الخميس، 4 مارس 2010

حوادث زحف 2-6-2008

حوادث زحف ، نشهدها في أكثر من دولة عربية ، وهي ظاهرة قديمة ، قدم النظام العربي الوطني الذي خلص الاوطان والعباد من هيمنة المستعمر الأجنبي ، وحررها من قبضته الحديدية ، لكنه بعد أن أخرجه من الباب ، إستقدمه من الشبابيك . ما يمكن ملاحظته اليوم إزاء حوادث هذا الزحف أنها اصبحت مسلحة .

لقد شاهدنا ذلك في الهجوم على الخرطوم وأم درمان في السودان ، وعلى صنعاء وتعز في اليمن ، وعلى بيروت وطرابلس في لبنان ، وعلى مقاديشو وجوهر في الصومال ، وقبلها في نواكشوط بموريتانيا . وطبعا لا ننسى مدينة الصدر والبصرة بالعراق ، والزحف الغزاوي على معبر رفح والعريش في مصر .

ونستطيع القول ان النظام الحاكم نجح إجمالا في وقف كل هذه الزحوفات ، بغض النظر عن الأساليب التي استخدمت ، وأن البيان الأول الصادر عن وزارة الاعلام أوالداخلية قد جرّم هذه الزحوفات وادانها. ووصمها بأنها أعمال فتنة ونهب وتدمير ممتلكات خاصة وعامة ، وأنها مدعومة من دول أجنبية كما في السودان التي اتهمت تشاد ، ولبنان الذي اتهم سوريا ، والصومال إزاء ارتيريا ، والعراق إزاء ايران ، ورفح مع حكومة حماس .

وفي تعمق أكثر قليلا ، نستطيع ان نرى اتهامات أوضح في الموضوع الديني ، ليس الاسلامي المسيحي ، كما يحاول البعض تصوير بعض الأحداث في مصر ، بل الحديث يدور بدون مواربة عن خلاف اسلامي اسلامي ، أو بالتحديد سني شيعي ، ويتجسد هذا أكثر في لبنان لوجود حزب الله ، وفي اليمن لوجود حزب الحوثي ، وفي العراق لوجود مقتدى الصدر .

ما يهم في هذه الزحوفات المسلحة شأنان أساسيان ، الأول هو وإن نجحت الحكومات الحاكمة في وقفها عند أبواب العاصمة ، فإنها لم تقض عليها ، ولهذا سرعان ما تطل برأسها من جديد عند أبواب مدينة أخرى في الدولة إياها ، او حتى في دول أخرى جديدة، كما الجزائر التي أدمنت تقريبا على ذلك . وبالمناسبة ، فإنه لم يتم وقف جميع تلك الزحوفات كما الحالة اللبنانية التي فرضت فيها المقاومة منطقها ، والغزاوية التي انفجرت تجاه المعابر مع اسرائيل في انتظار حسم المسألة على معبر رفح .

أما الشأن الثاني هو إعادة قراءة الأسباب الحقيقية إزاء هذه الزحوفات ، والتي لها جوهر واحد لا غير : الظلم المتأتي عن الديكتاتورية والفقر المتأتي عن الفساد ، والتعامل مع الوطن ومقدراته كمزرعة خاصة في يد الزعيم ومن بعده ورثـته من الذكور دون الاناث ، وكلها بالطبع ـ الأوطان ـ مرهونة في يد أمريكا ، وحين يحاول أحدهم الشذوذ والخروج من الصف الاذعاني ، تأتي أمريكا اليه لتلقنّه الدرس .

إن الاستمرار في التعامي عن رؤية الاسباب الحقيقية ، وإظهارها على غير حقيقتها ، يعني بالضبط انتظار المزيد من عمليات الزحف ، والتي من الممكن ان تتجاوز بوابات العاصمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق