الخميس، 4 مارس 2010

عرين شعيبات العائدة من الموت 20-2-2009

لم يكن ذلك تراجعا عن اجتماع قررت في آخر لحظة عدم حضوره ، ولا عن سفر ألغته او أجلته ، او عن تخصص في الجامعة سجلت له ثم آثرت تبديله ، ولا حتى عن عريس تقدم لخطبتها وبعد ان وافقت عليه وقرئت فاتحتها ، عدلت عنه .

"لا أحد يملك الحق في ان يقول لي لا يجوز لك التراجع" .

كان ذلك جزءا من جواب الاسيرة الشابة عرين شعيبات من بيت ساحور التي انهت مدة محكوميتها البالغة سبع سنوات ، والتي تراجعت في آخر لحظة عن تنفيذ عمليتها الاستشهادية يوم 22 ايار من عام 2002 عندما زنرت نفسها بالمواد المتفجرة وشقت طريقها الى ريشون ليتسيون ، الاسم العبري لعيون قارة . فجأة غيرت عرين رأيها وتراجعت عن قرارها وألقت بحزامها جانبا وعادت ادراجها الى البيت ، وبالادق الى الحياة ،غير عابئة بأي شيء بما في ذلك الاربعة اشهر التي استغرقتها في الاعداد والاستعداد .

وإذا كان قرار تنفيذ العملية قد استغرقها اربعة اشهر ، فإن قرار التراجع استغرقها أجزاء من الثانية ، كما قالت ، عندما ظهر أمامها طفل إسرائيلي صغير بصحبة امه الذي تقوده في عربة اطفال . على الأقل هكذا قالت لوزير الدفاع انذاك بنيامين بن اليعازر الذي زارها في معتقل المسكوبية أثناء التحقيق معها . وهو جواب كانت قد قالته ليلى خالد عندما تراجعت عن خطف احدى الطائرات . في حالة عرين المسألة لا تتعلق بخطف طائرة ، بل بحياتها التي ستفقدها بمجرد الضغط على أحد ازرار الحزام .

كانت المهمة الأصعب من وجهة نظر الضالعين في هذا النوع من العمليات هي اجتياز الحواجز التفتيشية المدققة والوصول الى موقع العملية ، وهذه كلها نجحت عرين في اجتيازها بسلام ، ولهذا أخذ عليها البعض من هؤلاء ، وتحديدا داخل السجن ، تراجعها في آخر لحظة عن المهمة الاسهل ، وهي تفجيرالنفس والذات .

ونميل للاعتقاد ان هذه المهمة هي المهمة الأصعب ، وليس هناك في التاريخ الانساني كله أكثر صعوبة منها ، وعلى كل من لا يصدق ان يتخيل خيالا نفسه او حتى احد احبائه في هذا المكان وهذه المهمة . ومع ذلك رأينا العشرات من ابناء هذا الشعب يقدمون على تنفيذها وكأنها مهمة ليست عسيرة .

في حالة عرين التي بلغت من القوة ما بلغته ، ظهر امامها طفل صغير ضعيف ، فاقت قوته قوة عرين القوية ، و انتصر عليها ، ولولاه لما عادت عرين الى البيت ولا الى الحياة . لنصل الى السؤال إن كانت قوة عرين قد تجلت في إقدامها ام في إحجامها ، رغم ان الكثيرين غضبوا من هذا التراجع وكثيرون فرحوا بعودتها ، رغم ان ذلك لم يشفع لها فأمضت سبع سنوات من بينها اربع سنوات استئنافية على "جرم " لم ترتكبه .

عرين عادت الى الحياة من الموت ، ومن السجن الى البيت والتحقت بجامعتها لكي تكمل ما كانت قد بدأته ، ولها مطلب واحد : كما كنت ابنتكم قبل عام 2002 ، أتمنى ان اكون كذلك ما بعد عام 2009.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق