الجمعة، 5 مارس 2010

الحزن سيد الموقف 23-11-2009

انتابتني موجة حزن في الاسبوع الماضي مردها كتاب القلم والسيف لادوارد سعيد الذي مرت ذكرى وفاته السادسة مرورا يثير في النفس "حزنا مثل أسواق العراق" الذي تنبأ به الشاعر الكبير مظفر النواب قبل ثلاثين سنة وأكثر ، فيمتد الحزن ويتواصل في الكثير الكثير من الاسواق العربية بما فيها اسواق اليمن الذي كان اسمه "اليمن السعيد" قبل الاف السنين ، مرورا بأسواق السودان والصومال وانتهاء بأسواق مصر و الجزائر رغم تأهل احداهما لكأس العالم .

اسواق فلسطين ما زالت مرتعا للحزن الآدمي ، العربي والعالمي ، على حد سواء ، وبدلا من ان تتناقص موجاته بسبب من توقيع اتفاقية السلام مع اعدائها ، نراها استفحلت وتوشحت بالسواد رغم الرايات الخضراء التي رفرفت على تخومها الجنوبية ، اما الشمالية ، فنرى ان رئيسها عزم على الاستنكاف رغم انه نجح في حل معضلة عقد مؤتمر حركته الذي بدى وكأنه استعصى على الالتئام عشرون سنة .

مثار الحزن الاستثنائي المتعلق بادوارد سعيد كشفه حقائق تتبدى امامنا اليوم بنصف وضوح ، لكنها تبدت امامه بكل الوضوح قبل ما يزيد على خمس عشرة سنه ، ابرزها "ان القدس الكبرى تساوي ما يعادل 25-30% من مساحة الضفة الغربية " ، فماذا عنها اليوم ؟

يقول بالحرف "المستوطنات لا زالت في توسع ، وهي أكثر شؤما من مجرد أخذ الارض ، نحن لا نعرف حتى كم اخذوا من الارض وماذا فعلوا بمياهها " .

و ان منظمة التحرير بتوقيعها على اتفاقية اوسلو تتخلى عن كل قرارات الامم المتحدة بما فيها قرار 194 المتعلق باللاجئين والذي صوتت عليه امريكا نفسها ، لأن الاتفاقية حصرت التفاوض في القرارين 242 و338 . وهذا يعني من الوجهة العملية صعوبة التوجه لمجلس الامن بشأن اعلان الدولة المعلنة اصلا والتي "احتفلنا" باعلانها الواحد والعشرين قبل ايام .

"الاتفاقية تجعل الفلسطينيين تابعين خاضعين للاسرائيليين الذين سيتابعون في الواقع سيطرتهم على الضفة وغزة خلال المستقبل المنظور" وما بعد المنظور ايضا .

اما الجانب الاقتصادي والتنموي وتحويل فلسطين الجديدة الى سنغافورة الشرق والنمر الاقتصادي ، كما قال المروجون ، فإن له رأي آخر : "تزويد اسرائيل بمنصة قفز الى بقية العالم العربي" للدرجة التي نرى فيها اليوم مكاتب تجارية في معظم عواصم العرب ، وفي الحد الادنى بضاعتها المجبولة بدمنا وعرقنا في كل اسواقهم .

ولا يفوت ادوارد سعيد ، الذي يريد البعض الترحم عليه لولا انه مسيحي ، مع ان المسيحيين لا يعتبرونه مؤمنا ، لا يفوته التطرق بخجل وبؤس الى المتحدثين الفلسطينيين الذين أعيد انتاجهم ممن كانوا في الماضي القريب ثوريين "من انصار فرانس فانون وانضموا للجوقه" ولا يفعلون شيئا للجماهير الفلسطينية الحقيقية "الفلاحون بدون ارض واللاجئون بدون دولة والعمال بأجر زهيد كالرقيق ".

وهناك الكثير مما لا نستطيع نقله من هذا الكتاب ، ولهذا ادركت متأخرا لماذا منع من التوزيع في مدن الضفة قبل ما يزيد على عشر سنوات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق