الخميس، 4 مارس 2010

كسر الصمت 15-12-2008

أحيانا يكون الصمت لغة ، بل لغة بليغة ، ولهذا قيل قديما انه إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب ، وهذا بطبيعة الحال لا ينطبق على ظاهرة الصمت التي تطبق فيها النساء شفاهها على ما يتعرضن له من الوان العنف المختلفة بما في ذلك العنف الجنسي ، وهو موضوع الحلقة التي انتجتها مؤسسة تنمية واعلام المرأة وبثها التلفزيون الفلسطيني ونحو عشر محطات محلية وقدمتها الزميلة سناء سرغللي من طولكرم والمخرج رفعت عادي من بيت أمر تحت عنوان "كسر الصمت" .

تعالوا في البداية نقيم فرقا بين العنف والاعتداءات الجنسية التي تتعامل معها بعض الدول انها جرائم من الدرجة الاولى ويصل الحكم على من تتم ادانته فيها بالاعدام أوالسجن عشرات السنين ، وهي ليست ظاهرة شائعة في مجتمعنا الفلسطيني ، لأسباب تتعلق بتوسع العائلة التي تستطيع كشفها والحد من استمرارها ، وهذا بالطبع لا ينفي وقوعها كما قدمت الضحية المجهولة إفادتها ـ في الحلقة ـ ازاء اعتداء ابيها ومن ثم اخيها عليها دون ان تجد مساعدة امها او غيرها . وبقدر انحسار ظاهرة الاعتداءات الجنسية ، بقدر استفحال ظاهرة العنف التي تبدأ بالصراخ والشتائم والتحقير ثم بالضرب والضرب المبرح الذي يحتفظ الذكر ، أبا كان ام زوجا ام أخا ام ابنا ، بأدواته الخاصة مثل العصا ، الكرباج ، البربيج . وقد أشارت الباحثة الاجتماعية رندة برغوث الى ان الزوج بعد ان فغر رأس زوجته قام بتطريزه بيده ، وبعد ان كسر ذراعها ، جبّره بيده .

هنا يتطلب كسر الصمت ، لأن هذا الزوج الذكر ، لربما قد كسر شيئا اخر لا يمكن ولا بأي حال تقطيبه أو تجبيره ، نفسية طفله الصغير وطفلته الصغيرة ،

إن استخدام العنف الجسدي هو ما اعتبره العلماء ما تبقى من الحيوان في الانسان ، فالحيوان لا يستطيع حل مشاكله الا باستخدام يده وبراثنه وحوافره واسنانه ، ضربا ورفسا وعضا ، ولو كان يملك لغة اللسان لما ذهب الى هذا النوع من المعالجة .

إن المرأة التي تصمت إزاء هذا العنف ليست الا مشاركة فيه ، هي عمليا الطرف الثاني من معادلته ، فحين توقفه ، فلن يستطيع أباها / أخاها / زوجها/ ابنها ان يمارسه ضدها ، وبالتالي ليس ضد اي شخص آخر . كثير من النساء هن عرابات لهذا العنف ضد بناتهن ، وكثيرات يخططن له و يحرضن عليه ، بل ويحضرن أدواته وأحيانا يشاركن فيه .

لا أظن ان حلقة "كسر الصمت" قد نجحت في كسر هذا الصمت المضروب على النساء لأسباب تتعلق ربما بتشعب الحديث والمداخلات ، لكن الموضوع شائك ، وله تشابكاته الاجتماعية والتربوية والدينية في مجتمع ما زالت المرأة نصفا مشلولا فيه ،وحتى عندما تخرج الى العمل فإنها تخرج من أجل زوجها ومساعدته على تحمل اعباء الحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق