الخميس، 4 مارس 2010

من كنيس القدس الجديد الى ميناء عكا القديم 17-10-2008

إذا كان انهيار السوق المالية في امريكا قد جاء من وجهة نظر البعض قضاء وقدرا ، او تحقيقا لعدالة السماء وتدخلها المباشر في شأن دولة عظمى لا تجد من يوازيها او يردعها ، فإن قرار إقامة كنيس قرب المسجد الاقصى قد جاء بفعل فاعل ومع سبق الاصرار والترصد في سلسلة من الاجتماعات والاعدادات والتخطيط والتمويل والتنفيذ ليأتي بعد ذلك التدشين والاحتفال على مرأى من الجميع .

وإذا كان الفتى من عكا قد قاد سيارته في عيد الغفران من باب غضاضته وجهله وطيشانه ، او من باب ان شوارعهم ارحب من شوارع مدينته ومينائها القديم ، أو من باب ما هو حتى أكثر من ذلك / كأن يستفز المؤمنين ومشاعرهم ، فإن خروجهم عليه وعلى أسرته وأهله ومعارفه وطائفته وعموم ابناء شعبه حرقا وتكسيرا ورجما وهتافا بقحف صوتهم : ان يخرجوا كلهم من عكا ، تعبيرا جماعيا صارخا وكامنا منذ عشرات السنين رغم كل المهدئات والمسكنات ومساحيق تجميل دولة الديمقراطية والعيش المشترك .

وإذا كان رد فعلنا على بناء الكنيس لا يتعدى مؤتمرا صحفيا يعقده الشيخ المجاهد رائد صلاح القادم من تخوم الداخل وما تبقى من تلال أم الفحم ومصمص وعكا التي لم تفق بعد على صدمتها وجراحها المثخنة ، فإن الحكومة الفلسطينية بشقيها المكلفة والمقالة (الضفاوية والغزاوية ) قد قامتا بالرد ، حيث استمرت الاولى بإجراءاتها الاستعدادية للقدس عاصمة للثقافة العربية ، والثانية حضور مؤتمر القدس السادس في الدوحة حضورا مميزا اسمعت فيه الخطابات المعهودة والمعروفة والتي حفظها ابناء القدس ، جيلا فجيلا ، عن ظهر قلب .

من ضمن ما أسمع في مؤتمر القدس السادس ، خطاب للوزيرة السورية بثينة شعبان ، كان عبارة عن تساؤلات في غاية الاهمية والبلاغة ، نسوقها هنا كي تتضح الصورة أكثر :" لماذا نمضي السنين نردد المصطلحات والافكار ذاتها التي تخرطها آليات من يريد إقصاءنا أكثر دون ان نخترق لغته فنلغيها ونستبدلها بلغة تحملنا الى المسجد القصى وأحياء القدس العتيقة والى عكا ووحيفا ونابلس ورام الله ؟ لماذا نردد ان الخطر وشيك على الاقصى والخطر واقع كل يوم على باب المغاربة وباب الاسباط وباب العمود وعلى المقدسيين الذين هجروا من منازلهم العربية القديمة ؟ " .

صحيح ، كما تساءلت الوزيرة ، لماذا نكرر ذلك ، بل لماذا تكرر هي ذلك وبشكل فج وركيك وضعيف تنقصه الجرأة والمباشرة الكلامية ، ربما لأن حكومتها تجري مفاوضات مع أصحاب الآليات الذين يريدون إقصاءنا ، على حد تعبيرها ، الامر الذي يتطلب كياسة وذوقا في اختراقهم والغاء لغتهم على حد تعبيرها أيضا .

المهم ، نأمل ان لا تتطلع الوزيرة المحترمة ان يجيب اهل القدس على تساؤلاتها ، فهذه بالضبط اسئلتهم منذ اربعين سنة لها ولغيرها من المسؤولين العرب ، فلم يحصلوا الا على مزيد من الاسئلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق