الخميس، 4 مارس 2010

من المأساة الى المهزلة 26-5-2008

يزداد وضعنا الفلسطيني تعقيدا على تعقيد ، بل لربما يصلح معه الكوميديا الساخرة السوداء التي تلي التراجيدا المأساة ، كما علّم كارل ماركس ومن قبله فردريك هيجل من أن التاريخ يعيد نفسه ويكررها مرة على شكل مأساة ومرة على شكل مهزلة ، ونظن والله أعلم أننا دخلنا عصر المهزلة .

فبعد ما يقرب من ستين لقاء مع أولمرت واقطاب حكومته من اللقاءات المعمقة ، ثلاث عشرة منها في بيته ، يتضح أن الرجل ضالع في الفساد ، صحيح أن فساده بالنبسة لفسادنا لا يقاس ولا باي شكل من الأشكال ، الا أن ما سجل عليه كاف لاقصائه عن دفة القيادة وتمثيل الشعب ، وفي الحد الأدنى التحقيق معه لآكثر من مرة في عقر داره التي شهدت مفاواضاتنا المعمقة ، وتقدمه للمحكمة العليا بإستئناف تم صده ، وفي هذا ليس هناك ما يمكن أن يضيرنا الا موضوع واحد لا غيره ، وهو أن فسادنا مهما كبر حجمه لا يجد له متسعا في اي محكمة .

تتلخص كوميديانا أو مسخرتنا في اننا اليوم لا نعرف إن كان يجب علينا ان نحزن أم نفرح إزاء ما حل بشريكنا في المفاوضات ، فمن جهة هو عدونا الذي يحتل ارضنا ويبطش بجماهيرنا ويرفض التنازل عن مشاربه الصهيونية التقليدية المعهودة إزاء القدس والعودة والمستوطنات ، وهذا بحد ذاته كفيل حين يسقط في شر اعماله وفساده ان نقول "الله لا يرده" ، ولكن بالمقابل فإننا قطعنا معه شوطا طويلا وأصبح بيننا وبينه عيش وملح على هامش المفاوضات المعمقة ، مما يحز في تفوسنا إزاء سقوطه المخزي والمدوي . فماذا نفعل ؟ نفرح ام نحزن ؟ وهو سؤال بدون ادنى شك صعب للغاية ، عدا عن انه لم يتم حسم مصير الرجل نهائيا بعد .

المظهر الآخر من مسخرتنا ، هو بوش ووعده لنا بالدولة المستقلة خلال العام الجاري، وقبل أن ينتصف العام يأتي الى الكنيست ليعصف بنا وبمستقبلنا وتاريخنا . أما ثالثة الأثافي فهي مفاوضات سوريا التي يتناسب تقدمها عكسيا مع قضيتنا رغم مفاوضاتنا المعمقة ، ولم نملك إزاءها الا الاشادة بها ، مع الاعتقاد ان الاشادات التي اسمعت كانت من طرف اللسان ، والأجدى أن نحذرهم من الوقوع في الشرك الذي وقعنا فيه ، فهم أشقاؤنا ولديهم قطعة ارض محتلة منذ ما يزيد على اربعين سنة ، كما هو وطننا بأكمله .

أكثر ما نخشاه أن يخرج علينا أحد أقطابنا ليقول بعد ذلك أن قيادتنا هزمت أولمرت وأقصته ، في حين بقيت هي في سدة الحكم ، أو بالأصح جزء من الحكم ، تنتظر مجيء قيادة جديدة أغلب الظن انها نتنياهو او باراك او ليفني لاستكمال ما كنا قد بدأناه من المفاوضات المعمقة مع اسحق رابين شريكنا في سلام الشجعان قبل ما يزيد على خمسة عشر عاما ، ثم بعد ذلك مع نتنياهو فباراك فشارون فأولمرت ، حينها تكتمل كوميديانا وتتواصل مهزلة المفاوضات المعمقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق