الاثنين، 24 يناير 2011

"حين يأكل قط ما يشبع عائلة في عدن"

ليس اسوأ من مسؤول عربي يخرج علينا ليبدي قلقه إزاء الوضع المتفجر في قطر عربي آخر متجاهلا ما يمر به قطره ، فيظهر بمظهر المصلح الحريص على القطر الآخر عملا بالحديث الشريف "اذا اشتكى منه عضو ، تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى" وبمظهر القوي المكين السليم إزاء اوضاع شعبه ووطنه من انه بدون ادنى شائبة .

فترى المصري يبدي قلقه على الوضع اللبناني ، واللبناني يقلق على اليمني واليمني على الفلسطيني والفلسطيني على السوداني والسوداني على الجزائري والجزائري على الصومالي والصومالي على العراقي والعراقي على الليبي والليبي على السعودي والسعودي على القطري والقطري على التونسي ... الخ ، وربما تجد نظاما يمتد قلقه ليطول أكثر من قطر في الوقت ذاته ، متصورا انه أب الجميع بحكم سنه او ماله او كبرعدد سكانه او وسع مساحته ، في حين ان المياه تتسرب من تحت أقدامه ، تماما كما تسربت من تحت اقدام بن علي .

المتطلع للوطن العربي من محيطه الى خليجه ، يراه مرجلا يغلي ، يصهر كل ما يطوله فوه ، وتكاد مواده المنصهرة تفيض الى ما حوله فتحرق الاخضر واليابس ، وتكاد رائحته الخانقة تقتل البشر والشجر .

فالديمقراطية شبه معدومة في هذا الوطن ، وحين يكون هناك جانبا محدودا منها يتمثل في اجراءات شكلية موسمية كإجراء انتخابات ، اما يكون جوهرها طائفيا ، او مزورة ، او محدودة لا تمس هرم القطر . وما بين كل دورة ودورة لا تحقق الجماهير هدفا واحدا من هذه الانتخابات ، ولهذا اصبحت تعزف عنها ، وفي بقية ايام السنوات ما بين الانتخابات ، يقمع المواطن العربي قمعا مشينا ، بل ويمنع من حرية التعبير عن رأيه ومعتقده ، وتتدخل أجهزة الامن في خصوصياته بما في ذلك لباسه( حجاب المرأة وبنطلونها) وقصة شعره ، ولا يسمح له بالتظاهر والاعتصام والاحتجاج ، ولا حتى الهتاف لفريقه حين يفوز في كرة القدم ، فماذا تراه يفعل بعد ذلك . يكظم غيظه ، وينطوي على نفسه ، من الدار للشغل ومن الشغل للدار ، وكما يقول البعض " من الفرشة للورشة" ، ولكن ماذا يفعل اذا لم تكن هذه الورشة سوى مستوطنة ، كما يحصل مع العمال الفلسطينيين ، او عملا اسودا ، لا يتناسب مع ما حصله المواطن من تحصيل علمي ، فماذا اذا لم تتوفر تلك الورشة من أصله ، فيقول في ذاتيته : رضينا بالذل ولكن الذل لم يرض بنا .

فماذا بعدها اذا ارتفعت اسعار المواد الاساسية دفعة واحدة ، وماذا اذا رأى مسؤوليه يغرقون في الفساد و ينفقون ببذخ لا يوصف ، وكما قال الشاعر "يأكل قط ما يشبع عائلة في عدن" . حينها سيخرج المسؤول هذه المرة ليبدي قلقه عليهم ، فيقول لهم كما قال زين العابدين بن علي : فهمتكم . لكن حينها كانت قد احترقت تونس .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق