الخميس، 4 مارس 2010

عرام عدس 18-4-2008

تفاجأنا بالاجتماع الذي عقده عدد من التجار والصناع ، رجالا ونساء ، من بيت لحم مع عدد من نظرائهم في تل أبيب ، رغم أنه لم يعد هناك الكثير من الأشياء التي يمكن ان تفاجؤك ، لكن الذهاب الى تل أبيب كما هو معروف يحتاج الى تصريح ، وهو ما كشف النقاب عنه رئيس الغرفة التجارية الصناعية من تأمين مثل هذه التصاريح ليوم واحد ، ما يمكن ان يفاجيء أيضا هو ان الاجتماع الذي ضم اربعة عشر من رجال الاعمال وسيدات الاعمال التلحميين مع ثمانية من الاسرائيلين قد أسفر عنه "تفهما اسرائيليا لمشاكل التجارالفلسطينيين وأنهم وعدوا ببذل كل الجهود الجدية لتسويق البضائع الفلسطينية في السوق الاسرائيلية".

تساءلت في قرارة نفسي قبل ان يرسل أحدهم تعقيبا على اللقاء إن كانت إسرائيل تسمح حقا لبضائعنا وصناعتنا إجتياز حواجزهم وأخذ مكانها في سوقهم ، وحين زجرت نفسي على كثرة تشاؤمها ،قلت لها قبل أن يكون أحدهم قد أرسل تعقيبه على الاجتماع ، نعم ممكن ، خاصة ان اللقاء تم بدعم من الحكومة الدينماركية و من خلال الغرفتين التجاريتين في كل من بيت لحم وتل أبيب وفق رئيس الغرفة الدكتور سمير حزبون ، وهو بالمناسبة يحمل شهادة الدكتوراة في الاقتصاد وعمل مدرسا لمادتها في جامعة بيرزيت ،لكني أردفت لنفسي : أين هي هذه الصناعات الفلسطينية التي يمكن لاسرائيل استيرادها وتسهيل وصولها وعرضها في السوق الاسرائيلي ؟

ضغطت على نفسي بشدة ، وعصرت دماغي بشدة أكثر كي أنجح في التوصل الى صناعة فلسطينية واحدة تحتاجها إسرائيل في سوقها وتريد تامينها لمواطنيها ، ولكني عبثا لم أصل الى جواب ، رغم انني تجاوزت صناعة بيت لحم الى الخليل فنابلس فرام الله فقلقيلية ، ثم عرجت الى غزة فرفح فخانيونس ، ملبوسات مثلا ،مستحيل ، فبالكاد يقبل الفلسطيني لبسها . أغذية وألبان وأجبان ، غير ممكن ، فبضاعة تنوفا تملأ أسواقنا ، وإتفاقية باريس الاقتصادية الملحقة بإعلان مباديء أوسلو منحت "كاسة الشمينت" حقوقا للتنقل أكثر مما منحت الانسان الفلسطيني عموما ، وهذا ما يعرفه الدكتور سمير حزبون أكثرمني، بل هو ما علمني إياه ،وهو ما علّم أيضا ان إقتصاديي إسرائيل هم الوجه الآخر لسياسييها ، وأنهم قبل أن يرسلوا سلعتهم الى اسواقنا ، بعثوا جنرالاتهم لاحتلال بلادنا كي يؤمنوا وصول السلعة بأمان وإطمئنان .

في مطلع الشهر الجاري أعلن في الخليل ان مصنع الكوفية الفلسطيني لصاحبه من عائلة الحرباوي إضطر للإغلاق لأنه لم يعد يستطيع منافسة الكوفية الصينية ، وهنا ليس هناك علاقة باللقاء بين رجالات الاعمال وسيداتها ،بل لربما ينجحوا في فرض الضرائب الباهظة على الصناعة الصينية ، أو الطلب الى الشعب الاسرائيلي إرتداء الحطة الفلسطينية ،لكن الطلب الأبرز هو الذي تقدم به أحدهم من فقراءوما أكثرهم ، على لسان والدته : "عرام عدس".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق