الجمعة، 5 مارس 2010

عن الثورة والحركات الثورية 7-8-2009

قال أحدهم انه يفضل ان يرى شخصا بسيطا يفجر ثورة اليوم من ان يرى عمالقة يتحدثون عن امجاد الامس التليدة ، وقال آخر ان ليس هو الظلم الذي يؤدي الى الثورة ، بل الشعور به ، ولهذا تكون مهمة الحزب او الحركة الثورية دفع الجماهير المظلومة الاحساس بظلمها ووعيه ، ولهذا قال آخر ان الوعي هو الشكل الجنيني للثورة ، وبدونه تتأخر اندلاعتها . ولا بد من ان يكون للثورة اهدافها الواضحة والمحددة بوضوح لا يحتمل اللبس والابهام وسوء الفهم ، ولهذا قيل ان لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية ، وذلك كي تضمن الثورة عدم الوقوع في التجارب المجربة وافخاخ اعدائها الظاهرين والباطنين بمن فيهم أدعيائها والمتاجرين بها والمنتفعين منها . و لهذا قال أحدهم ان الحزب الثوري يقوى بتطهير نفسه من الشوائب التي تعلق به بين فترة وأخرى ، ولا يكون ذلك بدون محطاتها ، اي مؤتمراتها الدورية ، ولهذا شبهها احدهم بالقطار الذي لا بد ان يتوقف في محطته كي ينزل بعض الركاب ويقل آخرين ، وهؤلاء من الركاب الجدد لا يكفي انهم يرغبون في الصعود ، ولا انهم يمتلكون الاجرة المطلوبة ، فربما انهم قد اخطأوا في القطار المطلوب والمحطة الصحيحة ، وقد يقول قائل سيكتشفوا ذلك وينزلوا في اقرب محطة . يجوز ذلك في القطار العادي ، لكنه لا يجوز في قطار الثورة . ولهذا حدد زعماء الثورات التي نجحت مادة احزابها وحركاتها ، وكان النبي محمد يجاهر بمن يرغب في ضمه الى حركته من الكفار ، حين قال : اللهم أعز الاسلام بأحد العمرين .

ليس محظورا على الثورات استبدال اهدافها او ميكانزمات نضالها ، لكن هذا يجب ان يقر بوضوح شديد جدا في المؤتمرات ، (المحطات) ، ويحق بالتالي لمن يرغب المواصلة ان يستمر ولمن يرغب بالاستنكاف النزول والعودة الى البيت او اختيار قطار آخر يستقله الى أربه . لكن المحظور هو خداع الذات والاخرين ، حين تلوح بوادر تحقيق الهدف فتعلن الثورة انه تحقق ، لأن بلوغ الهدف شيء ، والحديث عنه شيء آخر ، وهذا ما حدث في موقعة أحد ، حيث نزل الحماة عن الجبل مبكرا طمعا في اقتسام الغنائم ، فخسروا الحرب.

ولا تستمر الثورة بدون ديمقراطية ولا بدون مركزية ، ولهذا نادى احدهم بالمركزية الديمقراطية ، دون ان تطغى الاولى على الثانية ، ولهذا كان عرفات يقول انه يعاني من ديمقراطية سكر زيادة التي جعلته زعيما للثورة حتى يوم وفاته وان يقف قطاره في محطة ابتعدت عشرون سنه عن آخر محطة .

وقال الشاعر الكبير نزار قباني :

بعدَ خمسينَ سنهْ.. نجلسُ الآنَ على أرضِ الخرابْ.. ما لنا مأوى كآلافِ الكلابْ..
وتزوّجنا بلا
حبٍّ..من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلتْ أولادنا.. ..
وأخذناها إلى شهرِ
العسلْ.. وسكِرنا ورقصنا.. واستعَدنا كلَّ ما نحفظُ من شعرِ الغزلْ..
ثمَّ أنجبنا، لسوءِ الخظِّ، أولاداً
معاقينَ ..لهم شكلُ الضفادعْ.. وتشرّدنا على أرصفةِ الحزنِ ..
فلا من بلدٍ نحضنهُ
.. أو من ولدْ!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق