الجمعة، 5 مارس 2010

الجزيرة ليست بريئة 17-7-2009

ليس مطلوبا من وسيلة اعلامية كبيرة بحجم قناة الجزيرة ان تكون بريئة او بدون موقف او على الحياد الا فيما يتعلق بنقل الاخبار ، لأن اي اخلال بذلك يعرضها لأن تفقد مصداقيتها ، التي تعد رأسمال اي وسيلة اعلامية . لكن هذا لا يمنعها ان تحلل وتعقب وتؤيد وتعارض بعيدا عن ان تسمح لمبضعها وقلمها و كاميراتها ان تعبث بالحقائق والوقائع والاحداث كما هي .

وفي قضية القدومي لم ترتكب الجزيرة اي خطأ حين نقلت ما قاله القدومي على خطورته ، فقد نقلت تهديده بفصل مروان البرغوثي حين تجرأ واعلن عن نيته ترشيح نفسه لرئاسة السلطة قبالة محمود عباس ، كان وقتها على علاقة وثيقة معه ، رغم ان عرفات كان قد مات بترجيحات التسميم ، وكان رحمه الله يضطر الى اغلاق ثلاجة طعامه بقفل صغير ويخبيء مفتاحها في عبه .

حتى وقت قريب ، نقلت الجزيرة لقاءات الزعيمين في عمان على هامش التحضيرات والاستعدادات لعقد المؤتمر السادس ، وما صاحبها من اجواء صاخبة واخرى متعقلة متفهمة .

وكما نقلت الجزيرة تصريحات القدومي ، نقلتها وسائل اعلامية اخرى ، وتم التأكيد عليها ، بمعنى انها لم تكن دسا او فبركة او زجا ، فيتبين ان القدومي بريء منها ، اوحتى سوءا في التعبير او الفهم .

وجاء قرار الاغلاق او التعليق ، متنافيا مع الكثير من المفاهيم الديمقراطية المتحضرة التي عكف ابو مازن على ارسائها ومعه رئيس وزرائه سلام فياض ، لنعودالى الحقبة السابقة التي عمها الفساد وكادت ان تعممه ، والتي تصاحبت مع اغلاقات طالت العديد من المحطات وحظرت توزيع الصحف و المجلات لكل من يأتي على ذكر الفساد حتى لو كان بالتلميح .ونذكر ونذّكر ان ابومازن نفسه عندما قدم استقالته من رئاسة الوزراء امام المجلس التشريعي قال من بين ما قال : اكتشافه ان البنزين يغش بقرار . وعند ذلك وغيره من المناسبات تم اغلاق محطة محلية صغيرة كمحطة الرعاة اثنا عشرة مرة .

قرار اغلاق الجزيرة لا يغير شيئا من التهمة القدومية ، لا يثبتها ولا يلغيها ، الذي يفعل ذلك هو لجنة تحقيق فتحاوية لها صلاحية اصدار الاحكام بحق المتهم والمتهم – بمسر الهاء وفتحها - على حد سواء .

وعدا عن ذلك ، فإن لا الجزيرة ولا غيرها بإمكان أحد منعها من العمل بما في ذلك اجراء المقابلات الهاتفية وشراء الصور المحظورة من وكالات الانباء العالمية ، بل لربما تأتي بردة فعل غير متأنية وتجري حوارا مع القدومي كما حدث فعلا دون ان تجري مع خصومه السياسيين .

ان المطلوب اليوم وعلى وجه السرعة المتجرأة تدارك ذاك القرار الذي يضر السلطة ويعيد تعريض سمعتها التي بذلت جهودا حثيثة من اجل تبييضها ، ولا بأس من الاعتذار ايضا . هكذا يفعل المتحضرون عندما يخطأون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق