الخميس، 4 مارس 2010

نحرف حيث يحرفون 13-2-2009

الوضع الفلسطيني قاتم وأسود حتى في عيون المتفائلين الذين نادوا بضرورة النظر الى النصف الممتليء من الكأس ، زاد من قتامة المشهد وسوداويته الانتخابات الاسرائيلية حيث حرف أبناء عمنا نحو المزيد من اليمينية والتطرف ، دون ان ينسى احد او يتناسى اننا ايضا حرفنا نحو ذلك في انتخاباتنا اليتيمة قبل ثلاث سنوات .

وقبل ان نذهب ابعد ، تعالوا اولا نتفق ان الانتخابات الاسرائيلية ليست شيئا داخليا فحسب ، كما يحب بعضنا ان يقول ، كما ان ليست انتخاباتنا شأنا فلسطينيا صرفا . ولقد رأينا كيف انتفضت دول العالم خاصة المتحضرة والمتمدنة ضدنا عندما اجرينا انتخاباتنا ، فقاطعتنا وعاقبتنا وحاصرتنا للدرجة ان المدرس او الممرض اصبح لا يستحق الحصول على راتبه الشهري . مع اسرائيل نرى شيئا مغايرا ، وحتى اوباما يقول انه سيتعامل مع اي حكومة منتخبة . بمعنى انه يحترم قرار الناخب الاسرائيلي ، الفلسطيني ليس جديرا الا بالعقاب والحصار ومنعه من قبض راتبه .

في الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة ، بدا واضحا انها تهمنا ، رغم ان حماس وهي قوة اساسية في نسيج مجتمعنا وقيادته قالت شيئا مغايرا لذلك ، لم يبق زعيما واحدا منها تقريبا لم يدل بدلوه عنها في اشارة واضحة انه راقبها وتابعها باهتمام .

في انتخاباتنا ، حيث حرفنا نحو اليمين والتطرف ، كانت الاسباب لا تتعلق باليمينية ولا بالتطرف ، بل بالتخلص من حقبة اصبح عنوانها العام الفساد والافساد ، ولم يكن يهم المواطن شيئا سوى التخلص منها ومن رموزها ، بغض النظر عن اي بديل يأتي ، كانت حالة من اليأس بالاصلاح الذي نادى به ابو مازن في حملته الانتخابية عندما فاز بالرئاسة باغلبية 62% من الاصوات . ومن الواضح ان ابو مازن لم ينجح في اجتثاث الفساد خلال السنة التي حكم فيها قبل ان تأتي الانتخابات وتفوز بها حماس فوزا مفاجئا لها ولغيرها .

اسرائيل اليوم تعيش حالتنا التي عشناها قبل سنوات ، يأس واحباط ونكوص وسلبية ، تريد ان تخرج من اسارها المسكونة فيه والساكن فيها على مدار عمرها القصير المشهود ، المفاوضات لم تأت لها بالسلام والاستقرار ، ولا الحرب كذلك ، ولهذا تريد الذهاب الى اي شيء آخر ، حتى لو كان أكثر سوءا مما هي فيه .

ان تطرفنا يدفع الى تطرفهم ، وتطرفهم يدفع الى تطرفنا ، مع فارق انهم قد ابتدأوا بالتطرف عندما يحتلونك وارضك ثم يطلبون سلامك ، والفارق الاخر ان تطرفنا جاء بعد حقبة طويلة من المفاوضات المفتوحة المعمقة والتي كانت بحد ذاتها تطرفا من نوع آخر لم يستطيعوا التقاطه او محاكاته .

منذ مفاوضات مدريد قبل عشرين سنة انتخبوا خمس حكومات متطرفة بقيادة اسحق شامير وبنيامين نتنياهو وارئيل شارون مرتين وايهود اولمرت ، وحكومتين وسطيتين الاولى بقيادة رابين وسرعان ما اغتالوه ، والثانية بقيادة ايهود باراك كجنرال أكثر منه اي شيء آخر .

واليوم ينتخبون تسيفي ليفني او نتنياهو بحيث لا يستطيع احدهما تشكيل الحكومة الا بمساعدة ليبرمان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق