الجمعة، 5 مارس 2010

التفاوض بحد ذاته ليس هو النقيصة 28-8-2009

المفاوضات مع العدو ليست نقيصة ، وفق الشعار العربي السرمدي الذي اطلقه الزعماء العرب في قمة الخرطوم بعيد هزيمة حزيران او "نكسته" قبل ما يزيد على اربعين عاما ، من ان لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات مع اسرائيل . وليس ادل على ذلك الا ما نشهده الآن من ان جميع هؤلاء العرب يفاوضون اسرائيل ، بل وربما تجاوزوا التفاوض الى إقامة شكل ما من اشكال العلاقات .

الامر انطبق بشكل او بآخر على الفصائل الفلسطينية ، حتى اولئك الذين ناهضوا التفاوض من حيث المبدأ ، مارسوه بشكل مباشر وغير مباشر ، بما في ذلك الجبهات الشعبية والديمقراطية والعربية والفلسطينية والقيادة العامة ، وحتى الحركة الكبيرة المعارضة "حماس" والتي اصبحت حكومة والتي ترفض التفاوض من المنطلق الديني ، وجدت مبررات دينية تفاوض فيه اسرائيل اقلها ان النبي محمد فاوض اعداءه في صلح الحديبية ونزل الى اشترطاتهم.

ما انطبق على الانظمة العربية والفصائل الفلسطينية انطبق على حركة فتح كبرى الفصائل وقائدة النضال والتفاوض على حد سواء ، فقد رفضت بعض اجنحتها الانخراط في التفاوض وناهضته ، لكنها كانت بمجرد ان تصمت على ذلك ، فإنها تتوافق معه ، لأن صمتها ، مجرد صمتها ، كان هو المطلوب .

إذن ليس التفاوض مع العدو هو الذي يشكل النقيصة ، بل على ماذا نتفاوض ، وكم من الوقت يجب ان نمنح التفاوض فرصته ، و ماهية الارض التي نقف عليها ، وكذلك العدو ، فمن غير المعقول دخول تفاوض مع اسرائيل بعد شهر اوحتى سنة من انتصارها العسكري ، فهذه مفاوضات محكومة بإرادة المنتصر ، وكما قال نابليون : الويل للمغلوب إذا حضر الغائب . ولذلك رفضت اسرائيل الاعتراف بالمنظمة على مدى عقدين ،الى ان تفجرت انتفاضة الحجارة عام 1987 . وما كان يمكن ان تتفاوض مع مصر وتنسحب من كل سيناء لو لم تكن حرب تشرين التي نتنسم ذكراها في هذا الرمضان قبل 36 سنة .

اليوم تكمن اشكالية التفاوض مع اسرائيل ، انها في حالة من الاطمئنان إزاء خصمها انه لن يعود الى ما يمكن ان يتهددها او يقلق راحتها ، وأنها نزعت عن نفسها صفة الاحتلال المخجلة ، والاستحقاقات المالية المترتبة عليه وهو الذي وصفه محمد حسنين هيكل بانه ارخص احتلال في التاريخ ، في حين انها ظلت تمارسه فعليا ، وظل رئيسا حكومتينا في الضفة وغزة يحتاجا الى تصريح منها حين يقرران السفر .

ليس منطقيا ولا معقولا أن تنتصر ثورة لها من العمر اربعين سنة ، فاوضت عشرين سنة ، اي نصف عمرها ، وما انفكت تفاوض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق