الخميس، 4 مارس 2010

برك سليمان الاخاذة ، لا تأخذ الا ارواح اولادنا 1-5-2009

كان قد اصبح معروفا لدى القاصي والداني ان برك سليمان التاريخية الجميلة ، لم تعد كذلك منذ زمن بعيد ، حتى قبل ان يتحرر الوطن وتطأه اقدام المحررين ، فقد توقف السياح والمستجمين من ريادته وقضاء سحابة نهارهم والتقاط بعض الصور التذكارية على حافة واحدة من هذه البرك الثلاث التي أصابها ما اصاب صبية حسناء مضى زمانها وأصبحت تلتاع بصباها البائد التليد .

الداني اصبح يعرف عنها ما هو اكثر واصعب وابشع ، اصبح يعرف انها مقبرة مائية لأطفالهم ، تبتلعهم وهم يضحكون ويمرحون ويلهون ويسبحون ، واحيانا بملابسهم العادية دون ان ينزلوا الى احشائها ، فقط بمجرد الاقتراب قليلا من حوافها المردمة ، ترسل اليهم طعمها وخلال دقائق معدودة او اقل تكون قد ابتلعتهم .

وهذا ما حصل مع الولدين الجميلين من مخيم الدهيشة ، اللذان كانا هناك لصيد بعض الاسماك الحمراء الصغيرة من اجل بيعها بشيكل او شيكلين للسمكة الواحدة ، فالبطالة تضرب اطنابها ، والنسب التي تصدرها مراكز الدراسات والابحاث بأن ثلث العمال الفلسطينيين في الضفة الغربية عاطلون عن العمل ليست دقيقة ، لأن البطالة المقنعة اكبر من ذلك بكثير واخطر ، والاسعار لم تنخفض الا في وسائل الاعلام ، وآخر اخبار الغلاء ارتفاع اسعار السجائر التي لربما يكون الشعب الفلسطيني من اكثر شعوب العالم استهلاكا له .

رمى محمود صنارته الصغيرة فانزلقت قدمه داخل البركة ، فمد يده الى شريكه معتز ، لكن البركة كانت قد احكمت صنارتها واطبقت على انفاسهما ولم تتركهما الا جثتين هامدتين .

كلنا كنا نعرف ان الطريق الى برك سليمان محفوفة بالخطر ، وفي احيان كثيرة تكون بلا عودة ، خاصة للأطفال الذين يذهبون بدون كبارهم ، في كل عام تقريبا تأخذ منا اجمل الاطفال ولا تعيدهم الينا الا جثثا ، ونقوم نحن بالباقي من حيث التكفين والصلاة والجنازة والتأبين والدفن .

لدينا بلديات – الخضر وارطاس - صحيح ان بعضها قد انتهت فترة ولايتها ، لكن وزير الحكم المحلي مدد لها صلاحياتها ، فماذا فعلت .

لدينا وزارة اوقاف تضطلع بالمسؤولية عن هذا الوقف الاسلامي التاريخي ، صحيح انها أجرته منذ اول وزير اوقاف ، لشركة خاصة لمدة خمسين سنة ، لكن هذا لا يعفيها ولا المستأجر من مسؤولياتهما .

لدينا اجهزة امنية وشرطية وعسكرية تسمع دبيب النملة ، ولديها صلاحيات واسعة تصل ان تعتقل مرافق المحافظ دون معرفة المحافظ ، ولا تعرف بعد ان برك سليمان تقتل الاطفال .

واخيرا لدينا محافظ يستشعر الخطر قبل وقوعه ، وسمعناه يقول مؤخرا في يوم الاسير ، ان الاسرى الذين يجب ان يكونوا عبئا على الاحتلال اصبحوا عبئا علينا ، ولم نراه يفعل شيئا ازاء برك سليمان التي كانت معلما سياحيا أخاذا فاصبحت لا تأخذ الا فلذات اكبادنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق