الثلاثاء، 6 أبريل 2010

اسرائيل ليست بهذا الغباء لتهاجم غزة


تتضاءل الاسباب التي تدفع اسرائيل لشن هجوم جديد على غزة ، على الاقل من الوجهة المتعلقة بغزة وبالحركة التي تحكمها ، وأي مراقب ومعايش للحقبتين السالفة والحالية يدرك بسرعة بصره وبصيرته ان حماس ليست حركة واحدة .
في الحقبة الاولى كانت لا تعدم طريقة الا وتستخدمها في مقارعة اسرائيل وإنزال الضربات في جميع جنباتها بما في ذلك مطاعمها ومدارسها وحافلاتها وملاهيها الليلية ، في جنودها ومستوطنيها وسكانها ، في عمقها واطرافها ، في ليلها ونهارها وصيفها وشتائها ، في الحقبة الحالية نراها لا تقدم على شيء يذكر من هذا القبيل ، ونراها لا تعدم تبريرا الا وتلجأ اليه لتجنيب اسرائيل ذلك ، والحديث هنا لا يقتصر على غزة التي اصبحت حاكمها الاوحد ، ولا على صواريخ القسام ، بل في كل مكان وبأي وسيلة كفاحية اخرى بغض النظر ان كانت اعقد ام اسهل .
ترى هل تكون الحركة قد وقعت سلاما مع اسرائيل دون ان ندري ، وهو ما يدفعها لأن تقدم على منع الاخرين من اطلاق "قساماتهم" فتصبح كمن لا يريد ان يرحم ولا يريد لله ان يرحم ، وحين نصيخ السمع قليلا يقولون ان هذا من أجل مصلحة الوطن العليا .
في المرحلة الماضية ، كانت حماس بدون لسان ، او ان فعلها هو لسانها ، بمعنى انها لم تكن لتتحدث عن افعالها ، بل تترك افعالها تتحدث عنها ، وفي ذاك الكثير من الخير والتقدم ، فقد قال الرسول محمد (ص) لا بارك الله في أمة سبقت اقوالها افعالها .
في الحقبة الحالية لا نرى لحماس اي شيء من ذاك القبيل ، بل اقوال في اقوال ، بغض النظر عن إن كانت ستنفذها ام سيطويها الزمان كما طوى من سبقها .
وقد يكون كل ما (تقوله) من تهديدات ازاء اسرائيل صحيحا ، على اعتبار ان الاخوان يعرفون اكثر منا بصفتهم حكومة مسؤولة(مقالة) ، ولكن ألم يكن هذا لسان حال من سبقهم في الحقبة الماضية حين لم يكونوا في الحكومة ، وعليه فإنه من الاصوب القول "مصلحتهم العليا" لا مصلحة الوطن . فالوطن ، كما ما زلتم تذكرون لا يزال محتلا ، واليوم اصبح وطنان ، والقدس ليس لها من يدافع عنها سوى اوباما وقمة سرت ، والشعب تطحنه طاحونة ثلاثية الشفرات : شفرة الجوع وشفرة الاحتراب وشفرة الفصام بين ثورته السابقة التي تحولت الى حكومة دون ان تحقق له شيء يذكر وبين ثورته الثانية التي بدورها سرعان ما اعلنت نفسها حكومه ، وأدارت ظهرها لطموحاته وتطلعاته في الحرية والاستقلال ، وبهذا يكون - الشعب - قد دخل مرحلة الكوما التي لا يعلم الا الله متى يفيق منها .
وعليه ، فإن الوضع الحالي بالنسبة لاسرائيل هو وضع نموذجي ، لا نعتقد ان اسرائيل تطمح في ان تجد ما هو افضل منه ، على الاقل خلال الحقبة المستقبلية المنظورة ، ناهيك ان الخلاف الفلسطيني يتعمق ويتأصل ويتجذر ، للدرجة التي دفعت كاتبا اسرائيليا ان يطالب حكومته بإعادة غزة لمصر كما تم اعادة الضفة للاردن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق