ان يلهج بلغاتها بدءا بالصينية مرورا باليابانية وانتهاء بالعربية .

وسائل الاعلام بدأت تؤكد بما لا يدع مجالا لشك أي انسان في زمن العولمة من شمال الكوكب حتى جنوبه أن الصيني جدير بالجائزة ، فهو أسير في السجون الصينية ، وكأن امريكا خالية من السجون ، التي وصل الامر بها ان تفتحها خارج حدودها ، مثل غوانتمو وعشرات السجون السرية التي بالقدر الذي تم الكشف عنها فإن المخفي منها ما يزال أعظما .

بطل السلام العالمي الجديد ، محكوم لتاسجن الفعلي احد عشر عاما ، لكنه لم يمض منها سوى سنة واحدة او أقل . هل اللجنة النوبلية استطاعت في اقل من عام ان تتبع منجزات وتضحيات هذا الاسير كي يحصل منها على ارفع جائزة دولية في السلام .

لكن لماذا نوبل للسلام ؟ ما هو السلام الذي أنجزه الرجل لكي يحظى بمثل هذه الجائزة .

ما هوّن علي قليلا وأخرجني من نوبتي المجنونية ، هو انها ، الجائزة ، كانت قد ذهبت الى من هم أكثر سوءا ، رابين وبيرس ومناحيم بيغن ، الله أكبر ، ثلاث زعماء لدولة واحدة ، هذا يعني ان السلام في هذه الدولة قد انتعش وشرش جذورا عاتية في الارض ، وتمدد الى الاراضي المجاورة واثمر حرية واخاء ومساواة ومحبة ونماء ورخاء . ولا داعي لتذكير الناس بسجل هؤلاء "السلامي" فهو حافل للدرجة التي وصلت بدولتهم اليوم ان يعلنوها نقية خالية من أي دين آخر ومفتوحة أمام الملايين ممن تم استجلابهم من روسيا وعلى رأسهم السيد ليبرمان الذي لا نستبعد حصوله على الجائزة في قادم الاعوام .

في العام الماضي ـ منحت اللجنة جائزتها للمستر اوباما قبل أقل من سنة على تسلمه رئاسة امريكا ، للدرجة التي لم يستطع فيها الرجل اخفاء دهشته حين قال انه لم يفعل شيئا بعد يستحق فيها ان ينال هذه الجائزة العظيمة ، لكنها بدون شك سوف تحثه على صنع السلام الذي لا يتعدى اقناع اسرائيل تجميد استيطانها شهرين آخرين ، ومن أجل ذلك قدم لها تسهيلات واغراءات ومنحات وصفقات ، بعدها يمكن ترشيحه ونتنياهو لنيل جائزة اخرى ولكن هذه المرة بالتناصف بينهما ، كما مع بيغن والسادات ورابين وعرفات ، رحمهم الله جميعا ومعهم جائزة نوبل للسلام .

بين حجري نجاد وادوار سعيد على اسرائيل 9-10-2010

تثير الزيارة المزمعة لأحمدي نجاد الى الجنوب اللبناني بعد ايام زوابع واعاصير ، وتحرك الكثير من المياه التي تبدو راكدة في برك المنطقة ، وما هي كذلك ، وتتعدى بالمحتوم حالة القلق والتحذيرات التي صدرت من امريكا واسرائيل ، تبعتها ضغوط دبلوماسية لإلغائها ، لكن نجاد ومضيفيه يزدادون تمسكا بها ، بل رشح انه سيضع زهورا على ضحايا مجزرة قانا التي ارتكبها الحمائمي شمعون بيرس بعد ان اصبح رئيسا للوزراء اثراغتيال رابين ، ربما للتأكيد ان الفرق بين هذا الاسرائيلي وذاك لا يتعدى الفرق في لون الريش .

لكن الاخبار تناقلت انه سيلقي حجرا على اسرائيل ، وفي هذا ليس هناك اي شيء جديد ، فالرجل معروف بعدائه الشديد لهذه الدولة ، بل ويجاهر به في كل موقع وفي كل وقت من انه سيزيلها عن الخارطة ، وان تسلحه النووي له هدف رئيسي واحد ، وان علاقاته مع حزب الله علاقة متينة ، بل ان البعض يعتبره مخلبه العربي الاسلامي الشيعي في المنطقة كلها ، وحتى لو تم اقناعه بإلغاء الخطوة ، من باب الكياسة واللباقة ودبلوماسية الرؤساء ، فإن هذا لن يغير شيئا مما يكتنزه الرجل في داخله ازاء اسرائيل ، بإمكانه ان يتلفظ بكلمات نابية ضدها بالفارسية الفصحى ، او ان يبدي اي حركة من يده او قدمه او فمه ، فيقوم ذلك مقام الحجر .

قبل سنوات من وفاته ، اختار ادوارد سعيد الذهاب الى بوابة فاطمة والقى بدوره حجرا على اسرائيل ، لم اقرأ الكثير عن تلك الحادثة ، لكني كنت قرأت كتابا لهذا المفكر العالمي وضعه عام 1980 وعنوانه "تغطية الاسلام" يتنبأ فيه بما يحدث اليوم ازاء كل حروب امريكا مع الاسلام ، كانت امريكا يومها ، و"الاسلام" معها ، ضد العدو الشيوعي والخطر الذي يمثله الاتحاد السوفياتي ، وربما ان مساحة كبيرة من الكتاب جاءت متعلقة بايران وثورة الخميني واحتلال السفارة الامريكية واحتجاز طواقمها كرهائن ومحاولات تخليصهم في عمليات انزال عسكرية فاشلة . طبعا كانت امريكا هي الدولة الوحيدة التي آوت الشاه الفار ، وكانت بنوكها تحتفظ بعشرات ملياراته التي نهبها بالطبع من الشعب الايراني . وكانت ايران الشاه وفق عقلية الداهية الاستعماري هنري كيسنجر تشكل امريكا الشرق الاوسط ، كما كوريا الجنوبية تشكل امريكا الشرق الادنى ، ومعروف كيف ما لبثت ان تعرضت الثورة الجديدة الى شن الحرب من قبل النظام العرقي والتي استمرت ثماني سنوات ، حرقت اخضر الدولتين ويابسهما دون تسجيل اي انتصار أو هزيمة .

"حمق فاحش" يسمي ادوارد سعيد هذه العقلية التي تنظر الى الاسلام النظرة الدونية ، يقول "من المحال ارغام مجتمعات تبعد الاف الاميال مكانا وهوية عن عالم الاطلسي ان تلتزم بما نريده منها ... انها شهادة مخيفة ما يختفي داخل عقول واضعي السياسات من حاجة عميقة الجذور الى العدوان والغزو ، واما وجود البعض من ابناء تلك البلاد المطيعين فإنهم ينتمون الى التاريخ البذيء للتعاون مع الغزاة وليس كما يزعم البعض من دلائل النضج الجديد في العالم الاسلامي" . انتهى الاقتباس ، في انتظار محمود احمدي نجاد .

عن الحكومة والنقابة 4-10-2010

ما نشهده بين الحكومة وبين نقابة الموظفين الحكوميين إزاء قرار الاولى سحب سياراتها من موظفيها ، ظاهرة صحية وايجابية ويجدر بالحريصين على مصلحة هذا الوطن وشعبه تعميقها وإثراءها كي تصبح معلما ونموذجا نحتذي به في حل خلافاتنا ، بل ولربما في المنطقة العربية كلها التي ترى في قرارات الحكومة قرآن كريم يحظر مناقشة فقراته (آياته) ، او انها تنظر للنقابات على انها طابور آخر لتنفيذ وتمرير ما لا تستطيع ، وفي أحسن الاحوال ديكور جميل في فسيفسائها البشع ، هكذا هي اجمالا نقاباتنا بعد مجيء السلطة ، وهكذا هي النقابات في الوطن العربي عموما ، في حين ان بعض من دول هذا الوطن ما زالت تحظرالعمل النقابي بالمطلق .

الصورة النقابية تحت الاحتلال ، كانت أكثر توهجا واشراقا ، للدرجة التي اصبحت النقابات في يوم من الايام عامل مساعد متقدم في التصدي للاحتلال واساليبه التعسفية ، ولكم من مرة حاول هذا الاحتلال منع انتخابات النقابات واقتحام مؤتمراتها والزج بقياداتها اداريا في السجون .

في السنوات الاولى من مجيء السلطة ، اصبحت النقابات ديكورا والنقابي ورقة في جيب السياسي ، يخرجها في اي وقت يشاء ، ولهذا عمد على تجنب اجراء انتخاباتها الدورية ، واصبح نقيب الصحفيين على سبيل المثال نقيبا لسبع عشرة سنة ، ولما جرى تغييره كان يلزم على ما بدى تدخلا امنيا وسياسيا ، والقصة هنا يطول شرحها ، لكن ما عايشناه في قطاع الصحفيين انسحب بطريقة او بأخرى على مجمل القطاعات الاخرى بما في ذلك المحامين والاطباء وصالونات الحلاقة وحتى مجالس اتحادات الطلبة . ونذكر فيما نذكر انه تم اعتقال عشرات المعلمين في سجن اريحا لأنهم اضربوا اضرابا متقطعا مطالبين بزيادة مرتباتهم البخسة .

اليوم ، تتصدى نقابة حديثة التكوين ، تمثل نحو اربعين الف موظفا حكوميا ، لقرار الحكومة التي يرأسها الدكتور سلام فياض ، وهي الحكومة الاكثر قربا من نبض الشارع والاكثر حرصا على قطاع موظفيها ، والاكثر مقدرة على فتح الحوار والنقاش العلني والاستماع الى الاراء المعارضة ، بل ومنح الفرص وتأجيل التنفيذ ، كما مع قرار سحب السيارات وتأجيل العمل به من مطلع ايلول الى مطلع اكتوبر .

وبالمقابل ، فإن هذه النقابة المهنية ، قدمت الكثير من التضحيات ، حين صبرت وصابرت ازاء وقف المرتبات بعيد فوز حركة حماس ، وكابد صغار الموظفين ما كابدوه في لقمة عيشهم ومواصلاتهم كي يكونوا على رأس عملهم ويقدموا خدماتهم لجمهور منتفعيهم ، في المستشفى والمدرسة والمحكمة والشارع والحقل والمرعى . كنا نسمع ان ممرضا لا يجد اجرة مواصلاته كي يصل الى عمله .

لكن ، ان نسمع ان مدراء التربية يرفضون الانصياع ، فهذا امر مؤسف ، لأنهم بهذا انما يصنفون انفسهم في مكانة متميزة عن بقية زملائهم في القطاعات الاخرى ، وان المحكمة العليا ترفض النظر في التماس النقابة وتحيله الى الوزير او رئيس القضاء الاعلى ، فهذا تنصل من واجبها الاساسي وهو التقاضي واقامة العدل .