الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

عن الحكومة والنقابة 4-10-2010

ما نشهده بين الحكومة وبين نقابة الموظفين الحكوميين إزاء قرار الاولى سحب سياراتها من موظفيها ، ظاهرة صحية وايجابية ويجدر بالحريصين على مصلحة هذا الوطن وشعبه تعميقها وإثراءها كي تصبح معلما ونموذجا نحتذي به في حل خلافاتنا ، بل ولربما في المنطقة العربية كلها التي ترى في قرارات الحكومة قرآن كريم يحظر مناقشة فقراته (آياته) ، او انها تنظر للنقابات على انها طابور آخر لتنفيذ وتمرير ما لا تستطيع ، وفي أحسن الاحوال ديكور جميل في فسيفسائها البشع ، هكذا هي اجمالا نقاباتنا بعد مجيء السلطة ، وهكذا هي النقابات في الوطن العربي عموما ، في حين ان بعض من دول هذا الوطن ما زالت تحظرالعمل النقابي بالمطلق .

الصورة النقابية تحت الاحتلال ، كانت أكثر توهجا واشراقا ، للدرجة التي اصبحت النقابات في يوم من الايام عامل مساعد متقدم في التصدي للاحتلال واساليبه التعسفية ، ولكم من مرة حاول هذا الاحتلال منع انتخابات النقابات واقتحام مؤتمراتها والزج بقياداتها اداريا في السجون .

في السنوات الاولى من مجيء السلطة ، اصبحت النقابات ديكورا والنقابي ورقة في جيب السياسي ، يخرجها في اي وقت يشاء ، ولهذا عمد على تجنب اجراء انتخاباتها الدورية ، واصبح نقيب الصحفيين على سبيل المثال نقيبا لسبع عشرة سنة ، ولما جرى تغييره كان يلزم على ما بدى تدخلا امنيا وسياسيا ، والقصة هنا يطول شرحها ، لكن ما عايشناه في قطاع الصحفيين انسحب بطريقة او بأخرى على مجمل القطاعات الاخرى بما في ذلك المحامين والاطباء وصالونات الحلاقة وحتى مجالس اتحادات الطلبة . ونذكر فيما نذكر انه تم اعتقال عشرات المعلمين في سجن اريحا لأنهم اضربوا اضرابا متقطعا مطالبين بزيادة مرتباتهم البخسة .

اليوم ، تتصدى نقابة حديثة التكوين ، تمثل نحو اربعين الف موظفا حكوميا ، لقرار الحكومة التي يرأسها الدكتور سلام فياض ، وهي الحكومة الاكثر قربا من نبض الشارع والاكثر حرصا على قطاع موظفيها ، والاكثر مقدرة على فتح الحوار والنقاش العلني والاستماع الى الاراء المعارضة ، بل ومنح الفرص وتأجيل التنفيذ ، كما مع قرار سحب السيارات وتأجيل العمل به من مطلع ايلول الى مطلع اكتوبر .

وبالمقابل ، فإن هذه النقابة المهنية ، قدمت الكثير من التضحيات ، حين صبرت وصابرت ازاء وقف المرتبات بعيد فوز حركة حماس ، وكابد صغار الموظفين ما كابدوه في لقمة عيشهم ومواصلاتهم كي يكونوا على رأس عملهم ويقدموا خدماتهم لجمهور منتفعيهم ، في المستشفى والمدرسة والمحكمة والشارع والحقل والمرعى . كنا نسمع ان ممرضا لا يجد اجرة مواصلاته كي يصل الى عمله .

لكن ، ان نسمع ان مدراء التربية يرفضون الانصياع ، فهذا امر مؤسف ، لأنهم بهذا انما يصنفون انفسهم في مكانة متميزة عن بقية زملائهم في القطاعات الاخرى ، وان المحكمة العليا ترفض النظر في التماس النقابة وتحيله الى الوزير او رئيس القضاء الاعلى ، فهذا تنصل من واجبها الاساسي وهو التقاضي واقامة العدل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق