الثلاثاء، 9 مارس 2010

من غوش قطيف الى غوش عصيون 25-1-2010

قبل سنوات ، في أوج مرحلة السلام ، تاهت سيارتي في منطقة غوش عصيون التي لا تبعد عن مكان سكني "غوش الدهيشة" أكثر من عشرة كيلومترات ، فخرج الي اطفال لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم يضعون قبعاتـ(هم) على رؤوسهم الصغيرة ، وتتدلى من جنب آذانهم خصلات الشعر المعهودة للمتدينين اليهود ، ابتسمت لهم على اعتبار اننا نعيش معا سلام الشجعان الذي صنعه زعيمنا عرفات وزعيمهم رابين ، وبعد ان حييتهم بلغتهم "شالوم" ، سألتهم عن الطريق الصحيح الذي يخرجني وسيارتي "المهرقعة" من هذه المنطقة الراقية التي بدت لي انها قطعة من الجنة ، ذهب أحدهم او أكثر واحضروا حجارة صغيرة يرشقوني بها ، فأدركت انهم لا يفهمون عبريتي المكسرة ، وسرعان ما تفاجأت انهم يعرفون العربية الفصحى حين قالوا لي : روخ من هنا يا خمار .

أسوق هذه القصة اثر تصريح السيد نتنياهو ازاء غوش عصيون من انها ستظل جزءا من ارض اسرائيل الى الابد ، مفترضا انه وبقية ربعه قد ادركوا انه ليس من شيء يبقى الى الابد بعد الذي ألم بمستوطنات غزة رحمها الله ، والتي اصبحت اليوم اثرا بعد عين ، كانوا يقولون انهم يتركون تل ابيب ولا يتركونها ، وتركوها . واقصى ما طلبوه مقابل اخلائها ان لا يتعرضوا لاطلاق النار خلال انسحابهم منها .

الحياة هي التي تزكي من الذي يبقى الى الابد ومن الذي ينسحب تحت جنح الظلام خوفا كاللصوص او عارا كالذي ارتكب فضيحة يريد التستر عليها . ما الذي يؤهل غوش عصيون وغيرها من المستوطنات لأن تبقى الى الابد ، وانت لا ترى فيها الا الحقد والعنف والكراهية والتدين الكاذب والكسب غير المشروع .

ومهما يكن من شيء ، فإن لازمة "الى الابد" التي تضعونها خلف كل جملة من على شاكلة القدس عاصمة موحدة ، وحدود 67 والدولة المستقلة واسرائيل النظيفة (اليهودية)، بدأت تنتقل الى مستوطنات الضفة ، وهو الذي سبقك اليه شارون قبيل انسحابه من مستوطنات غزة ، رغم انه قبل ذلك ذهب الى التحلل من حزب الليكود ليشكل حزبا جديدا هجينا سرعان ما أخذ يتبدد . وهو الذي يتطلب منك قبل بدء تفكيك مستوطناتـ(ك) في الضفة ان تتخلص على الاقل من حلفائك من على شاكلة ليبرمان قبل ان يورطكم فيما هو أشد مما عمله مع تركيا .

لن يغفر لغوش عصيون ، انها جميلة كقطعة الجنة ، ذلك انها وبقية المستوطنات ليست الا فعل اغتصاب ، لن ينجح احد في تجميله ، ولكننا ننصحكم ان لا تتعجلوا في ردمها كما فعل شارون في غوش قطيف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق