الجمعة، 7 مايو 2010

4141-455-202 ...هاتف بيكر

لا نعتقد ان هناك فلسطينيا واحدا من ابناء هذا الشعب لا يريد للمفاوضات التي يقوم المبعوث جورج ميتشل بتحديد معالمها ان تنجح ، بل نميل للجزم ان اكثر الجهات حرصا على نجاحها هم ابناء الشعب الفلسطيني الذي يريد ان يرى نهاية لهذا الاحتلال الذي لا يحتله فحسب ، بل وكل العالم على اعتبار انه آخر احتلال من اواسط القرن الماضي .
جزء كبير من هذا الشعب لم تعد تنطوي عليه لعبة المفاوضات والمبادرات والوساطات والبعثات كما كانت تنطوي في الماضي ، فقد مرت عشر سنوات على احتلال عام 1967 وكنت تسمع الناس يقولون ان اسرائيل ستنسحب خلال ايام ، وقبلها صدق اللاجئون انهم سيعودوا الى منازلهم ، وأن وكالة الغوث قد منحتهم مسكنا مؤقتا في مخيماتهم لا يخدمهم اكثر من عشر سنوات يكونوا خلالها قد عادوا .
تجربة التفاوض التي استمرت زهاء عشرين سنة - في العلن- كانت بدورها كفيلة لأن تجعل اغلبية الشعب الساحقة غير مطمئنة لهذه المفاوضات ، بل حانقة عليها وكافرة بها ، ليس من باب انها لم تحقق للشعب تطلعاته الاساسية في الحرية والاستقلال فحسب ، بل انها تقريبا أجهزت عليها لحقبة طويلة اخرى من الزمن ، واسهمت في شرذمة الشعب والوطن على حد سواء ، وبددت رصيده الكفاحي وقوضت الارض الصلبة التي عكف على ترسيخها عشرات السنين من التضحيات . وبمعنى آخر أطعمته جوزا فارغا .
في كتابه الذي يمتد الى الف صفحة ، بعنوان "السلام المفقود" يسوق دينس روس تجربته في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي قادها بفشل منقطع النظير بين الفلسطينيين الذين مثلهم انذاك ياسر عرفات، وبين الاسرائيليين الذين مثلهم رابين الى ان قتل ثم بيرس فنتنياهو فباراك ، وكلهم اليوم احياء بل يتصدرون السلطة المحتلة ، كذلك الحال الفلسطينييون الذين انخرطوا في التفاوض ، هم هم ، بمن فيهم ابو مازن وصائب وقريع وعبد ربه والرجوب والدحلان وابو ردينة . يسوق روس في مؤلفه قضية الخليل التي بدأت من عند رابين فبيرس فنتنياهو في حوالي خمسة فصول من اصل 25 فصلا ، ليصل في نهايتها الى استخلاص "من الانسب لهم لوتفاوضوا مباشرة فيما بينهم وكان الاحرى بنا الا نأخذ المفاوضات على عاتقنا".
تلك كانت مفاوضات غير مباشرة فاشلة ، سبقتها مفاوضات مباشرة أفشل ، أتبعت بمفاوضات مباشرة فشلت مرة أخرى ليتم الانتقال الى مفاوضات غير مباشرة ، وتساءلت : اذا كانت اتفاقية الخليل قد استنفذت كل هذا الوقت في زمن امريكي مهجن بين بوش الاب وكلينتون دون ان تصل الى نهايتها ، فماذا عن القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود . واذا ما راهنت القيادة على امريكا ، كما راهن الراحل عرفات ، فأرسل له وارن كريستوفر رسالة حملت اسمه كتعهد امريكي ، ووصل الامر بوزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر ان اعلن هاتفه حين قال "إذا كان الاسرائيليون جادون بشأن السلام فها هو هاتفنا 202-455-1414" . واقع الحال يشي بل يصرخ من اتصل بمن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق