الثلاثاء، 9 مارس 2010

المفاوضات غير المباشرة خطوة اخرى نحو الوراء 5-3-2010

بعد ايام تبدأ "المفاوضات غير المباشرة" بيننا وبين اسرائيل ، وهو التعبير الذي تم استحداثه بديلا عن المفاوضات الفاشلة والتي استغرقتنا ثمانية عشر عاما لم نحقق خلالها شيئا حقيقيا يرسخ امانينا في التحرر والاستقلال والرخاء والانعتاق من نير احتلال يدخل عامه الرابع والاربعين هذا الصيف .

في العادة ، تسبق المفاوضات غير المباشرة المفاوضات المباشرة ، تمهد لها ، تضع اطارها ، تحدد معالمها ، تزيل عوائقها ، تستكشف نوايا اصحابها ، تكسر حواجزها النفسية ، التي قال الراحل السادات عنها انها تشكل 99% من المشكلة .

في حالتنا ، اكتشفنا اشياء مرعبة ، رغم اننا فواضناهم على كل شيء تقريبا ، وقدمنا حلولا مرحلية ، مثل تأجيل ما اطلقت عيه الدبلوماسية العالمية قضايا الحل الدائم ، كالمستوطنات والحدود ، وحلولا واقعية للقضايا التي بدت وكأنها خيالية مثل قضية اللاجئين والقدس . وقدمنا الضمانات المطلوبة عربيا ودوليا ، بما في ذلك مبادرة السلام العربية لاقامة السلام الشامل في المنطقة .

من ضمن الاشياء التي حصلنا عليها جراء هذا التفاوض المباشر والذي وصل الامر ان يكون في البيوت ، هو هذا الانقضاض علينا كما لو ان الاحتلال قد بدأ للتو ، من حيث نهب الارض وتسارع التوسع الاستيطاني غير المسبوق ، وهدم منازل القدس ومعالمها ، بحيث لم يعد لنا مؤسسة رسمية واحدة فيها ، وباتت حتى الاحتفالات بالمناسبات الوطنية والاجتماعية والعالمية ، مثل يوم المعلم او العامل او المرأة ، محظورا ، ثم وصل الامر ان يطول الهجوم قرى واحياء بأكملها ، كما مع سلوان والبستان والشيخ جراح والمغاربة وباب العمود ، ثم انتقل الانقضاض على التراث الانساني والديني في القدس والخليل وبيت لحم .

التفاوض المباشر ، لم يقتصر كما هو معلوم ، مع حزب اسرائيلي دون غيره ، بل لقد شملهم كلهم ، فقد كانت المدة طويلة جدا ، بحيث انها منحت فرصة تقلب الحكم على اليمين واليسار والوسط ، بمن فيهم شارون ونتنياهو نفسه . الى ان وصلت الامور بالمفاوض الفلسطيني ان يكفر بهكذا مفاوضات ويعلن انه لن يعود اليها لطالما ان الطرف الآخر يستخدمها للمراوغة مرة ، وتدمير ما تبقى من بنيتنا السياسية والاجتماعية والنضالية والنفسية مرة أخرى .

لكن ، الانتقال الى ما يسمى بالمفاوضات غير المباشرة ، هو خطوة اخرى الى الوراء ، حتى لو جاء ذلك في سياق رسمي عربي مستندا الى توصية امريكية ، فالعرب عاجزون ، وامريكا منحازة . وكل ما نتمناه من قيادتنا ان لا تستغرق المفاوضات غير المباشرة ثمانية عشر سنة اخرى ، ننتقل بعدها للمفوضات المباشرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق