الخميس، 4 مارس 2010

ليست فايروس يتطلب مضادا حيويا 10-10-2008

يعتقد البعض ان الازمة المالية الامريكية شبيهة بفايروس انفلونزا الطيور ،بالامكان محاصرتها بوقف استيراد اية طيور مصابة ، وعزل عددا من المزارع المضروبة ، والقيام بعمليات فحص شاملة لكل حالة مشتبهة من الناقل و المنقول اليه .

المسألة في هذه المرة ليست هكذا على الاطلاق ، إنها لم تضرب في الطيور او الاسماك او جنون البقر او سارس الهررة والكلاب الضالة ولا حتى تلك التي يتم تربيتها في البيوت في ظروف معيشية تتفوق على ظروف معيشة عشرات بل مئات ملايين البشر ، ونحن من ضمنهم . المسألة ليست حتى فايروس نخشى من انتشاره ثم نحاصره بالمضادات الحيوية ، بل هي النظام الرأسمالي نفسه وأحد ابرز مقومات مكوناته وأسس أركانه القائم اصلا على الطمع والجشع والاستثمار الذي يطول كل شيء بما في ذلك تصنيع الزراعة وتصنيع الدواجن واللحوم والاسماك التي اصبحوا يصنعونها في البرك .

المسألة ببساطة تنحصر في أن أصحاب هذا النظام بنوكا وشركات ، وصلوا الى درجة ان يضعوا عيونهم على مرتبات صغارالموظفين على ضآلتها مقياسا بطغمهم المالية ، فاتفقوا مع شركائهم في الحكومة تحويل مرتبات موظفيها من جنود وشرطة واطباء ومدرسين وممرضين وعمال في كافة المجالات الى هذه المصارف . ولو وقف الجشع عند هذا الحد لما انفجرت الازمة بمثل هذه السرعة ، نقصد الاكتفاء بالانتفاع من عمليات الايداع ، بل ذهبوا الى إصدار بطاقات الفيزا والسحب السريع من الماكينات التي لم يكتفوا بتثبيتها في البنوك ، بل في كل الشوارع واحيانا في المصانع والجامعات والمستشفيات . وهي خدمات ليست مجانية كما يعتقد البعض ، وحتى دفاتر الشيكات هي ليست مجانية وتخفي في داخلها الكثير من عمليات الربح .

وبالطبع لم يقف الجشع عند ذاك الحد ، بل تعداه الى مرتب الموظف نفسه ، كيف يأخذونه منه بطريقة مشرعة في الكونغرس والسيناتورز واللوردات والوزارات ، حين عرضوا على صغار الموظفين امتلاك سيارة دون حاجة الى ان يدفع ثمنها مرة واحدة ، ثم الانتقال الى تمليكه بيتا ـ لم يكونوا قد بنوه بعد ـ بمجرد ان يدفع الدفعة الاولى من مرتبه ، ويوافق بالطبع هذا الموظف على هذا العرض السخي لأنه اصلا بدون بيت ويضطر لدفع هذا القسط وأكثر بدل ايجار ، فلماذا لا يكون له بيته في نظام قائم اصلا على التملك . ولا يقف الجشع عند البيت والسيارة ، طبعا يتعداه الى الثلاجة والغسالة ورحلة الاستجمام ، وبعد ذلك الى كيف يجدد سيارته بسيارة حديثة ويجدد منزله بمنزل اجمل واوسع ومستقل في ضاحية أجمل وأغنى .. وهكذا الى أن لم يعد بإمكان الموظف الايفاء بالتزاماته رغم انه أخذ يبحث عن عمل إضافي ، وأنه أمسك عن الانفاق على أسرته وبدأ يفكر في ارسال اولاده وبناته للعمل ما بعد المدرسة ، فانفجرت أمريكا . فهبت ادارتها لتقديم الاسعاف لشركائها ووصل بها الامر ان تعرض بوضوح شراء حصص قي البنوك والشركات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق