الجمعة، 5 مارس 2010

المتفائلون والمتشائمون .. كل له أسبابه 1-1-2010

المتفائلون بالعام الجديد من ابناء شعبنا كثيرون ، بأنه سيكون عام خير ويمن وبركة وسلام ، والمتشائمون أكثر ، بأنه سيكون سيئا ومحبطا وخاذلا وبائسا ، والجانبين ، المتفائلون والمتشائمون لديهم ما يكفي من اسباب التفاؤل والتشاؤم على حد سواء .

المتفائلون يحاولون النظر الى نصف الكأس الملآن ، وحتى لو كان الكأس خاويا ، فإنه من المفيد لجميع مكوناتهم النفسية والجسمية تخيل الماء بداخله ، حتى لو لم يكن هناك كأسا من أصله ، فما الذي يمنعهم من رسم صورة له ويملأونه بما جادت به قريحتهم وشهوتهم ورغبتهم وريشة الرسم التي يرسمون بها الكأس والماء معا ، وحتى بإمكانهم تلوينه باللون الذي يرغبون ، رغم ان الماء اصلا لا لون له ولا طعم ولا رائحة كما علمونا اطفالا في المدارس .

المتشائمون بدورهم لديهم أسباب تشاؤمهم ، بدءا من حكمتهم السوداء "اليوم اللي بروح أحسن من اللي بيجي " وانتهاء بالهجوم على منافسيهم من المتفائلين "يقولون للجنازة دايمة" ، مستندين الى أهم ما حرر على الصعيد الفلسطيني اعلان الرئيس محمود عباس عدم رغبته في الترشح للانتخابات المفترضة في كانون ، والان أصبحت في خبر كان ، وقد حدد الرئيس سبب اعلانه المذكور بانغلاق كل الطرق أمامه ، أما آخر ما حرر فهو جدار فولاذي على الكتروني يحاصر القطاع المحاصر أصلا ، رغم جنوح حكومة حماس للسلم هدنة تمتد الى عشر سنوات ، وإشادة قادة الاحتلال المتهمون بجرائم الحرب ، بإنضباطية الحركة وحكومتها وميليشياتها .

المتفائلون والمتشائمون ضروريون بالقدر الذي فيه حركة فتح وحماس ، ضروريتان لقضية شعبنا ونضاله ، رغم ما بينهما من تضاد وصراع دموي وصل ان يفكر الواحد بإلغاء الآخر الغاء مبرما ، وإذا كان حل هذا الصراع بينهما على قاعدة كلنا ابناء لهذا الشعب وكلنا مكرسون لخدمة قضيته العادلة ، فإنه مطلوب من المتفائلين ان يعقلنوا تفاؤلهم ويقرنوه ببعض الخطوات العملية التي تتطلب حفر قبر الميت والمشي في جنازته وتقديم كلمات مواسية لذويه واهل بيته ، بدلا من انكارموته مرة ، و الاعلان انه لن يفيد أي شيء في إعادته حيا ، مرة أخرى . حينها يصبح تفاؤلهم مفيدا وبإمكان الآخرين التزود به سلاحا ماضيا في وجه قوى الشر المحلية والاقليمية والعالمية . ومطلوب من المتشائمين أن يخرجوا من قوقعتهم الى حيث الشمس مرة والهواء مرة أخرى ، وان الحياة التي استوعبتهم ، لم تغلق دائرتها دونهم ، وأنه إذا مات ياسر عرفات وجورج حبش واحمد يسن ، فإن الشعب يجب ان يموت وراءهم ، وان المفاوضات التي اصدمت لا بد ان تنفرج اذا ما تغير مبناها وفحواها ، وان الفساد يمكن ملاحقته ومحاصرته بالقطعة فاسدا فاسدا .

لم أجد أجمل من هذه الابيات اهديها لكل الذين اطلوا مع العام الجديد متمنيا لهم الصحة وطول العمر ، رغم ان أحد الفلاسفة قال : لا تسألوا عن فلان كم عاش ، بل كيف عاش . آملا ان لا يراني المتفائلون متشائما والمتشائمون متفائلا .

ايهذا الشاكي وما بك داء . كيف تبدو إذا غدوت عليلا

هو عبء على الحياة ثقيل . من يظن الحياة عبئا ثقيلا

والذي نفسه بغير جمال . لا يرى في الحياة شيئا جميلا

أحكم الناس في الحياة أناس . عللوها فأحسنوا التعليلا

وتمتع بالصبح ما دمت فيه . لا تخف ان يزول حتى يزولا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق