الثلاثاء، 9 مارس 2010

حافطنا على معالمكم حفاظنا على حدقات عيوننا 8-3-2010

أثار قرار حكومة نتنياهو ضم معالم يهودية في الاراضي الفلسطينية المحتلة للتراث اليهودي ردود فعل غاضبة ، بدأت من عند الرئيس محمود عباس الذي توقع ان يشعل ذلك فتيل الحرب الدينية في المنطقة برمتها ، مرورا بمواقف دينية اصولية نفت ان تكون هذه المعالم يهودية ، بل اسلامية مئة بالمئة ، وخاصة الحرم الابراهيمي في الخليل ، في حين ذهبت ابعد من ذلك حين تناولت قبر راحيل في بيت لحم من انه يحتوي مسجدا اسمه مسجد بلال بن رباح ، وكأن فلسطين ارض الحضارات والديانات مقصورة على هذا المعلم الديني دون غيره ، فإما يهودية أو اسلامية ، وإلا فلا . وبمعنى آخر فإن هذا يعني انها لم تكن موجودة قبل التأريخ العبري او التأريخ الهجري ، وفي هذا تجنيا واضحا على هذه الارض التي تمتد فيها سبل الحضارة الى ما يناهز العشرة الاف سنة ، بما في ذلك الكتابة الابداعية والتطريز والعمران .


إن وجود معلم يهودي في ارض عربية ، لا يعني ولا بأي حال من الاحوال ان يهجم اليهود على هذه الارض لاستعمارها واحتلالها واستعباد اهلها وتدمير معالمها وآثارها وإرثها التاريخي من أجل وضع اليد على ذلك المعلم بذريعة انه يهودي ، ان هذا بالتالي يسمح لايطاليا ان تحتل نصف العالم لآن لها معالم رومانية في الكثير من بلاد العالم ، ويسمح للمسلمين احتلال اسبانيا لأن لهم معالم اسلامية في الاندلس وقرطبة ، ويسمح للفاتيكان ان يحتل بيت لحم لأن السيد المسيح ولد فيها ، ويسمح لليونان احتلال الاسكندرية لآن الاسكندر المقدوني بناها وأسماها على اسمه .


كان يجب على حكومة نتنياهو ، إذا كانت فعلا حريصة على المعالم اليهودية ، أن تنظر بعين الرضى والتقدير ، للشعب الفلسطيني الذي تناصبه العداء والبطش والاحتلال والاقتلاع ، انه حافظ على هذه المعالم الاف السنين ، حفاظه على معالمه وحدقات عيونه ، وما كنا نظن ان اسرائيل ستفعل الشيء نفسه في معالم اسلامية او مسيحية لديها ، كما حصل مع عشرات المساجد والكنائس التي هدمتها بعد ان اقامت دولتها عام 1948 ، آخرها ما فعلته في مقبرة مأمن الله في القدس حيث ارتكاب الموبقات التي يندى الجبين عن ارتكابها في المواخير وبيوت الدعارة .

لقد جاء القرار الاسرائيلي الاخير بمثابة ترسيم للعنصرية الكريهة ، لأن اسرائيل على ارض الواقع وضعت يدها على قبر راحيل منذ مجيء السلطة ، بل لقد اقتطعت شمالي بيت لحم برمته من أجل ذلك القبر وحرمت سكان بيت لحم من الوصول الى تلك الناحية . وفي الخليل قسمت الحرم الابراهيمي منذ ما بعد مجزرة الرابي الضابط باروخ غولدشتاين ، وقسمت المدينة كلها وفق اتفاقية الخليل الى قسمين : القسم الاول لليهود ، والثاني للعرب واليهود ، ولهذا فإن الاعلان الأخير ليس إلا تحصيل حاصل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق