الجمعة، 5 مارس 2010

وخير جليس في الزمان لاب توب 31-7-2009

على هامش افتتاح مكتبة عامة في بيت جالا بتمويل من الوكالة الامريكية للتنمية يناهز ثلاثمائة الف دولار ، ونصفها من الحكومة الفلسطينية ، تساءلت عن الجدوى ، ليس بسبب وجود عدد من المكتبات الهامة والعريقة ومن ضمنها مكتبة العمل الكاثوليكي ومكتبة جامعة بيت لحم التي كلف بناءها كما اذكر قبل ما يزيد على ثلاثين سنة حوالي ثمانية ملايين دولار وتضم معظم امهات الكتب في العالم.

الانفضاض من حول القراءة هو الذي يثير في النفس السؤال ، ويفتح المجال للمزيد من الاسئلة ، ومن ضمنها سؤال : ماذا تقرأ وكيف تقرأ . فيعيدنا هذا الى عصر لطالما علموننا في المدارس ان نعتز به ونفخر ، العصر الذي كان يكافيء فيه الخليفة واضع الكتاب بمنحه وزنه ذهبا ، وفي نفس الوقت يصلب الحلاج على ابواب المدينة ويضرب ابن المقفع على يديه حتى تتقفع ، يحصل نجيب محفوظ على النوبل ، ويقتل فرج فوده وحسين مروة ، تحرق كتب طه حسين وينفى ثم يعاد تكريمه ليصبح عميدا للادب العربي بدون منازع .

كثيرون منا يقرأون ، بمعنى يفكون الخط ، لكنهم لا يعرفوا لماذا يقرأون ، او من أجل القراءة بحد ذاتها ، ولهذا سرعان ما تراه يهجرها بدون رجعة ، او تراه يتخلص من كتبه بأسوأ الاشكال ، كأن يحرقها او يرسلها الى صاحب الدكان كي يلف بها مبيعاته ، ولهذا ايضا تجدنا بدون مبدعين وكتاب وشعراء ومفكرين الا ما ندر او من رضي عنه السلطان ، يطبع كتبه مجانا ويملأ بها الاسواق وربما يقررها في المناهج .

قال احدهم انه لا تنقصنا كشعب الأم الفلسطينية الصابرة والمضحية والمثابرة ، كـأم مكسيم غوركي الذي خلدها في كتابه الاثير "الام" ، لدينا تجربة امهات فاقت بطولتها ومعاناتها وتحملها ام غوركي عشرات المرات ، ما ينقصنا هومكسيم غوركي نفسه . وحين يظهر مرة في كل مئة سنة تتم محاصرته والتضييق عليه حتى يتغير او يكف او ينفى او يقتل .

قال غوته ان لم يعرف ماذا حصل قي آخر ثلاثة الاف سنه فأنه يعيش في العتمة ، اي في الظلام . جزء كبير من امتنا العربية والاسلامية يعتقد ان التاريخ بدأ منذ ظهور الاسلام قبل الف واربعماية سنة ، في حين ان سقراط الذي قيل انه انزل الفلسفة من السماء الى الارض قد جاء قبل الاسلام وقبل المسيحية ، وهو الذي قال : انا أعرف الناس ، لأنني اعرف انني لا أعرف . ومع ذلك جرع السم في سجنه حتى مات ، واعدمت الكنيسة غاليليو لأنه قال بدوران الارض قبل ما يزيد على خمسمائة سنة .

وندرك الان لربما ان الكاتب الذي كان يمنح وزن كتابه ذهبا ، كان حريصا ان يكبّر خطه .

تساءلت عريفة احتفال المكتبة التي دشنها سلام فياض في بيت جالا ، ان كان قد ظل "خير جليس في الزمان كتاب" ، أم ان اللاب توب قد حل محله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق