الخميس، 4 مارس 2010

حالة اكتئاب 18-8-2008

إنتابتني مؤخرا حالة من الاكتئاب ، وهي درجة متقدمة من درجات الحزن وفق علماء النفس ، ومعرفة سببها تساعد في تبديدها الى حد كبير ، ولكنها لدي ظلت ماثلة ، وشعرت ان هذا الاكتئاب يلفني من رأسي الى قدمي ، وأنه يأتيني في معظم اوقات النهار وأطراف الليل ، وأنه كأنه يتربصني في معظم الاماكن التي اذهب اليها رغم حذري بأنني أهرب منه هناك لكي أتحاشاه هنا ، فسرعان ما يظهر لي مبتسما ابتسامة الشامت المتربص ، فتزداد حالة اكتئابي لأبرح المكان الجديد بحثا عن مكان آخر لا أجده فيه ، الى ان وجدته .

حالة إكتئابي ترتبت على موت محمود درويش المفاجيء الذي كنت قد حظيت بمقابلته مرتين في غزة ورام الله ، ولكنه ليس الموت الأول الذي أفجع به بإنسان قريب مني ، قريب من تكويني الوجداني والنفسي والأدبي ، وتيقنت بعد ذلك أنه ليس الموت بحد ذاته الذي تعلمت صغيرا انه حق ، ثم تعلمت انه أحد أهم ضرورات الحياة ، بل موقف البعض ممن عيّن نفسه وكيلا عن الله ليحدد لنا الكافر من غير الكافر ، والذاهبون الى الجنة من الذاهبين الى النار ، حزنت لموقف حركة حماس التي لطالما عملت على انتزاع احترام الجماهير بنضالها ونظافة يدها قبل أن تصبح حكومة ، ولهذا التفت الجماهير من حولها ومنحتها ثقة القيادة ، فيكون هذا موقفها من شاعر كبير بحجم محمود درويش في يوم رحيله ، تخيلوا لو كان مشعل او هنية او الزهار هو رئيس السلطة ، ماذا كانوا سيفعلون مع محمود درويش ، وماذا عن برقيات التعزية من الرؤساء والملوك التي ستصلهم ، وعشرات الأسئلة الأخرى التي كانت تزيد من حالة اكتئابي . المهم انني خرجت من تلك الحالة ، والفضل يعود لألاء من بلدة الخضر ، سمعت انها حصلت على معدل 95 في التوجيهي وأنه تم تجاهلها في التكريم الذي نظمته حركة فتح بشكل مركزي في استاد الخضر الدولي وحضره عن الرئيس مدير ديوانه الدكتور رفيق الحسيني ، ذهبت الى منزل آلاء ، لأتحقق من اسباب الغاء تكريمها في آخر لحظة .

كنت أعرف ان آلاء تعرضت وهي طفلة في الخامسة من عمرها الى حادثة دهس بالخلاطة وكانت عائدة من روضتها ، الخلاطة قتلت زميلتها هبة ، وقصمت الاء قسمين ، ومن يومها تعيش الاء بقسم واحد فقط من جسمها . تجلس في كرسي متحرك وترى ابتسامة دائمة على وجهها .

تبديد حالة اكتئابي لم تكن ابتسامتها التي تحتفظ بها كمنحى جمالي يبدد بشاعة ما دمرته الخلاطة ، ولا ارادتها الفولاذية التي شقت بها الطريق الى ان اجتازت التوجيهي بمعدل 95% ، بل لأنها رفضت ان تحقد على من ألغوا تكريمها ، فقالت باختصار انها غضبت قليلا وان البلدية قامت بهذا التكريم لاحقا ، والمهم عندها ان تستعد الان للمرحلة الجامعية حيث قبلتها جامعة بيت لحم في كلية التكنولوجيا .

في فيلم السفارة في العمارة ، قال مدير المخابرات لعادل امام "شريف" معاتبا ، انه وصله تقرير من السفير الاسرائيلي يقول فيه ان تكشيرة شريف في وجهه جلبت له حالة من الاكتئاب ، فتبددت حالة اكتئابي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق