الخميس، 26 أغسطس 2010

اللاجئون يعودون هذا الاسبوع 20-8-2010

اللاجئون يعودون هذا الاسبوع ، مسألة مستحيلة ، لكنها مقبولة اكثر بكثير من الذي قال "الشهداء يعودون هذا الاسبوع" وهو الكاتب الجزائري المبدع الطاهر وطار الذي رحل عنا الاسبوع الماضي ، وهو عنوان لمجموعة قصصية قصيرة حملت هذا الاسم ، ومفادها ان عجوزا عكف بعد استشهاد ابنه الذي كان يحمل رتبة عسكرية متقدمة في الجبهة الوطنية لتحرير الجزائر ، وهي بالطبع شبيهة بمنظمة التحرير الفلسطينية من حيث ان كلتيهما حررتا الجزائر وفلسطين ، عكف ذلك العجوز على الصعود الى الجبل يستذكر ويستحضر ابنه الشهيد على مدار سنوات ، ولا ينزل من على الجبل الا بعد ان تكون الشمس قد ذهبت الى هزيعها ، وفي أحد الايام هبط من معتكفه مبكرا وهو يصيح بأعلى صوته ان الشهداء سيعودون هذا الاسبوع بمن فيهم ابنه . تناقل العامة خبر الثاكل الجليل بمزيد من الاهتمام والجدية الى ان وصلت المعلومة الى الجهاز الذي لا يخفى عليه خافية ، وبدلا من ان يستمر تناقل المعلومة شفاهة ، اصبحت تنتقل مكتوبة من مستوى الى مستوى عبر البريد المسجل والفاكس ... لم يكن الايميل قد اخترع بعد ولا الأس أم أس ، كانوا سيكتشفون الكذبة بشكل أسرع .

ولما أصبحت القصة/ النبوءة حديث الجميع ، وتناقلتها الصحف والمنابر والمساجد ، كان هناك ردتا فعل أساسيتان ، الاولى من قائد المنطقة التي يقطن فيها الشيخ والذي كان رفيقا للشهيد ونائبا ملازما له في المعركة التي استشهد فيها ، وهو الوحيد الذي يدرك انه كان بإمكانه انقاذ حياة الشهيد لو انه لم يتخاذل ويفر من مكان الاشتباك . إن عودته من الموت ليست كفيلة بأن يأخذ مكانه في قيادة المنطقة ، بل وبتقديمه للمحاكمة بتهمة الفرار او حتى الخيانة العظمى كما تفعل كل الثورات التي انتصرت .

ردة الفعل الثانية جاءت من المستوى السياسي الذي يحكم البلاد ، من ان عودة الشهداء ستثير لهم سيل من المشاكل التي تبدأ ولا تنتهي ، أقلها ان نسبة البطالة في الدولة العتيدة سترتفع بما لا يمكن احتماله ، فهؤلاء يناهز عددهم مليونا من الشهداء ، عدا عن ان الجزائر ستفقد اهم اسم تميزت به في تاريخها الحديث والقديم ، بلد المليون شهيد .

كذّبوا الرجل ، وسفهوه بسبب هذه الرؤية غير الواقعية ، لكن الاسباب الكامنة للتكذيب والتسفيه كانت مغايرة تماما ، وألسنتهم تلهج بالشكر انهم لن يعودوا .

يشعل الطاهر وطار هذا الضوء الاحمر من بلد المليون شهيد ، ليزداد توهجه هنا في فلسطين ، صحيح انه ليس لدينا مليون شهيد لنخشى من عودتهم ، ولكن لدينا ملايين اللاجئين الذين تنتظرهم مخيمات الضفة والقطاع والتي يناهز عددها ثلاثين مخيما ، والحمد لله فلقد سمحت وكالة الغوث بسقف طابق ثان وثالث ورابع داخل المخيمات بعد ان كان هذا ممنوعا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق