الخميس، 4 مارس 2010

حذار ان نصل الى ان نلعن اليوم الذي انتصرنا فيه 30-1-2009

هناك ما هو أكثر ايلاما في القلب من حلاوة مذاق النصر على طرف اللسان ، في حالة الاجماع بأن المقاومة الفلسطينية في غزة ممثلة بحركة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام قد انتصرت ، هو موت الابرياء ، وبخاصة هؤلاء الاطفال بالجملة والمفرق ، فمن لم يمت منهم مات ذووه أو أبوه وأصبح يتيما الى الابد ، بحيث نسمع البعض المنتصر يخرج على المنبر فيقول : لا بأس من موت الاطفال في سبيل النصر .

وهناك ما هو أكثر سوءا من الهزيمة ، هو زيادة حالة التشرذم والتفسخ في الجسد الواحد ، فنرى "المنتصر" يطلق يده في جسم مدعي الهزيمة ، يريده ان يقر بنصره ، وعظمته وجبروته ، وبالتالي الانصياع له ولقيادته . ومن الناحية الاخرى ، نرى مدعي الهزيمة يطلق يده في جسم المنتصر ، لا يريده ان ينتصر لأخيه او حتى يفرح لفرحه ، وهما في الحالتين انما يكملان دور الاحتلال ، او ما عجز عن القيام به إزاء الجانبين ، بوعي او بدون وعي .

واذا كانت اسرائيل قد اعلنت عن انتصارها ، فإن موت الاطفال ، بالجملة والمفرق ، هو الذي افسد عليها انتصارها وحال دون التتويج وفتح الشمبانيا ، ومن يقل لنا ان عدم مواصلة اسرائيل عدوانها وهجماتها ، هو حجم خسائرها ، فإنه يريد ان يذر الرماد في عيون مقاتليه قبل جماهير الشعب ، وبالقدر الذي كان فيه الاطفال هم وصمة اسرائيل وعارها ، فانهم انفسهم تاج انتصار حماس إن لم يكونوا درة هذا التاج .

تخيلوا ، لو ان حماس تواضعت قليلا ازاء انتصارها ، وجعلت للآخرين يتحدثوا عن ذلك ، او انها تركت هذه المهمة السهلة نسبيا لغيرها ، فإن النتيجة بالتأكيد ستكون مختلفة .

تخيلوا لو ان فتح ، أشادت بهذا النصر وهذا الصمود ، وأمسكت لسانها بالتحدث عن هزائم واخفاقات واختباءات ، خاصة وانها ما زالت تمثل شرائح واسعة من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع على حد سواء ، وتنتظرها معارك انتخابية قادمة ، فإن النتائج ستكون بالتأكيد مختلفة على ما هي عليه اليوم .

لقد أصدر ابو مازن قرارا مبكرا بوقف الحملات التحريضية من طرف واحد ، ولكن نصيب قراره من الالتزام كان ضعيفا للغاية ، وبدلا من ان نرى الحملات تتوقف او على الاقل تخبو ، نراها اليوم تتصاعد وتحمل معها تطورات سلبية دراماتيكية ، تصل حد الصراعات على الاموال التي يتبرع بها الخيرون من الاشقاء والاصدقاء عربا وعجما وأجانب ، وسيكون منظرنا ونحن نتصارع على من يتلقفها لتوزيعها على مستحقيها مخجلا و محرجا و مشينا ، للدرجة التي يمكن ان تصل بالمتبرع ان يوزعها بنفسه او ان يصرف نظر عن ذلك من أصله ، حينها ، لا يكون الخاسر فتح وحماس فقط ، ولا هؤلاء المنكوبين الذين هم بأمس الحاجة اليها ، بل سيصل بنا الحال ان نلعن اليوم الذي انتصرنا فيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق