الخميس، 4 مارس 2010

لا دولة أعطت ولا ثورة ابقت 8-8-2008

ازدادت مؤخرا تذمرات المسؤولين الفلسطينيين من الادارة الامريكية المغادرة للبيت الأبيض مع نهاية العام ، رغم ان المأثور الشعبي يقول : يارايح كثّر ملايح ، وقد بدأت هذه التذمرات تخرج الى العلن ، وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد افتتح التعبير التذمري العلني في نيسان الماضي عندما قال لبوش بعد اجتماعه معه : ابحثوا عن غيري . بعدها قام بزيارة لمخيم عايدة ودشن أكبر مفتاح رمزي لحق العودة في إشارة لمناكفة تلك الادارة ومواقفها المتعنتة إزاء القضية الفلسطينية ، وهذا ما كتب فيه في حينه النائب الفتحاوي عيسى قراقع ابن مخيم عايدة .

بالأمس ، عاد أحمد قريع من زيارة مفاوضات رسمية وموسعة في واشنطن ، ونقلت وسائل اعلام على لسانه ما يحمل غضبا لا يقل عن غضب الرئيس عباس على الادارة الامريكية ، بما في ذلك "خيبة امل كبيرة ومشاعر من الاحباط الشديد بعد ان فهم والوفد المرافق له ان القضية الفلسطينية وموضوع الدولة المستقلة لم يعد من ضمن اولويات الادارة ، - اولوياتها ايران والعراق وافغانستان بصورة حصرية - وانه قد قيل لهم : عليكم ان تتدبروا أنفسكم ".

فهل هذا فقط ما أغضب ابو علاء وصائب عريقات للدرجة التي يعصفون بها بهذا الحليف الاستراتيجي علنا وعلى الملأ ، بعد أن وضعت السلطة كل بيضاتها في سلتها ، وهو موضوع أصبح شديد الوضوح بعد وفاة الرئيس السابق ياسر عرفات الذي لم تكن الادارة تثق به وعملت ما بوسعها على عزله في مقاطعته حتى وفاته .

إننا نميل للاعتقاد ان هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير ، والذي يمكن ان يتمثل في التنكر للسلطة ذاتها ، وهو موضوع اسرائيلي استخباراتي قبل ان يكون امريكيا ، فلقد اعتذر قبل بضعة اسابيع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس للرئيس عباس على ما كانت صحيفة هارتس قد نسبته له عن ضعف السلطة ورئيسها ، وبيرس كما هو معروف ليس شارون ولا نتنياهو ولا حتى اولمرت ، فهو أحد ابرز عرابي اتفاقية اوسلو وواضع كتاب الشرق الاوسط الجديد والحاصل مع رابين على جائزة نوبل للسلام ، وهو فوق كل هذا وذاك يحتل اليوم منصبا وجاهيا يمنعه من الادلاء بتصريحات سياسية كالذي نقل على لسانه .

إن الذي أخرج قريع عن جادة الاحتمال ، يتعدى حتى ما نقلته وسائل الاعلام على لسانه بأن الادارة قالت له :" لم نعد معنيين ابدا بالسلطة الفلسطينية ولا بمشاكلها ولا حتى بالصراع بين فتح وحماس او بالمفاوضات " رغم ان هذا الطرح بحد ذاته كفيل بان يقلب الموازين المختلة في الصراع الفلسطيني الداخلي ، والذي يدرك كل عاقل ان اسرائيل ليست منه براء .

قد يستنتج البعض انه وقوف مباشر او غير مباشر مع حماس ضد فتح ، ولكن هذا فهما متعجلا ومتسطحا ، لأن اسرائيل تريد تحييد حركة حماس واخراجها من صف المواجهة كما فعلت مع حركة فتح كبرى الفصائل انذاك قبل حوالي خمس عشرة سنة ، واعدة اياها ان تنقلها من الثورة الى الدولة ، فلا دولة اعطت ولا ثورة أبقت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق