الخميس، 4 مارس 2010

لا أمن ولا إعلام 29-8-2008

"البحث عن مؤشرات علمية لقياس علاقة الأمن بالإعلام " ، كان هذا عنوان الورشة الصحفية التي عقدت على مدار يومين في فندق الانتر كونتننتال بأريحا والتي نظمها مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة بالتعاون مع شبكة أمين الاعلامية وحضرها عشرون صحفيا يعملون في الاعلام الحكومي والخاص مرئيا ومسموعا ومكتوبا ، وكانت عناوين الورشة الأربعة والتي أحب المنظمون اطلاق اسم "خلوة" عليها تتمحور في : دور الاعلام كحلقة وصل بين القطاع الامني والمجتمع ، الاطار التنظيمي للعمل الاعلامي في فلسطين ، المعيقات التي تواجه الاعلام ، ودور الاعلام في ظل الصراع الداخلي والاحتلال .

وبغض النظر عن المدى الذي اقترب منه المحاضرون أو ابتعدوا عن محاور النقاش ، فإن العصف الفكري في هموم هذه السلطة الرابعة والمداخلات التي اسمعت كشفت بما لا يدع مجالا للشك عن خلل كبير يلف الاعلام الفلسطيني في ثلاثة زوايا مثلثه : صحافة وصحفيين ونقابة ، وهو أمر ينذر بخطر داهم يتهدد هذه السلطة كما مع السلطات الثلاثة الأخرى .

لقد إنفضت الجماهير من حول قيادتها السياسية المتمثلة في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في أول محك عملي والذي تمثل في انتخابات المجلس التشريعي 2006 ، ومنحت ثقتها بحركة دينية واحدة هي حركة حماس ، ولم يكن هذا بداية الانفضاض والارفضاض كما يمكن أن يتصور البعض ، بل نهاية مطاف لتراكمات عشر سنوات من الاداء السيء للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية .

السلطة الرابعة في فلسطين ليست استثناء ، فقد كادت ان تكون ملحقة بالسلطة الخاسرة ، وكل استطلاعات الرأي تشير الى عزوف عن اعلامها الرسمي المرئي والمسموع والمكتوب على حد سواء ، ونسجل هنا للرئيس عباس انه حاول اطلاق هذا الاعلام من قمقمه لكن هذه المحاولات لم تنجح . الاعلام المحلي الخاص والمتمثل في عشرات المحطات الاذاعية والتلفزيونية فشلت بدورها فشلا ذريعا على الصعيدين الذاتي والموضوعي ، فمن غير المعقول ان يكون هناك حوالي مئة محطة اذاعية وتلفزيونية في شتات الضفة الغربية التي لا يوجد بينها اي تواصل حقيقي ، في بيت لحم وحدها هناك اربع تلفزيونات وثلاث اذاعات .

في زمن الاحتلال ، كانت الازمة أزمة صحافة ، فلم تكن اسرائيل تسمح الا بالاعلام المكتوب ، وكان منح ترخيص جريدة أشبه برحلة الى القمر ، قاصرة ذلك على القدس دون غيرها ، وتخضع موادها للرقابة العسكرية المشددة ، ولكم من مرة قامت بإغلاق صحف ومجلات مرخصة كجريدة الميثاق وقبلها مجلة الشراع اللتان كان لي شرف العمل فيهما .

في ظل السلطة ، لم تعد الأزمة أزمة صحافة ، بل صحفيين ، والعاملين في هذا الكم التشويهي من المنابر الصحفية هم من العاطلين عن العمل والذين يقبلون بأي مرتب يعرض عليهم لأنهم أصلا بدون مؤهلات ، وفي مؤسسات الحكومة الحقوا بوظائفهم وفقا لواسطاتهم ، وبدلا من ان يكونوا روافع لهذا العمل الهام والمعقد ، كانوا عبئا يصعب التخلص منه وفق ما قاله مسؤول كبير في هيئة الاذاعة والتلفزيون . أما الجزء الأخير من هذا الاعلام فهو المعتمد اساسا على ما يجود به المانحون ، فإن جادوا استمر وان توقفوا توقف .

وبعد ، أفلا يحق للشعب ان ينفض من حول هكذا اعلام ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق