الخميس، 4 مارس 2010

التهدئة في ميزان فتح وحماس 20-6-2008

قلل البعض الفتحاوي من قيمة صفقة التهدئة بين حماس وإسرائيل ، في حين بالغ البعض الحمساوي في إبرامها وعدّها إنتصارا على اسرائيل ، وقبل أن نراجع هذين التقيميين فإنه من المفيد الاشارة الى ان هذه ليست المرة الأولى التي يبرم الفلسطينييون فيها اتفاقات مع الاحتلال الاسرائيلي ، بل إنه خلال الحقبة الثقيلة الماضية أصبحت الصفقات والاتفاقات شيئا سائدا ، بغض النظر عن النتائج التي تتحقق ، وبغض النظر عن الفريق الذي كسب والفريق الذي خسر جراء ذلك . وفي الماضي غير البعيد أبرم الفلسطينييون شيئا أكبر من التهدئة أطلقوا عليه "الهدنة" وهو تعبير ديني أكثر منه سياسي إجترحه المرحوم أحمد يسن قبل أن يتم إغتياله . الهدنة التي دامت مدة سنة تقريبا توصل اليها رئيس السلطة محمود عباس وانضوى تحتها جميع الفصائل بما في ذلك الجهاد والشعبية ، كما الحال الآن في موضوعة التهدئة التي رعتها مصر هذه المرة .

التهدئة التي تفيد أقل من الاعتراف بالخصم وأكثر من مجرد عدم التصعيد ، هي اقل من الهدنة التي نعرف كلنا ان اسرائيل هي التي خرقتها ، ونميل للاعتقاد ان اسرائيل حين وافقت عليها لم تكن حماس تعني أكثر من فصيل معارض يناكف فتح وفتح تناكفها ، وكانت الخطة هي استدراجها الى الانتخابات والزامها برأي الاغلبية البرلمانية والفصائلية التي نراها اليوم بوضوح أكثر من أي وقت مضى "معاهم معاهم ، عليهم عليهم " كما يقول المأثور الشعبي .

لقد تحولت الهدنة والاستدراج للانتخابات التي قاطعت حماس شقها المتعلق بانتخاب الرئيس عام 2005 الى قلب الموازين برمتها في الانتخابات التشريعية عام 2006 والى قلب الطاولة في غزة وانتزاع السلطة عام 2007 ، الأمر الذي دفع اسرائيل لأن تعض على إصابعها ، ليس فقط لفشل خطتها ، بل أيضا إزاء الانسحاب المجاني من القطاع وإخلاء جميع المستوطنات ، ليبدأ التخطيط لاحتلال غزة من جديد ، ولكن لا بأس قبل ذلك من تجريب الحصار والتجويع والذي بدون أدنى شك قد خرج منه شعبنا في غزة بقيادة حماس منتصرا .

إن الذي يرى اقل من ذلك ، فإنه مسكون بفئويته ، والذي يرى أبعد من ذلك فإنه لا يرى إسرائيل بما مثلته وتمثله في المنطقة برمتها خلال ستة عقود خاضت خلالها حوالي عشر حروب ، والقادم أخطر ، ولهذا وصف اولمرت التهدئة بأنها هشة حتى قبل أن تبدأ ، وابى الا أن يدخلها بإغتيال عنصر قسامي قبيل التنفيذ . بل لربما هذا هو السبب الذي تم فيه إطلاق تسمية تهدئة على الاتفاق وليس هدنة أو شيء آخر ، مسقوقة بستة أشهر .

قال أحد الضباط الذين داهموا بيت لحم قبل بضعة أيام لصاحبة المنزل : إنكم تريدون أحمدي نجاد ليس في غزة فقط ، بل في الضفة أيضا . و هل يتخيل أحد أن تذهب حماس الآن لمقاطعة انتخابات الرئاسة كما فعلت قبل أربعة أعوام ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق