الاثنين، 21 يونيو 2010

لا تسقني كأس الحياة بذلة 21-6-2010

تؤكد اسرائيل يوما وراء يوم وممارسة تلو اخرى انها حين تغير من سياستها تجاه الفلسطينيين ، فإن هذا التغير يكون نحو الاسوأ ، وأنها حين تقدم على ما يبدو في بعض من ملامحه الظاهرية عملا ايجابيا ، يسارع المراقب أيا كانت جنسيته وأيا كان عنوانه على هذا الكوكب ليهيء نفسه في انتظار ما سيتبع من السلبيات .
في الايام الاخيرة اقدمت على اطلاق سراح عدد من قادة حماس المقدسيين ، يسر المرء الى سماع ذلك بأن يرى اعضاء منتخبين في المجلس التشريعي عن دائرة القدس وقد تحرروا من القيد والسجان ، لكنه سرعان ما يكتشف ان هذا لم يكن الا من اجل ابعادهم عن مدينتهم .
أن هذا لا يتم الا في اسرائيل الديمقراطية واعتى الدكتاتوريات البائدة في العالم ، بأن ترسل الفائزين في الانتخابات النيابية الى السجن عدة سنوات وبعد ذلك الى الابعاد .
وواهم من يعتقد ان الاجراء مقتصر على حمساويين ، فهؤلاء مقدسييون لهم عائلات وبيوت وجذور ، وهم اليوم حمساوييون ، ولكنهم غدا كل المناضلين بمن فيهم الفتحاويين ، وبعد غد ، كل المقدسيين بمن فيهم المسالمين وحتى المستسلمين ، لأن اسرائيل تعلن على الملأ وتعمل ليل نهار على تهويد المدينة المقدسة وتفريغها من سكانها الاصليين .
واذا كان السجن ومن بعده الابعاد نصيب النواب المنتخبين ، فإن الموت كان نصيب المواطن من وادي الجوز زياد الجولاني ، بغض النظر عما نسبته له اسرائيل ، والذي اجمع الكثيرون انه قتل بدم بارد من مسافة قريبة ، وبهذا فإن المرحوم لم يحظ بأي نوع من المحاكمة العادلة او الظالمة بإستثناء ما قرره الجندي او الضابط الذي تواجد في ساحة الاعدام او ما يسمى "بالقضا المستعجل".
الاجراءات التي طالت النواب الحمساويين في القدس ، طالت نائبة فلسطينية في الكنيست هذه المرة اسمها حنين الزعبي وكل جريمتها انها شاركت في اسطول الحرية ، لا تستطيع اسرائيل ان تتهمها بأنها حمساوية ، فهي حتى لا تغطي شعرها ، ولا تستطيع اتهامها بالتالي انها تدربت في طورا بورا او بحوزتها سلاح من ايران ، ولا حتى لها بنية جسدية قوية بها شاركت في خطف الجنود او ضربهم .
هل توقف الامر عند النائب الفلسطيني في القدس او النائبة العربية في الكنيست الاسرائيلية ؟
لقد منعت اسرئيل هذه المرة ، وهي تعلن عن تخفيفها الحصار على غزة ، وزيرا المانيا من دخول غزة ، وزيرا وليس نائبا ، اجنبيا وليس فلسطينيا اوعربيا ، ألمانيا وليس تركيا او سويديا . فهل يعقل انها لا تحتمل دخول وزير ألماني وانها سترفع الحصار في نفس الوقت .
ان ما تقوم به اسرائيل بالنسبة للحصار ليس أكثر من مسارب اشبه ما تكون بـ "معاطات الريش" المنتشرة في الضفة الغربية ، الامر الذي جعل الناس في غزة يلجـأون الى الانفاق ، وهي على خطورتها والموت المتربص بداخلها اكثر كرامة وانسانية من معابرهم .

بيت لحم بحاجة الى مستشفى حقيقي 18-6-2010


تقع مستشفى بيت جالا على مدخل المدينة الصغيرة ، وهي التي وضع حجر أساسها الملك حسين قبل ما يزيد على نصف قرن وحملت اسمه ثم تغير الاسم ، وظلت مشاكل المستشفى الحكومي الوحيد في محافظة يناهز تعدادها مئتا الف نسمة تترحل من حقبة الى حقبة ومن حكومة الى حكومة ومن وزارة الى وزارة ، ورغم رواج الطب الخاص في العيادات والمستوصفات والمشافي الصغيرة الخاصة ، الا أن حاجة الناس الى المستشفى الحكومي تظل اكبر واوسع وأجدى وايسر .
وقد ظلت مسيرة مستشفى بيت جالا عبر كل التطورات التي صاحبتها في مراحل الحكومات المتعاقبة بما في ذلك الاحتلال الاسرائيلي (حوالي ثلاثين سنة) قاصرة ومتعثرة وكأن مشاكلها مستعصية على الحل او ميئوس منها كما يتناقل البعض كخطأ شائع حول المرضى الذين يرتادونها فلا يخرجون ، وشهدت بعد مجيء السلطة نحو ستة مدراء في غضون خمس عشرة سنة ، أي بمعدل مديرين ونصف في كل سنة ، وهي نسبة ممتازة تظهر حرص الوزارة على ضرورة التغيير والتبديل ، لكنها لربما تكون قد سقطت في تعيين افضل طبيب او افضل جراح في موقع الادارة ، وبهذا تكون المستشفى قد خسرت على الصعيدن ، الادارة وغرفة العمليات .
في احدى الحقب لم يعينوا افضل جراح ، بل أفضل خطيب سياسي ، فكنت حين تجري معه حديثا صحفيا عن حالة جريح قابعا فيها يقدم لك بيانا سياسيا ناريا عن النضال والكفاح والصمود والتضحيات والتحديات .
نسوق كل هذا بعد نسخة رسالة وصلتني من احد موظفي وزارة الاعلام هو السيد أحمد عباس بعث بها الى وزير الصحة ومدير الصحة ومدير المستشفى يقول فيها : مصعد معطل ، دمار وإعمار بطيء ، شرطي يتجول بسلاحه داخل الاقسام ( شهد المستشفى في الماضي حوادث اطلاق نار ثم صدرت قرارات بمنع السلاح في اروقته) بائع القهوة يتنقل ويعمل متطوعا في المختبر ، ناس "تتبطح" امام وحدة العناية المركزة ، عامل النظافة "يتنفتر" كصاحب نفوذ ، موظف السنترال لا يستقبل ولا يرسل ولا يتدخل في أي شيء ، زوار على مدار الساعة وتدخين في معظم الزوايا .
يستطيع المجتمع المحلي تفهم ان المستشفى يمر بحالة من الترميم الموسع والتطوير ، لكن المريض لا يستطيع ، وعليه كان يجب اعلان مدة التعطل والتعثر على الملأ من ناحية ، واعلان البدائل الممكنة سواء داخل المحافظة ام المحافظات الاخرى من ناحية ثانية ، وهاهي قد مرت سنة تقريبا والناس تسمع من المسؤولين نفس اسطوانة الاعذار والتبريرات ، وفي المقابل تسمع من المرضى وذويهم نفس اسطوانة الغضب والشكوى وحتى الشتم والسباب .
في آخر اجتماع عقده المحافظ للمجلس التفيذي اعلن مدير المستشفى انه قد تم انجاز 70% من اعمال إعمار المستشفى. ويهمنا النسبة المتبقية متى تنتهي ، ومتى تبدأ المرحلة التالية من الاعمار او إعادته .
سيصل وفد برلماني اندونيسي الى غزة لوضع حجر اساس مستشفى . نحن ايضا في بيت لحم بحاجة الى مستشفى حقيقي .

الأربعاء، 16 يونيو 2010

الانتخابات البلدية الى الرف 11-6-2010

لم أعرف إن كان تأجيل الانتخابات البلدية في الساعات الاخيرة من اغلاق باب الترشيح قد اسعدني ام احزنني ، فأنا مثل البقية الباقية من ابناء هذا الشعب خلال العقدين الآخيرين من عمر نضاله المديد ، لم يعد يعرف ما الذي يسعده وما الذي يحزنه ، وحين يتم الاتفاق على اسباب الاسعاد من عدمه ، اصبحنا نراه في الضفة شيئا وفي القطاع شيئا مغايرا ، اوهكذا على اقل تعديل يتم تصويره ، وقرار تأجيل الانتخابات نموذجا ، حيث فرح القطاع بالتأجيل وحزنت الضفة ، تماما كما حزن القطاع حين اقرارها قبل ثلاثة اشهر وفرحت الضفة .

من ضمن وجاهة اسباب فرحي بالالغاء ، انني عارضت هذه الانتخابات رغم اقبال جميع الفصائل عليها باستثناء حركتي حماس والجهاد ، لم تكن معارضتي مقتصرة على انني لاجيء لا يحق له الانتخاب ، بل لأن الانتخابات مجزوءة تجري على جزء من ارض الوطن لجزء من شعبه ، هذا من ناحية ، ومن الناحية الأخرى انها تتجاوز وتتحايل على الانتخابات الاكثر اهمية وتقريرية ، وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية المستحقة منذ ما يزيد على سنة ونصف ولا يلوح في الافق المنظور اي بوادر لإجرائها .

ومن وجاهة اسباب الحزن ان ليس هناك شيئا كثيرا او عميقا يتغير في هذا البلد ، يتخذ المسؤولون عنه قرارات خاطئة ، وحين تقول لهم ذلك لا يرتجعوا ، بل يستمروا في تنفيذ قرارهم ، وبعد ان تقع الفأس في الرأس كما يقول المثل الشعبي يتراجعوا متأخرين ، حيث لا يشكل التراجع هنا مخرجا من المأزق ، وبدلا من المصارحة والمكاشفة ومحاسبة المخطئين ، يذهبون ابعد وابعد ، كأن يقولوا انهم يريدوا ان تشمل الانتخابات جميع فئات الشعب ، وان هناك ضغوطات عربية ودولية من اجل التأجيل ، وان المصالحة الوطنية باتت على الابواب . وأمام طرح كهذا يعود الناس أدراجهم وهم فرحين بالاخبار الوحدوية السارة والتي باتت قريبة ، ويطول الانتظار كما طال انتخابات الرئاسة والتشريعي على حد سواء ، لكن الناس تجد ما يبدد حزنها حين يقولون لك اننا اليوم لدينا انتخابات نقابية صحافية وطلابية واطياء ومهندسين ومحامين وجمعيات .

كان يجب على حركة فتح ، خاصة بعد انعقاد مؤتمرها السادس الذي قارب على السنة ، و فصائل اليسار خصوصا ، ان لا تنزلق الى مربع انتخابات بلدية و على لسان الناس سؤال : كيف انتخابات بلدية بدون غزة ، وسؤال : لماذا انتخابات بلدية بدون رئاسية وتشريعية ؟ وها هي فصائل اليسار تهوي في حفرة البلديات بعد ان عاد المنظمون ولحسوا كلامهم فألغوا كل شيء الى اجل لم يسمى . في انتظار المصالحة بين فتح وحماس فتتقاسما كل شيء ويحصل اليسار على الفتات . ثم تجد من يسأل لماذا اليسار يتراجع .

الجمعة، 4 يونيو 2010

معادلة: أسكرتهم خمرة الدين الاول

إذا كان موضوع مجزرة البحر موضوع قوة "أسكرت" اصحابها ، كما جاء على لسان بعض الوزراء الاسرائيليين في معرض نقدهم لوزير دفاعهم ايهود باراك ، ومطالبته بالتنحي ، فهي "مسألة بسيطة" قابلة للحل ، تجلس الحكومة وتقيم ما حصل وفق تقرير ميداني لا يحتمل الكذب ، وعلى ضوئه تقر الحكومة بالخطأ وتقدم اعتذارها وتعوض الضحايا وتعاقب المتسببين بما في ذلك تقديمهم للقضاء .

هل بدى ان الامور تسير بهذا المنحى ؟

لقد أشادوا بالجيش الذي نفذ المهمة على خير ما يكون والذي "واجه ظروفا صعبة" واستعدت زعيمة المعارضة ان تضع مقدراتها تحت تصرف الحكومة حتى تنجلي "السكرة" ، ليتضح بعد ذلك ان المسألة اعمق من ذلك وابعد بكثير .

مظاهرة بالالاف امام القنصلية التركية ، رشقت بالحجارة وقنبلة دخانية ومحاولة لرفع العلم الاسرائيلي عليها ، وبعدها محاولة اخرى لرفع العلم الارمني ، وكأن "السكرة" ممتدة منذ مذبحة الارمن قبل خمس وتسعون سنة ، اعقب ذلك رفع صور رئيس وزراء تركيا اردوغان متشبها بهتلر .

ربما يقول لك احدهم ان هذا جمهور غاضب . غاضب ممن ؟ ولماذا يغضب من تركيا التي كانت حتى ساعة صفر الهجوم على سفينتها صبيحة السبت الماضي على خير ما يرام ومشتركة معهم في مناورات برية وحوية وبحرية ، وقبل اشهركانت تتوسط بينهم وبين سوريا في مفاوضات سلامية غير مباشرة ، ثم دخلت على الخط الايراني مع البرازيل لثنيها عن مواصلة تخصيب اليورانيوم . وقد نجحت في ذلك ونزلت ايران عند رغبتها . وقبلها غضت الطرف عن الاهانة التي وجهتها خارجية ليبرمان بما يمثل على صعيده الحزبي المتطرف وصعيده الشخصي المتفسدن ، للسفير التركي الذي اجلسوه في مكان منخفض ووضعوا لانفسهم منصة مرتفعة كي يبدو امامهم وامام كاميرات العالم انه وبلاده دونهم ، والأغرب الاعجب من كل ذلك ، انهم طلبوا لأنفسهم شايا ولم يطلبوا له .

ليبرمان الذي يمثل الديبلوماسية الاسرائيلية "خير تمثيل" يرفض الاعتذار لتركيا . السكرة مستمرة . نتنياهو يرفض السماح للسفينة الايرلندية "راشيل كوري" الوصول الى غزة ، السكرة مستمرة . ويرفض طلبا امريكيا بتشكيل لجنة تحقيق اسرائيلية فيها شخص واحد امريكي . السكرة مستمرة .

باراك يطلب من ميتشل اقناع محمود عباس ان لا تؤثر الحكاية على المفاوضات غير المباشرة ، السكرة اذن مستمرة .

نخشى ما نخشاه ان تؤثر "السكرة المستمرة " لأن يعتبر اصحابها اعلان الرئيس الفلسطيني عن نيته الذهاب الى انقرة لتأدية واجب العزاء بانه تحريض يجب ان يتوقف ، حينها فإننا لا نعرف بالضبط ما الذي سيفعله المنتشون بخمرة الدين الاول مع محمد دحلان الذي وصف اسرائيلهم بانها كالرجل الاجرب ، وهو نفسه ما صرح به مائير داغان رئيس الموساد من انها (اسرائيل) تتحول الى عبء على امريكا بعد ان كانت ذخرا لها .