الخميس، 4 مارس 2010

نردتان اكثر مما هما فردتان 19-12-2008

اكتشف جورج دبليو بوش قبل حادثة الحذاء ، أن احتلاله العراق لن يخرجه من أزمته المالية التي انفجرت قبل عدة أشهر ، والتي يفترض ان تكون ارهاصاتها قد بدأت منذ عدة سنوات ، وقد تجلى هذا الاكتشاف المتأخر في هزيمة حزبه الجمهوري هزيمة مدوية قبل شهرين ، بل وفوز اوباما الذي كان من ابرز شعاراته الانسحاب من العراق ، كذلك مبادرته لتوقيع ما سمي بالاتفاقية الامنية وتحديد الانسحاب خلال ثلاث سنوات ، وهو الذي على ما يبدو قد قاده الى بغداد لتوقيعها لكي يظهر في آخر ايام حكمه على عكس ما كان عليه طوال ثماني سنوات بمظهر رجل السلام ، وكان في انتظاره شاب في مقتبل العمر يدعى منتظر الزيدي ليخلع فردتي حذائه ويلقيهما في وجهه ، لتبدأ مرحلة جديدة من التقويم شبيهة الى حد ما بهجمة 11سبتمر 2001 ، البعض قال ان حادثة الطائرتين على برج التجارة العالمي ليست أكثر أهمية من حادثة الجزمتين .

لكم تمنيت ان يكون ادوارد سعيد ما يزال على قيد الحياة ليعيش المشهد فيضيف فصلا جديدا الى كتاب "الاستشراق " الذي بالضرورة لم يتسن للرئيس الامريكي قراءته او الاطلاع عليه رغم انه ـ الكتاب ـ باللغة الانجايزية ، عن بيلفور البريطاني ونابليون الفرنسي لكي يتعظ بوش الامريكي.

نردتان لا أكثر ، هما فردتا الحذاء ، حذفهما هذا الصحفي الغض ، لا يمكن ولا بأي حال اعادة حذفهما لتغيير نتيجتهما ، وهذا الكلام موجه للذين يرفضون قراءة الارقام (الاحداث) كما هي ، البعض ممن أيد ، تمنى لو ان منتظر اطلق رصاصتين ، ثم حين سلم انهما ليستا أكثر من فردتي حذاء ، تمنى لو انهما اصابتاه في وجهه . المعارضون أخذوا بتقريعه وتعزيره ، وأنه ليس من اللياقة معاملة الضيف على هذا النحو ، وأنه لو كان صدام حيا لأعدمه ، وكأن الاعدام مقتصر من بين كل الانظمة العربية "الديمقراطية "على صدام حسين فقط .

الصحفي الغض ، بعد قذفة النرد (الحذاء) لم يعد غضا ، ولا صحفيا ، بل شيئا أكبر من ذلك بكثير ، ربما سيصبح رمزا لكل الامة العربية على مدار عشرات السنوات القادمة ، وهي التي ما زالت تعاني الهزيمة والتبعية والتخلف ، وهي لو انها ليست كذلك لما كانت حذفة نرد كفيلة بأن تخرجها من حالة سباتها وتلابيب يأسها وقنوطها ، ولو بشكل لحظي مؤقت . وصدام الذي مات وشبع موتا وتتناسى أمته العربية انه قد اعدم على حبل المشنقة الامريكية غداة عيدهم وبثت صور اعدامه على الملأ وقد تدلى من رقبته المكسورة كما يتدلى خروف العيد ، يحضر اليوم مع منتظر الزبيدي مرة كمتهم بالديكتاتورية ، ومرة كمحتف بهذه الصرمة العراقية على وجه بوش ، رغم ان الاول في القبر والثاني في القصر ، فيدفع سعودي عشرة ملايين ثمنا للحذاء ، ويعرض مصري اعز ما يملك (ابنته الجامعية) وينادي برلماني عراقي باعتماد يوم الحذف 14ديسمبر، عيدا قوميا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق