الثلاثاء، 9 مارس 2010

لن نصبح يهود التاريخ 1-2-2010

من بين أكثر الاشياء التي تثير التندر والسخرية ، يهودية اسرائيل ، التي تثار هذه الايام بشكل ملفت للنظر للدرجة التي تظهرنا كعرب ومسلمين بأننا مناوئون لواحد من ديانات الله الاساسية ، وهذا شيء مغلوط حتى من الوجهة الدينية الاسلامية التي تقر وتعترف وتحترم الدين اليهودي ونبيه موسى عليه السلام ، بل ونشاركهم في جدهم جدنا ابراهيم ، وهذا ما قاله الملك حسين حين وقع معهم صلح وادي عربة "كلنا ابناء ابراهيم" .

الذهاب في هذا الدهليز "يهودية اسرائيل" يوصلنا ان الصراع مع اسرائيل ، صراع ديني ، وبالتعبير العالمي : صراع طائفي ، وبالتأكيد هو ليس كذلك ، ليس لأن القيادة الفلسطينية لم تكن يوما قيادة دينية ، بل لأن القيادة الاسرائيلية بدورها لم تكن يوما دينية ، فحزب العمل الذي اسسها وقادها اول ثلاثين سنة من عمرها ووضع حجر اساس الاستيطان في الضفة وغزة والجولان وحتى سيناء ، ليس حزبا دينيا ، وحزب الليكود الذي قاد الدولة وتقاسمها مع العمل في الثلاثين سنة الاخيرة ، ليس بدوره حزبا دينيا ، والمجتمع الاسرائيلي بدوره ليس مجتمعا متدينا ، استثنوا حي مئة شعاريم وبعض الاحياء القليلة الصغيرة الاخرى .

لو كانت المسألة يهودية اسلامية ، فما الذي يفسر توقيع معاهدات صلح وسلام مع اسرائيل بدءا بمصر ، مرورا بمنظمة التحرير والاردن ، وانتهاء بدول الخليج والشمال الافريقي ، مع الاخذ بعين الاعتبار المفاوضات مع سوريا ولبنان ، والمبادرة العربية التي قدمت في مؤتمر القمة البيروتي قبل ست سنوات والتي ما زالت معروضة وترفضها اسرائيل دون ان يرف لها جفن .

منذ قيام اسرائيل على الارض الفلسطينية ، فهمنا ان هذه دولة يهودية في مظهرها ، ولكنها غير ذلك في جوهرها ، ولهذا تعمد بن غوريون في مذكراته ان ينأى بها عن الدين اليهودي قدرما استطاع ، وآثر في قرار التقسيم ان يحصل على صحراء النقب ليبني فيه مفاعلا نوويا اهم عنده من القدس والخليل وقبر راحيل في بيت لحم الذي حافظنا عليه كما قال رئيس بلديتها الراحل الياس فريج ، آلاف السنين ، دون ان نهدمه او نردمه او نسيء الى حرمته ، الامر نفسه ينطبق على بقية القبور اليهودية في الخليل وبقية المواقع المقدسة ، ليس في فلسطين وحدها ، بل في كل المنطقة العربية .

وفي الوقت الذي كنا نحمي فيه هذه المواقع ، من موقع الاعتزاز بها ، جاءت اسرائيل لتردم علينا منازلنا ، وتقتلعنا من وطننا وتكرس الارض العربية ومعها المياه العربية والسماء العربية في خدمة مصالحها ومصالح امريكا ، بما في ذلك نشر المنظومات الصاروخية الاخيرة في دول الخليج ، وهدم العراق بذريعة انه هدد امنها ، فيكون لدينا فيه مليونين من الارامل وضعفهم من اليتامى وثلاثة اضعافهم مشردون يبحثون عن وطن بديل .

قال الشاعر الكبير مظفر النواب قبل حوالي 40 سنة :

هل ارض هذي الكرة الارضية ام وكر ذئاب

سنصبح نحن يهود التاريخ / ونعوي في الصحراء بلا مأوى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق