الاثنين، 10 يناير 2011

معادلة مواطن أكثر منها أوطان 10-1-2011

استغرق الشعب الجزائري لإدراك ان التحرر السياسي لا يغنيه عن الخبز خمسين سنة ، وكذا الحال مع الشعب التونسي والسوداني واليمني وبقية شعوب هذه الامة ، بل وكل شعوب العالم الثالث التي ابتليت بجملة من الاستعمارت قديمها وحديثها ، التي نهبت خيراتها ، ووجدت نفسها امام المقاومة الشعبية والوطنية مضطرة للانسحاب والخروج من الباب ، لكنها بعد ذلك عادت لتقفز من الشباك ، بمساعدة من وكلائها وسماسرتها المحليين واحيانا الوطنيين الذين أسهموا في مقاومتها في يوم من الايام .

لقد اثبتت هذه الشعوب ان بإمكانها غض الطرف عن موضوعة التحرر الاجتماعي والمساواة والعدل والحريات والديمقراطيات ، لو أنها لم تقترن بالجوع والفقر والبطالة والمرض ، فهذه حاجات رئيسية لا يستطيع الكائن الحي الاستغناء عنها ، خاصة عندما يرى نخبة الوطن تعاني من التخمة ، وتضيق بأموالهم بنوكهم الوطنية ، فيصل الامر بخريج جامعي تونسي ، ان يقدم على إشعال النار في نفسه ، بعد ان منعته الشرطة من ممارسة بيع البندورة من على عربة لكي يقيت نفسه وأمه .

في مواطن اخرى ، وهي مفردة أقرب للدقة من كلمة الاوطان ، ينتحرون بالجملة ، مثل موجات الهجرات الى الشمال الاوروبي ، فيموتون إما غرقا واما قنصا ، كما يحدث مع الاريتيريين والسودانيين عبر سيناء ، او ما طالب به العقيد القذافي من الاتحاد الاوروبي مؤخرا لدفع خمسة مليارات دولار مقابل التصدي لهؤلاء المهاجرين عبر حدوده .

في الجزائر ، التي قدمت مليون شهيد من اجل طرد الاستعمار الفرنسي ، قدمت ضعفهم هجروا الوطن المحرر الى البلد المستعمر ، وتفيد الكاتبة الجزائرية احلام مستغنمي ، ان الجزائريين يصطفون في طوابير للحصول على التأشيرات من السفارة الفرنسية ، ونتيجة اليأس والاحباط ، تجد في الشارع ما بين كل مسجد ومسجد بارا ، او بين كل بار وبار مسجدا ، ففيهما يعتقد المحبط خلاصه .

في كل هبة شعبية ، يقدم النظام مسكنا ، كما مع إقالة اربع وزراء في تونس ، او تخفيض الاسعار ووقف الضرائب لعدة أشهر في الجزائر ، لكن هذه المسكنات سرعان ما يزول اثرها ، او تصبح بلا مفعول .

جنوب السودان برمته قرر الانتحار بطريقته الخاصة بالانفصال عن هذا الوطن الكاذب ، وكأن الشمال يعيش الرخاء والازدهار ، حتى المواطن العربية التي لها اوضاع اقتصادية مستقرة ، لا يشعر فيها مواطنها بأكثر مما تشعر القطعان : مأكل ومرعى ، نصف شعوبها (المرأة) تأكلها مرارة قسوة الانسان بحق اخته الانسانة ، تجلد في الشوارع لأنها تلبس بنطلون ، وتمنع من قيادة السيارة ، ويطلب اليها ارضاع زميلها ، واخيرا يشرع للذكر زواجا جديدا اسمه زواج النهار ، بعد المسيار والمسفار والمتعة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق