الخميس، 15 يوليو 2010

خالد العزة ... حمل حزبه على كتفه وسار به في الشوارع 2-7-2010


بقلم : حمدي فراج

هناك اشياء كثيرة يستطيع الانسان بموته - على نسبيته – اثباتها وتعزيزها وتعليمها ، اكثر بكثير مما هو في حياته – على مطلقيتها – بغض النظر عن كم امتدت تلك الحياة واين حفر اخاديدها في وطن او مهجر .

هذا ما حصل مع الراحل خالد العزة الذي لجأت اسرته من قرية بيت جبريل ولما يكن له من العمر سوى سنة واحدة ، والتحق بجبهة النضال الشعبي الفلسطيني منذ بواكيرها عام 1967 واصبح عضوا في مكتبها السياسي وبالتالي عضوا في مجلسي منظمة التحرير الوطني والمركزي . وعاد مع شق الجبهة الذي ايد اتفاقية اوسلو عام 1995 الى مخيم العزة دون ابداء مسحة ندم واحدة ازاء قرار جبهته وعشرات التحفظات السياسية والتنظيمية والمسلكية على تلك الاتفاقية ، وسرعان ما رأس اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان وبعدها الجدار وممثلا محبوبا في لجنة الفصائل الوطنية والاسلامية .

لقد اراد خالد العزة ان يقول في مماته الذي جاء على خلفية حادث سير ، ان الرتبة التي تعتلي كتف المسؤول ، ان كانت سياسية او عسكرية – وما أكثرها في وطننا الذي ما يزال يئن تحت بساطير الاحتلال- ليست هي العامل الحاسم في مدى محبة الناس له والتفافهم من حوله ، لا ولا انتمائه للحزب الحاكم او حتى المعارض ، وهو الامر الذي أكده الكاتب الكبير يوسف ادريس في المقدمة التي وضعها لمجلد غسان كنفاني ، من انه يحترم غسان النوع بغض النظر عن الحزب السياسي الذي ينتمي اليه .

الحزب أكير من الانسان الفرد ، هذا صحيح من الوجهة الحسابية الكمية ، لكن هناك افراد غابت احزابهم دون ان يتمكن حتى الموت من تغييبهم ، وكان العديدون من مؤسسي الاحزاب يعملوا ليل نهار على ضم افراد بعينهم في صفوف احزابهم ، في حين عمل آخرون على تصفيتهم والتخلص منهم سجنا او قتلا او سحلا . ويحضرنا هنا ما كان يدعو الرسول محمد ربه من ان يعزالاسلام بأحد العمرين . الشاعر الكبير محمود درويش الذي سيخلد في ذاكرة الناس اكثر من الفصيل الذي عكف على استقطابه ، او ذاك الذي كفره .

كان خالد العزة من النوع الذي يحمل حزبه على كتفه ويمشي به في الشوارع ، يقدمه للجماهير وفق احتياجاتها ، لا وفق احتياجاته ، دون ان تسمعه مرة واحدة يدعو اليه او ينفر ممن هو ضده ، لأنه ببساطة ، كان يرى في فلسطين اكبر من الجميع ، وانها الهم الاكبر الذي يشكل تحريرها وتحرير انسانها مهمة المهمات لكل الحركات والاحزاب ، فجاءت طريقة وفاته في حادث سير عادي يحدث مئات المرات في اليوم الواحد عاملا حاسما ، من ان الاستشهاد لا يقتصر على رصاصة المحتل ، بل ايضا على ولد صغير من مخيم العزة ، اضطرته ظروف اعتقال ابيه الى ترك المدرسة للعمل في فرن فيقضي فيه حرقا ، دون ان يشعر اي من احزابنا ان شيئا لدينا قد احترق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق