الخميس، 4 مارس 2010

السلطة المقاومة 10-4-2009

قالت حماس للجبهة الشعبية انك وسطية وعليك ان تحسمي مواقفك وان تكفي عن مسك العصا من منتصفها .

وردت عليها الجبهة الشعبية بأنك يجب ان تختاري بين السلطة او المقاومة .

جاء ذلك على هامش جلسات الحوار الوطني في القاهرة ، وبعد ان تردد ان الجبهة في غزة اقتربت من فتح خاصة صعيدها الاعلامي المتمثل في اذاعة محلية تعاني اوضاعا تمويلية صعبة شأنها في ذلك شأن كل الاعلام الفصائلي الذي لا يستطيع ولا بأي حال ان يعتمد على نفسه . ولا نظن بالتالي ان اعلام فتح ولا حماس على تنوعه المرئي والمقروء والمسموع بإمكانه ذلك ، ونحفظ لنبيل عمرو الذي شغل منصب مستشار هيئة الاذاعة والتلفزيون ابان حكومة ياسر عرفات انه قال ردا على سؤال عن ميزانية الهيئة : الله وحده يعلم بها .

وإذا كان مفهوما لماذا قالت حماس ما قالته للجبهة في معرض الصراع الدامي مع فتح ، فإنه من غير المفهوم ولا المقبول ما قالته الجبهة لحماس الا إذا كان من باب المماحكات السياسية والسفسطة الكلامية والردح الاعلامي الذي انخرطت فيه معظم الفصائل ان لم يكن كلها بدون استثناء .

ليس هناك ما يمنع من الجمع بين السلطة والمقاومة ، بل إن هدف المقاومة هو الامساك بزمام السلطة التي بدورها يجب ان تعزز دور المقاومة ، وهذا ما يفعله حزب الله في لبنان ، بل هو نفسه ما سعت اليه منظمة التحرير عبر ثلاثين سنة من نضالها الدؤوب الى ان تسلمت السلطة في غزة واريحا اولا . وهذا ايضا ما فعلته الجبهة الشعبية حين خاضت غمار انتخابات المجلس التشريعي وقبلها حين دعمت مصطفى البرغوثي في انتخابات الرئاسة ، وخسرت في الغمارين .

السلطة التي يمنحها لك شعبك شيء ، والتي يمنحها لك عدوك شيء آخر ، ولهذا خسرت فتح ومعها الجبهة الشعبية ثورتها ومقاومتها دون ان تكسبا السلطة بمعناها الحقيقي ، في حين اكسبت مقاومة حماس سلطة الشعب في الانتخابات التي عززت مقاومتها ، ولم تستطع اسرائيل بحصارها التجويعي والاقتصادي والدوائي والكهربائي والوقودي والنقدي ، ولا حتى بقوتها وجبروتها العسكري القضاء عليها ولا حتى تركيعها ودفعها للاستسلام . وهذا بحد ذاته دليل قاطع على امكانية الجمع بين السلطة والمقاومة .

هل كان من المقبول على حركة تحظى بثقة غالبية جماهير شعبها ان تعتذر عن تسلم زمام السلطة مهما بدت الاسباب وجيهة ومقنعة ، فتتنازل عنها للحركة الخاسرة وتنتقل هي الى صفوف المعارضة . حينها ستبدأ الجماهير بالانفضاض والارفضاض من حول هذه الحركة التي لا تستحق ان تكون محط ثقة الناس .

ان الطرح الجبهاوي الاخير ، كأنه يشير الى ان ليس هناك سلطة مقاومة ، فقط سلطة مستسلمة ، وهذا بالضبط ما افقد السلطة الوطنية هيبتها وجعل مفاوضاتها المفتوحة اشبه ما يكون بالباب الدوار ، تدخله لتجد نفسك خارجا فتدخله الى الخارج من جديد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق